أسرجْ حِصانَكَ أَوَّلاً - هلال الفارع

لا تَبْتَئِسْ يا سيِّدي
 
إِنْ قُلْتُ أَنتَ سِوايَ،
 
تلكَ هيَ الحقيقَهْ
 
قدْ نَستَوي في الخَلْقِ،
 
طينٌ واحِدٌ طينُ الخَليقَهْ
 
ولربَّما انْحَدَرَتْ عُروقُكَ
 
- ليسَ مِثلي -
 
مِنْ سُلالاتٍ عَريقَهْ
 
وَلرُبَّما... ولربَّما
 
ويَظَلُّ أَنَّ لِكُلِّ شَيْخٍ
 
- مثلما قالوا -
 
طَريقَهْ !!
 
***
 
يا سيِّدي،
 
دَعني أَقولُ صَراحةً،
 
ما لي عَليْكَ، وما عَلَيَّهْ
 
أَنا لنْ أَقولَ بِأَنَّني الرَّقَمُ الأَصَحُّ،
 
وأَنَّني مِفتاحُ، أو سِرُّ القَضِيَّهْ
 
أَنا لنْ أَقولَ بِأَنَّني
 
جَمَلُ المَحامِلِ في الصَّحارى الجاهِلِيَّهْ
 
أَنا لمْ أَقُلْ:
 
في مَوْطِني كالقاتِ والأَفْيونِ
 
تُعتَقَلُ الحَمِيَّهْ
 
بعضُ الحَقائِقِ دونَ قائِلِها تُقالُ،
 
ودونَ بَهْرَجَةٍ تَكونُ المَنْطِقِيَّهْ !!
 
أَنا قُلْتُ:
 
إِنِّي بَعضُ هذا الطَّوْدِ
 
مِنْ أَجسادِ أُمَّتِنا الغَبِيَّهْ
 
لكنَّني الجَسَدُ الوحيدُ بهِ الذي
 
ما زالَ يَنْزِفُ أَبجَدِيَّهْ
 
هوَ نَفْسُهُ الجَسَدُ الذي
 
مِنْ أَجْلِ أَنْ تَهْنا
 
قُلوبُ الغِيدِ في وَطَني
 
يُعانِقُ بُندُقِيَّهْ !!
 
***
 
يا سيِّدي:
 
اذهَبْ وفاوِضْ دونَ تَفويضٍ فما
 
عادَتْ كَسابِقِ عَهْدِها
 
تَهوى انْطِلاقَتَها الخُيولُ المازِنِيَّهْ
 
خُذْ كُلَّ ما يَكْفيكَ مِنْ زادٍ، وَمِنْ ماءٍ،
 
فَإِنَّ إِمامَكَ العَنَتُ الكثيرُ،
 
وَأَنتَ مَفتوحُ الشَّهِيَّهْ
 
أَكثِرْ فهذا اللحمُ مِنْ خيرِ "العدُوِّ"
 
يعَبِّئُ الطُّرُقاتِ في صَبْرا وَشاتيلا،
 
وهذا الدَّمعُ في عَيْنِ الأرامِلِ
 
ذو عَطاءاتٍ سَخِيَّهْ
 
لا تَخْشَ عِبْءَ الحِمْلِ
 
إِنَّ جميعَ هذا اللَّحمِ أَفئِدَةٌ طَرِيَّهْ
 
شَبَّتْ على حُلُمِ الرُّجوعِ،
 
فَعاجَلَتْها – دونَ أَنْ تَدري –
 
سكاكينُ المَنِيَّهْ
 
خُذْ كُلَّ ما يَكفيكَ
 
فالجَدَلُ الذي سَتُثيرُهُ
 
يَحتاجُ مِنكَ لَباقَةً،
 
أو أَلْمَعِيَّهْ
 
أَكْثِرْ..
 
فليسَ بِغَيْرِ هذا اللَّحْمِ
 
تَبْرُزُ عَبْقَرِيَّهْ
 
واذهبْ كما لو أَنَّ حِطِّينًا
 
حِكايَةُ سامِرٍ
 
أَو لم يَكُنْ في عُمْرِ قَومِكَ.. قادِسيَّهْ !!
 
***
 
يا سَيِّدي:
 
عَبَثًا تُحاوِلُ،
 
لَنْ يَكونَ بِغَيْرِ حَدِّ السَّيْفِ
 
تَحديدُ الهُوِيَّهْ
 
يا أَيُّها المُتَفاوِضُ المَوْهُومُ،
 
إِنَّكَ واهِنٌ جِدًّا،
 
وَخَصْمُكَ واثِقٌ جِدًّا،
 
فَكيفَ يُوائِمُ الوَهَنُ الشَّديدُ العُنْجُهِيَّهْ ؟!!
 
أَسْرِجْ حِصانَكَ أَوَّلاً
 
فالحَرفُ عِنْدَ العَزْمِ يَغْدو كالشَّظِيَّهْ
 
هي ذي الطَّريقُ،
 
وَذي الحُروفُ،
 
ولِلبَنادِقِ أَوْلَوِيَّهْ
 
أَمَّا إِذا لم تَقْوَ أَنتَ،
 
فلا تُضِعْ مِنَّا القَضِيَّهْ
 
دعْ كُلَّ ما يُضْنيكَ
 
إِنَّ وراءَ هذا الضَّعفِ
 
أَجيالاً... وأَجيالاً
 
قَوِيَّهْ !!
© 2024 - موقع الشعر