القصيدة التي كتبتني وانتحـار الأزمنـة - سليمان جوادي

وقائلة و هي تحترف الصمت
 
في ساحة الشهداء
 
و تجمع كل نفايات هذا الزمان :
 
أراك تدافع عني !! .
 
وإني لراضية بالذي قدر الله
 
قانعة بالذي كتب ا لله
 
مؤمنة بالكتاب و بالسنة النبوية
 
لكنة الجوع و الانتماء إلى البؤساء
 
أقول لها : بطنك الآن ترتع فيه الأباطيل
 
تجثم فيه بذور الدعارة
 
تضحك ، تسخر مني تقول :
 
ببطني انتقامي من العالم المتهور
 
ثأري من الشغب العربي
 
و تمضي مخاطبتي في كلام
 
يفتت قلب المساكين من جلدتي
 
و يهدد قلب التماثيل بالانفجار
 
مخاطبتي لم تسبح لرب السماوات و الأرض
 
هذا المساء ، و لكنها قاسمتني هموما و خبزا...
 
( 2 )
 
أراك مدينتنا قد غفوت
 
و نمت على جرحنا ما استفقت
 
غرستك في الصدر مذ كنت طفلا
 
فبالله ماذا تراك غرست !!
 
دعوتك يا مكة الثائرين
 
فكوني إذن مثلما قبل كنت
 
تعهرت و الله بعد العفاف
 
فتبا لمن عاث فيك فحدت
 
رفضتك في لونك الهمجي
 
و في الشطحات اللواتي استعرت
 
عزفت عن العشق لا ابتغيه
 
إذا كان في العشق خنق لصوتي
 
و أعرضت في كلمات التصابي
 
فاصدق منها لجوئي لصمتي
 
كفرت بصبري و ساعات صبري
 
وفضلت عن ذلة الصبر موتي ...
 
مدينتنا لا أقول وداعا
 
ولكن إلى أن افجر كبتي
 
أرى العابثين يريدون رأسي
 
ورأس الذين يؤمون بيتي
 
فقولي لهم عاشق بربري.
 
يريد انتحارا إذا ما سئلت ...
 
( 3 )
 
إذا قلت : أين التعاسة !! ؟
 
ناديت : لبيك ها أنذا قادم
 
من صراخ المدينة من عرق الكادحين
 
ومن عبث القابعين على العرش
 
في الوطن العربي
 
فضمي التعاسة وارتجلي الحب
 
عهدي بكن بنات التسكع
 
تعرفن نظم الملاحم في الزمن الفوضوي
 
و تعرفن كبت الكآبة في الزمن الفوضوي
 
أنا قادم من بروج التعاسة
 
ضمي تعيسا آيا أتعس التعساء
 
فعل التعاسة تنجب طفلا سعيدا
 
و تفتح نافذة للخصوبة
 
( 4 )
 
صديق صديقي يساوي صديقي
 
عدو عدوي ...
 
يساوي صديقي
 
إلى آخر الكذبة المنطقية ...
 
( 5 )
 
تزوج في حينا طيب الطيبين
 
بطيبة الطيبات
 
فكان الجنين انتفاضة ..
 
و كادحة قارنت كادحا
 
أنجبت بعدها ثورة
 
و السلام عليكم ...
 
( 6 )
 
و أرسم دائرة للتفاهات
 
باخرة للجناس ومبخرة للطباق
 
وأبحر عبر المتاهات
 
نفسي يهددها الحب بالانفجار
 
يهددها الرفض بالانتصار
 
وماذا عن العشق و العاشقين !!؟
 
ألا قل هم الحبل عن الوصال
 
ألا قل هم الحبل
 
عند انتحار التفاهات في فكرنا العربي
 
( 7 )
 
و إذ يسألونك عن ساعة
 
لا تدس الدسائس فيها
 
و لا ينتهي العشق منها
 
و لا يستحم النفايات فيها
 
ألا قل ستأتي ولا ريب فيها
 
( 8 )
 
لكم دينكم سادتي
 
و لي الرفض و اللا قبول
 
( 9 )
 
مخاطبتي قدها القرمطي يفكر كل الخطايا
 
ويدخل في العمق :
 
ينسف كل الرواسب
 
يبني حضارته
 
و يشيد محكمة
 
لبقايا النوادر و النكت المشرقية
 
للشهريارات في المغرب العربي ...
 
( 10 )
 
و يمتصني الشارع الهمجي
 
وتمتصني الأعين الوثنية
 
وألقاك ... لا رغبة في اللقاء تجيئي
 
ولا في الفؤاد بقية
 
ولكن أبعثر فيك انتمائي
 
وأدفن بعض هموم العشية
 
و أرسم فوق شفاهك فجرا
 
فتنسين أنك أشقى شقية
 
نقاط ... نقاط ... نقاط ... نقاط ..
 
إلى آخر البدعة الأدبية
 
وماذا عن الحزن !؟
 
لا تنبسين !!
 
و ماذا عن الجهل و الجاهلية !! ؟
 
وماذا عن البؤس و البؤساء !! ؟
 
و ماذا عن الفتن الطبقية !!؟
 
نقاط ... نقاط ... نقاط ... نقاط ...
 
إلى آخر البدعة الأدبية
 
تعوذين بالله من شر ماذا
 
ومن أجل من ترفعين قضية !!؟
 
ألم تدركي بعد أني شقي
 
تحاصره المدن الهاشمية
 
ألم تدركي بعد أني تعيس
 
يحن إلى قبلة فوضوية
 
أراك فاذكر حين أراك
 
الملايين من أمتي العربية
 
نقاط ... نقاط ... نقاط ... نقاط ...
 
إلى آخر الحزن يا بشرية
 
مدينتنا تفتح اليوم أبوابها
 
للتتار الشعوبي
 
تحصي المحبين ... تخصي المحبين
 
تبدع آخر صيحاتها في التبرج
 
تنكث عهدي و عهد الملايين من جلدتي
 
لم يعد ثابتا ذلك المتشبث
 
بالزمن العقبوي بالزمن الطارقي
 
ولكن أنا و الملايين من جلدتي
 
في انتظار انتحار جديد
 
لكاهنة الزمن الفوضوي
 
أتيت و في القلب العدالة
 
وفى الصدر تشرق ألف رسالة
 
أتيت إلى زمن الكادحين
 
وخلفي أجر رقاب النذالة
 
أتيت ... و إني وإن و إن قدر الله لي
 
أن أعيش شقيا ...
 
و إن قدر الله لي أن أعيش فقيرا
 
و إن قدر لي ما يشاء و ما لا أشاء
 
لأرفض أن يتفرد بالخير غيري
 
لأرفض أن يتفرد بالشمس غيري
 
لأرفض أن تستحيل عظامي
 
سلالم مجد لغيري .
 
.
 
الجزائر أكتوبر 1979
© 2024 - موقع الشعر