كان لا بُدَّ... - محمود محمد الشلبي

(1)
 
كي أعود الى صحوتي
 
كان لابد لي من نهار جديد
 
وأغنية بدأت في الختام .
 
ومنازل طينية .
 
وصبايا يسابقننا للهوى ..
 
صوب نهر قريب
 
تشابك ( حشريشه1 ) فاحترسنا ،
 
وعدنا لأعراس ليل تقام .
 
كان لابد أن ألتقي بالضحى
 
في مياه الشريعة ،
 
في قلب ( شختورة2 )
 
في أماكن تأوي إلى شجرة ... ويمام
 
كان لابد لي أن أحاور صفصافة النهر ...
 
تلك التي لا تجيد الكلام .
 
وأشاغل قلبي دوماً بصيد السمك
 
من ( الحاشكة3 )
 
وصيد الغرام ...
 
بعيداً عن الأهل ....
 
في كل رابية ... أو فلك .
 
ثم أنسى الشرك .
 
عند نهر يلقننا درسه
 
كل يوم على ما يرام .
 
 
 
(2)
 
كان لابد ان نمعن الجري
 
- جرياً على عادة ...
 
خلف سرب من البط في ( الزور )
 
هجع مستأنساً
 
في بحيرة أحلامنا
 
بين حلفاء نهر الشريعة والبوص ...
 
في موسم شتوي ...
 
لنا عريناً ...
 
وهوانا ...
 
وحلم يلامس ثوب الغمام .
 
كان لابد أن أختلي بدمي ..
 
وأصيح :
 
يامداي الجريح
 
دلني كيف ارتد عن تعب سائغ
 
وأجامل عشقي
 
والعشق في داخلي ...
 
جبل شاهق ... ومقام ..
 
وغناء شهي ...
 
وأم لنا علمتنا حدود الكلام
 
كما علمتنا الصيام ...
 
كان لابد من دمعة
 
كي نسافر في أطلس الروح ...
 
قبل فوات الأوان ...
 
وان نقتفي دمنا ..
 
في تراب المكان .
 
كان لابد من نسمة ...
 
كي ترد لنا العمر ...
 
كي لا نمل النهار .
 
كان لابد للنسوة
 
الذاهبات إلى النهر ...
 
من خبر شارد ..
 
وحديث ...
 
وهسهسة لا يعيها الصغار .
 
(3)
 
كان لابد من ان نفك إسار الردى ...
 
بالمدى ..
 
بالرموش ...
 
ونمشي لابد من قبل أن تنهض الشمس ...
 
من خدرها وتفوت .
 
كان لابد من حبق نابت ..
 
في صفائح مصفوفة في نواحي البيوت .
 
ومكانس ( بلان4 )
 
تصنعها أمنا
 
وهدايا مخبأة في السكوت .
 
وأصابع موغلة في التنهد ...
 
في البحث عن فرصة ..
 
لا تموت .
 
(4)
 
كان لابد للناس من سفر في الأماني ..
 
ومن خبر ساقه
 
قادم من وراء الحدود
 
كان لابد من أن نقايض
 
حلم الدروب ،
 
ببعض الثمار الشهية ،
 
أن نكتفي بالسنابل
 
نلقطها كي نعيش
 
على دقها عند ( حمارة القيظ )
 
في الغور
 
في ظهر يوم شديد
 
بينما دمنا يستفز النشيد
 
نحو فجر جديد .
 
(5)
 
كان لابد أن نستفيق
 
على صوت قبرة ..
زاجلة
 
وأن نستحم
 
- كما عودتنا المياه -
 
بيرموك قريتنا ...
 
حينما يعترينا غبار الطريق .
 
وتأخذنا شهوة عاجلة .
 
كان لابد كي تطمئن القرى ..
 
أن ترى كل فتيتها انتشروا
 
بين جوع المواقيت
 
في حر تموز ..
 
والأرض ( ينبوتها5 ) شائك
 
في الحقول ،
 
وهم شرد
 
في طراد العصافير ...
 
في حضن بيارة للعجم ..
 
وافتراش التراب ،
 
بلا وجل ... أو ندم ...
 
والجلوس إلى ظل كينا الطريق ،
 
إلى سيسبان السياج
 
نراقب ما تحمل السابلة .
 
كان لابد من غزل ...
 
صالح للحوار ..
 
يجيء كطير الضحى ...
 
وهي ترتاد حيطاننا خلسة ...
 
وتغظ مناقيرها في لعاب الصباح ،
 
وليس لنا غير خبز وشاي متاح .
 
ونمضغ أحلامنا الآجلة .
 
بانتظار الذي سوف تحمله .
 
القابلة .
 
بينما البيت خاو ...
 
ولكنه في المساء النحيل .
 
مضاء بطيف هوى ..
 
طل منسرباً ...
 
من مجاهل مدهشة ...
 
من وجوه يعانقها الليل ...
 
في وهج ( تعليلة ) حافلة .
 
كان لابد أن نلتقي
 
- فجأة -
عند أول هم يوحدنا
 
عند أول حادثة ، نازلة .
 
ونسوق الشدائد ...
 
في فلك الأمنيات البعاد ....
 
ونلحق بالقافلة .
© 2024 - موقع الشعر