قصائد من شفق - محمود محمد الشلبي

(1)
 
خرجنا لندخل جرح الوطن
 
كما الريح تكسر أصفادها
 
وتذرع كل الجهات بأصواتها ،
 
وتتخذ الأفق ..
 
أبهى سكن .
 
كما الماء يصعد في سلم الأرض ،
 
أو يمتطي صهوة الروض ،
 
يملأ قلب الغصن .
 
كما حبة القمح ترحل عن حقلها ..
 
لتصهرها النار ...
 
طي رغيف الوطن .
 
كما الصبح ينشق عن سدفة الليل ،
 
عبر مخاض الزمن .
 
كما الجرح حط على طلقة ..
 
في صباح المدن .
 
كما موعد لم يحن .
 
كما روحنا في البدن .
 
كما أنت ، أيتها الواحدة .
 
كما أنت ، أيتها الماجدة .
 
كما أنت في سرنا والعلن .
 
خرجنا ..
 
خرجنا لندخل جرح الوطن .
 
 
 
(2)
 
جدي
 
على كومة من تراب وغار .
 
هوى بعد أن أكمل الدار جدي .
 
رأيناه مال على صخرة في الجدار .
 
وللأرض قال :
 
أستعدي .
 
وجس بكفيه نبض الديار .
 
وأغرق في صمته ،
 
والتحدي .
 
بنى قبره في دروب المدار .
 
وأسلمنا للتصدي .
 
 
 
(3)
 
أبو راشد
 
كظل على غيمة شاردة .
 
رمى عمره في الممر الأخير .
 
ونام على طوبة ..
 
باردة .
 
" أبو راشد " ..
 
كان يجتر حزن المصير .
 
غريباً ..
 
تغلفه دمعة واحدة .
 
ينام على حلم من حرير .
 
ويصحو على عيشة حاقدة .
 
كبا حلمه ..
 
لم يعنه المسير .
 
بلا ولد عاش .. أو والدة .
 
لوى جيده فوق قلب كسير .
 
وحدق في ثروة بائدة .
 
" أبا راشد " جف هذا العبير .
 
وطيرك رف ..
 
على المائدة .
 
 
 
(4)
 
المعتقل
 
إذا صفق الموج ،
 
قال السجين :
 
أسكنوا في دمي .
 
هي الأرض أقواسها للشهيد ،
 
وزيتونها في فمي .
 
أنا ذاهب كي أرى وجه أمي .
 
على شرفة الأنجم .
 
ألا ، فاحفظوا خاتمي ، ...
 
وأصعدوا سلمي .
 
ويا أيها البحر ..
 
ها أنت ذا في المدى
 
ترتمي .
 
بكل النوافذ أنت اشتعلت ،
 
فعلق شراعك ..
 
في معصمي .
© 2024 - موقع الشعر