الدواء الطائفيُّ (1) للدّاءِ الطائفيِّ (2) - فيصل محمد الحجي

كَمْ كَرهْنا كَوْنَ الْهَوَى طائِفِيَّا(2)
فَغَدَوْنا

نَهْوَى الْهَوَى طائِفِيَّا !(1)
ضَمَّتِ الطّائِفُ الطّوائِفَ .. لمَّا

طافَ داعِي السَّلام ِ شَهْماً وَفِيّا
طافَ يَذرو عَلى الْقُلُوبِ وئاماً

وَ عَلى الْجُرْح ِ بَلْسَماً سِحْريَّا
طافَ يُهْدِي للثّاكِلاتِ عَزاءً ...

وَيُظِلُّ الأيْتامَ ظِلاً حَنِيَّا
طافَ يُدْنِي مِنَ الْقَريبِ قَريبا

صَيَّرَتْهُ حَرْبُ ( الْفِجار ِ) قَصِيَّا(3)
أضْحَتِ الطّائِفُ الطّبيبَ لِشَعْبٍ

مَزّقَتْهُ حَرْبُ الطّوائِفِ حَيَّا
عَبَثَتْ في جِنانِهِ الشَّياطِينُ حَتّى

جَعَلُوها جَحِيمَهُ الْمَغْلِيّا
***

أيُّها الْمُسْلِمُونَ هَلْ قالَ ( طه ) :
إحْفِروا لِلدِّماءِ نَهْراً سَريّا ؟

يا نَصارى هَلْ قالَ لِلنّاس ِ (عِيسى):
إذبَحُوا النّاسَ بُكْرَة ً وَ عَشِيَّا ؟

إنَّ عِيسى وَ الْمُصْطَفى ما أرادا
أنْ يَكُونَ الإنْسانُ وَحْشاً ضَريَّا

إنَّ عِيسى وَ الْمُصْطَفى ما أرادا
كَوْنَ لُبْنانَ بائِساً وَ شَقِيَّا

يَبْرَأُ الدِّينُ مِنْ جَرائِم ِ قَوْم
حِينَ جُنُّوا لَمْ يَرْحَمُوا إنْسِيَّا

فِتْنَة ٌ ما عَبَدْتُمُ اللّهَ فِيها
بَلْ عَبَدْتُمْ مِنْ دُونِهِ كُرْسِيّا (4)

أتَسَمُّونَ ذا الْقِتالَ حَياة ً؟
أمْ جَحِيماً يُصْلِي الْعِبادَ صِلِيّا؟

كَمْ سَمِعْتُمْ قَبْلَ الدَّويِّ دَويَّا
وَ سَمِعْتُمْ بَعْدَ الدَّويِّ دَويَّا ..!

غَيْرَ أنَّ الدَّويَّ مَهْما تَعالى
لَمْ يُنَبِّهْ مِنَ الضَّلال ِ غَويَّا!

***
قادَة َ الرَّأي ِ وَ الْهُدى هَلْ سَمِعْتُمْ

صَوْتَ ( صَيْدا ) يَئِنُّ أوْ ( راشَيَّا ) ؟ (5)
وَ الْعَويلَ الْمَفْجُوعَ يَهْطُلُ حُزْنا

فَوقَ ( بَيْرُوتَ ) يَسْتَغِيثُ مَلِيَّا ؟
حَطَّمُوا قَلْبَها الْحَزينَ جُذاذاً

وَ الْجَناحَ الشَّرقِيَّ وَ الْغَرْبِيَّا
فَهَوَتْ مِنْ ضَراوَةِ الْقَصْفِ ثَكْلى

وَ اكْتَسَتْ مِنْ غَلائِل ِ الْبُؤْس ِ زيَّا
وَ ( طَرابُلْسُ ) هَلْ سَمِعْتُمْ نِداها

تَنْدُبُ الشَّهْمَ وَ الْغَيُورَ الأبِيَّا
فَنِداها قَدْ شَقَّ سَمْعَ الثُّرَيَّا:

يا حُماة َ الْحِمى : إلَيَّ إلَيَّا !
غَيْرَ أنَّ الْحُماة َ لَمْ يَسْمَعُوها

وَ كَأنَّ الآذانَ بَعْدَ الثُّريَّا !
أيُّها الْعاقِلُونَ حَتّامَ يَبْقى

صانِعُ الشَّرِّ في الْبِلادِ عَلِيّا ؟
أيُّها الْعاقِلُونَ حَتّامَ يَبْقى

طائِشُ الْعَقْل ِ حاكِماً فِعْلِيّا ؟
كَيْفَ نُقْصِي عَن ِ الأُمُور ِ رَشِيداً

وَ نُوَلِّي مُراهِقاً أُمِّيّا ؟
ما ارْتَقى الأمْرَ بِالْكَفاءَة ِ إلاّ

إنَّهُ صارَ بِالسِّلاح ِ قَويَّا
ضاقَ لُبْنانُ بِالْفَراعِنَةِ الْحَمْ

قى وَ أضْحَى كَريمُهُ مَخْزيَّا
كُلُّ ( حَيٍّ ) يَعْتادُ - بِالرَّغْم ِ مِنْهُ -

كَوْنَ فِرْعَوْنِهِ الصَّغِير ِ نَبِيَّا(6)
قَوْلُهُ الْوَحْيُ .. وَ الْبَيَانُ رَصاصٌ

وَ بَلاءٌ يَغْتألُ عَيْشاً رَخِيَّا
أيُّها الْعاقِلُونَ قُومُوا اسْْتَردُّوا

دَفَّة َ الْحُكْم ِ وَ الْهُدى الْمَرْضِيَّا
وَ اسْلُكُوا مَسْلَكَ الْعَدالَةِ وَ امْضُوا

في طَريق ِ الإصْلاح ِ وَ ابْنُوا رُقِيّا
وَ أعِيدُوا مَجْدَ لُبْنانَ يَرْجِعْ

مِثْلَما كانَ سَيِّداً عَرَبِيّا
وَ احْذروا الثّعْْلَبَ الْمُخادِعَ مَهْما

لانَ قَوْلاً .. فَالْمَكْرُ يَبْقى خَفِيَّا
وَ الأفاعيْ .. مَتى رَأيْتَ الأفاعي

تَبْتَغِي لِلأنام ِ عَيْشاً هَنِيَّا ؟
***

إيهِ لُبْنانُ ..! يا سَمِيرَ اللّيالي
ما عَهِدْناكَ باكِياً مَبْكِيّا

ما عَهِدْناكَ في الْحَوادِثِ إلاّ
باسِمَ الْمُلْتَقى جَميلَ الْمُحَيَّا

كُنْتَ مَشْفى النُّفُوس ِ حُسْناً وَ أُنْساً
وَ غِذاءَ الْعُقُول ِ شِبْعاً وَ ريَّا

بَدِّدِ الْكَرْبَ وَ انْطَلِقْ لِلْمَعالي
كَيْ يَعُودَ الإبْداعُ لُبْنانِيّا !!

مناسبة القصيدة

على هامش لقاء البرلمانيِّين اللبنانيِّين ( عام 1410هـ ) في مدينة الطائف برعاية المملكة العربيّة السعوديّة الذي انتهى بإيقاف الحرب الأهليّة ، وعودة الأمن و الســلام و الوحدة الوطنيّة وقيام حكومة مركزيّة ...!
© 2024 - موقع الشعر