ميلاد اللوتس - محفوظ فرج

قبلتك الأولى
 
ميلاد لبذور اللوتس
 
حين يقبّلها الماء بقاع الرمل
 
تمسّد شعر حشائش روحي
 
كالسمك البني بحوض الثرثار
 
ينقّّر في خديّ فيسري خَدَر أخّاذ
 
تبعثه أنفاسك
 
رائحة الغرين تحت ضفاف خريسان
 
ألقى نفسي في زورق صيد
 
أتمعن في نور الشمس وراء الغيم
 
علّي أمسك في منعطفات خيالي
 
قبضة شعر ذهبي من خصلاتك
 
وهي تلامس وجهي
 
فتصفق أجنحة الزاجل فوقي
 
من في البال ؟
 
قولي نأتك من أقصى مدن الهجرة
 
بالأخبار
 
أقول حبيبي
 
ما غادر قيعان الخلان
 
حبيبي
 
مازال على الضفة
 
يرقبني
 
 
يرقب أسراب صبايا الكسرة
 
يدلفن إلى قاعات الدرس
 
بأحلام تتعدى الصبوة
 
يبرق من أعينهن السحر البغدادي
 
ويلتف حزاما حول الخصر الأهيف
 
يسأل عني
 
كل صباح في جرمانة
 
وفي ساحة سعد
 
في بيروت وفي عمان
 
هل مرت فاتنة وعباءتها
 
الشعر المسدول
 
يغطي قامتها الفرعاء
 
يقولون
 
انتبهوا لمجانين العشاق
 
من المس
 
لم نلمحها حتى في الحلم
 
لم نلمح ذلك إلا ما قيل
 
بوصف عرائس دجلة
 
حين ترى الموج
 
يحاكي أرجلهن البيضاء
 
لم نلمح ذلك إلا عند الحوريات
 
يحاذين النخل النجفي
 
وأعينهن فضاءات لجنان
 
سبح فيها الليل
 
وصلى لله وأسرف في الأذكار
 
يتخللني نور بهائك
 
حين يخامرني أن تحضن روحي
 
بسمة عينيك
 
أقول دعيها مرود هدبك
 
لتبصر كيف تموج نهر ديالى
 
وغطى النارنج سهول بلادي
 
 
أقول دعيها تألف لحظك
 
كي تتعلم من لفتاتك
 
كيف تبرعم ورد النرجس في أفياء قميصك
 
وكيف وكيف
 
تناغم صف الأزرار على جيب التفاح
 
وتعلم سرب النحل بالهام أزلي
 
كيف يقبّل ثغر القداح
فكنت رحيقا مكتوما باركه الرب
 
وأهداه لسومر منذ ملايين سنين ضوئية
 
منذ الحزن الرابض بين النهرين
 
على من غابوا
 
قربانا للنخل السامق
 
في بدرة تأوي تحت ذراريه
 
ملكات الحسن
 
من قال بأني أسعى لجمال أيا كان
 
وأنت أعدت الىّ طفولتك الأولى
 
وأنا بين براءتها
 
أذهب بالعقل إلى أوطان
 
تغفر للمجنون نوازعه
 
وتنام كما برقة يغسلها المطر النوراني
 
وتلبس ثوب عرائس بابل
 
حين يميل الجسر على وقع خطاهن الملكية
 
أقول لدابا قطع أجنحة الريح
 
الشرقية والغربية
 
حتى لاينفلت الزورق في مجرى
 
مكحول
 
وافقد صيدي وهي قريب مني
 
لا تحرمني من رقة طلعتها
 
القزحية
 
أمهلني
 
أركض عبر الساحل
 
كفا في كف تحت رذاذ المطر
 
النيساني
 
أمهلني الثمها من ضفة الشرق
 
إلى مغربها
 
فصبايا الكحلاء
 
يراودهن السمك العائم
 
تحت البردي
 
فينفرن تباعا يتشهى الورد الجوري
 
أناملهن
 
ويهتز جنى الرمان على وقع
 
خطاهن
وحين يمررن بأطراف الشعر
 
على الماء يرتجف الفيروز بأعماق
 
النهر
 
يحلم أن يغفو في طيات ملابسهن
 
لينعم في سحنتهن الآشورية
 
ما أبهى تربتك الخمرية
 
يا نور العين
 
كل تمن لا يجدي لكني احلم
 
أن أتماهى فيك
 
على طول الأزمان
 
أتناسل نبتة حناء
 
أو نورسة
 
ليس تفارق دجلة
 
أو واحدة من بعض فسائل برحي
 
تتغذى من فرط حنانك
 
لا أقوى يا ماء العين أفارق هذا العبق
 
النافح في عمق شراييني
 
لا أقوى أن تبعدني الغربة
 
عن نجواك
 
وعن فتنتك السامرائية
 
للورد المترع في ريّا خديك
 
تعددت القبلات على شجر الخابور
 
حين انسربت دجلة
 
تغري البط البري الراحل يمضي
 
أجمل ساعات العمر على صدر الموج
 
من غيرك أسأل عنه
 
وأنت سؤال
 
حير ألباب الشعراء
 
وغيب فيه الحلاج
© 2024 - موقع الشعر