اِنْهَضْ يا عبدَ الله - هلال الفارع

انْهَضْ يا عبدَ اللَّهِ الْمُقْعَدْ
 
افتحْ عَيْنَيْكَ،
 
فصَوْتُ الضَّوْءِ القادِمِ مِنْ وَجَعِ الصَّمتِ يُنَادِي:
 
يا عبدَ اللهِ الْمُجْهَضْ
 
هذا دَرْبُكَ مَرْصُوفٌ،
 
للشَّمْسِ على مَرمَى حَجَرٍ،
 
يَسْتَجْدي خَطْوَكَ أنْ يَعبُرَ..
 
فانْهَضْ
 
أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ الآنَ
 
بِكُلِّ الأَيْمانِ بِِأَنْ تَنْهَضْ،
 
اِفتَحْ أُذُنَيْكَ،
 
فهذا المارِدُ فيكَ،
 
" يَسُوقُ عليكَ اللهَ "
 
بِأَنْ تَتَمَرَّدْ
 
حَرِّكْ أَوْصَالَكَ،
 
نَهْرُ الكَوْنُ يفيضُ على الأَحرارِ زَبَرْجَدْ
 
جَرِّبْ ثانِيَةً...ثالثةً... أو حتى ألْفًا،
 
لا تَسْتَسْلِمْ للرَّهْبَةِ والْمَقْعَدْ
 
أَعْلَمُ أَعْلَمُ أَعْلَمْ.......
 
لا تُسْهِبْ في الشَّرحِ،
 
وفي ذَرِّ الْمِلْحِ على الْجُرْحِ،
 
فَإنّي أَعْلَمْ:
 
جَلاَّدُكَ وَغْدٌ.. مِنْ وَغْدٍ..
 
مِنْ جَدٍّ أَوْغَدْ
 
لكنِّي يا عبدَ اللهِ الْمُعْدَمْ
 
أَعْلَمُ – أيضًا –
 
أَنَّكَ مِنْ كُلِّ الْجَلاَّدينَ،
 
أَشَدُّ وَأَصْلَدْ
 
***
 
قُمْ عبدَ اللهِ.. تَجَلَّدْ
 
قَامَتْ قائِمَةُ الإنسانِ،
 
وهَاجَتْ دائِرَةُ السُّلطانِ،
 
وَمَاجَ الخوفُ كثيرًا،
 
والأَمْرُ تَصَعَّدْ
 
ما زِلْتَ تَمُوتُ وَحِيدًا،
 
مَحْشُوًّا بِالقَهْرِ،
 
ومَسكُونًا بالذُّعْرِ،
 
وَمَرهُونًا للبيتِ الأَسْوَدْ
 
اِشْحَنْ مَخْزَنَكَ الْكَامِنَ عنْ آخِرِهِ الآنَ،
 
وَفَتِّشْ عنْ رَأسِ الْخَيْبَةِ فيكَ،
 
وَأَطْلِقْ...
 
لا وَقْتَ لأََنْ تَتَرَدَّدْ
 
لا وَقْتَ لِكَيْ تَتَوَضَّأَ بالماءِ،
 
إليكَ الرَّفْضُ الْقَابِعُ فيكَ.. تَيَمَّمْ
 
اِرْفَعْ رَأْسَكَ عبدَ اللهِ.. تَقَدَّمْ
 
صَوِّبْ لِلْقِمَّةِ خُطْواتِكَ،
 
واشْدُدْ رأْسَكَ بالشَّمْلَةِ.. وَاصْعَدْ
 
اِخْلَعْ أَدْرَانَكَ عنكَ،
 
تَزَنَّرْ بِالْكِلْمَةِ،
 
واقْرَأْ فَاتِحَةَ الثَّوْرَةِ في كُلِّ صَلاةٍ...
 
وَتَشَهَّدْ
 
يا عَبْدَ اللهِ احْتَقَنَ الصَّدْرُ،
 
وَجَدَّ الأَمْرُ،
 
ومَا زالَتْ أَنْفَاسُكَ تُمْعِنُ في أَوْرامِ الْكَبْتْ
 
مَا زالتْ آهَاتُكَ تُوغِلُ في مَوْتِ الصَّوْتْ
 
وَتَكادُ تَمَيَّزُ مِنْ هَوْلِ الغَيْظ،
 
فلا تَجْرُؤُ
 
- مِنْ فَرْطِ الذُّلِّ -
 
على أنْ تَتَنَهَّدْ
 
هَلْ صَنَمٌ أَنْتْ؟
 
حَتَّى الأَصْنامُ احْتَالَتْ
 
- عبدَ اللهِ - على الصَّمْتِ
 
وكانتْ آلِهَةً تُعْبَدْ!!
 
هل تَخْشَى المَوْتْ؟
 
اِنْهَضْ... فَالْمِيتَةُ واحِدَةٌ،
 
مُتْ في زَفَّةِ مَيْدَانٍ
 
حِينئذٍ.. تَحيا مِنْ مَجْدِ الْمَشْهَدْ
 
***
 
يا عبدَ اللهِ الْمُجْهَدْ
 
ما زالَ على صَدْرِ جِدَارِكَ
 
مِنْ زَمَنِ الثَّوْرَةِ هِنْدِيٌّ لَمْ يُغْمَدْ
 
ماذا تَنْتَظِرُ الآنَ.. تَحَرَّكْ
 
مُدَّ يمينَكَ للسَّيْفِ...تَحَرَّكْ.. وتَجَدَّدْ
 
اِشْرَبْ نَخْبَ أبيكَ، ونخْبَ أخيكَ
 
ونخْبَ امرأَةٍ ما عادَتْ راغبةً فيكَ،
 
ونخبَ زمانٍ – يا عبدَ اللهِ - تَهَوَّدْ
 
حَاذِرْ.. وَتَعَلَّمْ
 
فَعَلى بابِكَ عَدَّادٌ لِلنَّبْضِ،
 
فَحَاذِرْ أَنْ تَفْتَحَ بابَكَ،
 
مِنْ دُونِ صَهيلِ الْقَلْبِ... فَتَنْدَمْ
 
قَلِّبْ جَنْبَيْكَ قَليلاً..
 
وَاقْفِزْ مِنْ نَافِذَةِ الْبَيْتِ الْخَلْفِيَّةِ،
 
فالكلبُ البَاسِطُ في السَّاحَةِ
 
- خَلْفََ البابِ – ذِرَاعَيْهِ،
 
لِلقلْبِ تَسَدَّدْ
 
اُخْرُجْ عِنْدَ أَذَانِ الْفَجْرِ،
 
وَلا تُعْلِنْ عَنْ وُجْهَتِكَ الأُولَى
 
واسْتَخْدِمْ بَوْصَلَةَ الْقَلْبِ،
 
سَيَهْدِيكَ القلبُ إلى الغَارِ،
 
وَقَدْ تَلْقَى في الْغَارِ مُحَمَّدْ
 
قُلْ،
 
- مَهْلاً يا عبدَ اللهِ...تَأَدَّبْ
 
هذا النُّورُ السَّاطِعُ في الغارِ،
 
كما أنتَ،
 
وأَكْثَرَ منكَ تَعَذَّبْ -
 
قُلْ:
 
يا حِبَّ اللهِ أَتَيْتُ السَّاعَةَ مِنْ وَطَنِي
 
هَاجَرْتُ السَّاعَةَ مِنْ كَفَنِي
 
وَتَرَكْتُ ورائي قُدْسِي
 
تَلْتَحِفُ الغُصَّةَ،
 
ما مِنْ شيءٍ أحمِلُ في الهِِجْرَةِ إلاَّ نفسي
 
وتَرَكْتُ عِراقي
 
يا حِبَّ اللهِ... فَأَيْنَ بُرَاقِي؟
 
سَيُشِيرُ – وَتَفْهَمُ بالقَلْبِ –
 
إِلَى مَجْدٍ مَهْجُورٍ مِنْ زَمَنٍ..
 
يَدْعُوكَ لِكَيْ تَصْعَدَ
 
... فاصْعَدْ!!
© 2024 - موقع الشعر