رمل الأحاديث الشريفة - أحمد بشير العيلة

ويسألني نخيليَ عَنِّي
 
هربتُ من الخصب خوفَ السؤال
 
أيُّ الجذوع كفيلٌ بهزِّ يديَ بُعيد الشحوب ليسَّاقط الوجد
 
لا وجهَ لي في مرايا المياه
 
ولا ماءَ لي في الوجوه الصديقة
 
أنا قمةٌ في الجفاف
 
ومطلوبُهم كل هُدنة
 
وبيئةُ رعبٍ من الشائعات .
 
...
 
الريح مُدْيَة
 
وهذا العجاج جواز مروري لأسمائهن
 
أنا لا أمرُّ من المنفذِ المتراخيَ عند البلاد
 
حتى أُمَرَّرُ من سُمِّ هذا الخِيَاط
 
والريح واقفةٌ بالسياط .
 
...
 
الريح مُدْيَة
 
من يذبح الآن هذا الرسول الذي لَقَّنَتْهُ الخيامُ مواويلَها
 
فاقتنىَ حجراً للطريق
 
وآخر للرجم
 
من يذبح الآن هذا الرسول الكئيب ؟!
 
هذا الذي لم يصل قومه
 
أكلُّ محاولةٍ للوصول تثير الترابَ على مشهد الأرض ؟
 
تَبْلَعُنَا ، قبل تبليغنا بالنشيد ؟
 
رسولٌ يذوب قُبيل انطلاق المنابر
 
الجهرُ عاطل
 
هل ينبغي أن نُعَذَّبَ قبل الوصول ؟ .
 
...
 
الرملُ خارطةٌ بليدة
 
شربتْ معابرَنا الأنيقة فاختفتْ أقدامُنا
 
شربتْ نواصينا
 
ولم ينبتْ لنا خيلٌ طوال فجيعتي
 
إنني المسحوبُ من أقصى المدائن
 
من جذور بيوتنا
 
والمقيّد في قوائمهم
 
عاجز ٌجسدى
 
ذاهبٌ للرمل يومياً ليفنىَ
 
مفتّتٌ بالاحتمال
 
مُكَوَّمٌ في كل صوتٍ
 
هل أتاكَ حديثُهم ؟
 
إنني رملُ الحديث وأغبرةُ الخطابة
 
إنني ريحُ السَّموم الباهظة
 
الآن تفركني الإجابةُ عن سؤال القمح
 
خُبزاً للصحابة .
 
...
 
يا ريح ُ
 
نافذتي لئيمة
 
فتَّتتْ وجهي على أقصى المشاهد
 
لقَّنتني غربتى
 
وتقلّصي والانتظار
 
يا ريح ُ
 
خُذْ رملي بعيداً عن عيون القافلة
 
بدِّدْ مساحة قامتي في كل ساعات الرجوع
 
بين التروس أصابعي رمل ٌ
 
متعطلٌ هذا المدى
 
مُتَحَنِّطٌ وجهي على مرمى انكساري
 
وأصابعي ذَبُلَتْ صراعاً كاملاً ،
 
...
 
أنا راهبٌ في الرفض تعبدهُ الحقائب
 
التباعدُ شَعرة شُدَّتْ بأطراف المداخل
 
متعطلٌ هذا المدى
 
لا نبضَ لي
 
جسدٌ يمرُّ بلا نتائج
 
( رُوزْنامةٌ ) صفراءُ تقلِبها رياحُ الوجه
 
في كل صبح تنمحي لغتي
 
وأعود أرسمها على جسدي
 
فتذروها الرياح .
 
...
 
هاتفٌ يهوِي كفأسٍ في الضلوع
 
وجسمي مُنْهَكٌ في الحرث
 
داليةٌ تموتُ من الدموع
 
وأخرى تزدريني
 
الحرث لا يعطى ابتسامتَها على سعة الخطوط
 
تلك الخطوطُ مطيّتي
 
جسدي يُجَرْجَرُ فوقها , وكأنه
 
زمنٌ يسيلُ على الجفاف .
 
...
 
لَمْ نَصِلْ
 
خطوطُ قاطرتي عدوُّ القاطرة
 
الأنبياء بكوا بها
 
لن يصلوا البلاد
 
إني رسول عاجز
 
أَكَلَ القوافلَ كلها قبل الوصول
 
وأتىَ على ظهر الذئاب
 
إني رسولٌ من رمال
 
لا جغرافيا به
 
مُكَيَّفٌ للدَّوْسِ والإِخبار عن كل المقاصد
 
مُتَفَنِّنٌ في الكشف عن آثارهم
 
لا تمروا من خلالي
 
ستأكلكم رمالي إن أتيتم
 
كل صحرائي عظام
 
أفكارُهم عطشتْ وماتتْ في كياني
 
إنني الرملُ التقيُّ
 
أشربُ الأفكار َوالأحلامَ والدعوات
 
وأتركهم عظاماً .
 
...
 
هل كلما حاولتُ يافا
 
أنهكتني زهرةُ النَّرد اللئيمة
 
وانتصبتُ كخيمةٍ في الريح
 
احتمالاتٌ تُشَكِّلُنِي
 
ملامحي انقلبتْ مئات
 
عاريُ الرأس تماماً
 
جاهزٌ للقصف
 
مُتْعَبٌ .. مُتْعَب
 
يا إلهي
 
خلقتهم من طين
 
وخلقتني من رمل !!
 
_____________
 
8 / 10 / 1995 م
© 2024 - موقع الشعر