فُجاءَة السّؤال و الجنون - عبدالقادر مكاريا

هل جننتَ كما يجبُ !؟
 
هل ركبتَ السّحاب
 
إلى أن بلغتَ المدى
 
وتجاوزت ما تبلغ السّحب ؟
 
هل عشقت إلى أن سكنتك اللغات ؟
 
و دانتْ لكً الكتبُ ؟
 
هل غفوت على نجمة
 
تتعرّى ليرقد فيها الندى
 
ثم تغفو
 
ليطلب وصلاً بها كوكب ؟
 
هل سكبت القصائد
 
حتّى غرقت بها ؟
 
و تتوجت بالطيلسان
 
و داخلك التّيه و العجب ؟
 
هل تدثرتَ بالريح و الأمنيات
 
و نمتَ ,, يغازلك الخوف و الكرب ؟
 
هل مشيت
 
إلى أن حَفَتْ قدماك
 
وعافتهما الأرضُ ,, و التّعب ؟
 
هل صرخت مع السّاسة الطّيبين
 
و ضعت مع السّاسة الكاذبين
 
و أينعَ في جفن "عفراء" (1)
 
رغم براءتها الزّور و الكذب ؟
 
هل حلمت بما يحلم الجائعون
 
و اِنتظرتَ الربيع الذي زرعتْه بنا الخطب ؟
 
هل حملت البلاد على راحتيْك ؟
 
و نما صفصافها في رئتيْك
 
و حلمتَ ,, حلمتَ ,, حلمتَ
 
إلى أن تقيّأكَ الحلم و الغضب ؟
 
هل شهدتَ اِخضرار البنفسج
 
عصرتك الحروف التي لم تقلْ
 
أرقتك - على ضعفها- حِيرة "طه"(2)
 
و السؤال على ثغري "ساري"(1)
 
خيبة الناس مِلأ الشّوارع
 
زَوَغَانُ العيون تفتش عن منفذ للأمل
 
طيبة الطيبين على عتبات المقاهي
 
و بين الحقول
 
و تحت النّخيل
 
هؤلاء الذين ينامون بين حكاياتنا
 
يركبون الحروف إلينا
 
و نَشْتَمُّ رائحة الشّمس في تجاعيدهم
 
نخبؤهُم في نقاط الكلام
 
و نمضغُهم في لُعاب القبلْ
 
هل تدحرجت من قمة الإنهيار
 
إلى أن صدمتَ الظلام الرّحيم
 
صدمت الخواء
 
أفقت على اللاّ أمل ؟
 
هل تطلعت في مُقل الأمهات
 
قرأت السّؤال بها
 
و رأيت اِنهيار الكثير من الحلم و الكلمات
 
رأيت الصفاء الذي لم يعد صافيا
 
رغبة الشعراء بما يؤنس
 
حلم الصّبايا
 
بما يجعل النّبضَ فيهن لا يَيْبسُ
 
و هذا السّواد الذي
 
يتربعُ عرش المقل ؟
 
الجنون - إذًا - صاحبي
 
أنْ أظلَّ أنا
 
رغم ما عِشتُه
 
و أقول الذي لم تقلْ
 
_________________________
 
(1) ابنا الشاعر عبد الكريم قديفة
 
(2) ابن الشاعر عبد القادر مكاريا
© 2024 - موقع الشعر