ليطرب من شاء أن يطربا 1931

لـ إيليا أبو ماضي، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد، آخر تحديث

ليطرب من شاء أن يطربا 1931 - إيليا أبو ماضي

ليطرب من شاء أن يطربا
فلست بمستمطر خلّبا

عرفت الزمان قريب الأذى
فصرت إلى خوفه أقربا

و هذا الجديد أبوه القديم
و لا تلد الحيّة الأرنبا

أرى الكون يرمقه ضاحكا
كمن راء تيه كوكبا

و لو علم الخلق ما عنده
أهلّوا إلى الله كي يغربا

و لو علم العيد ما عندهم
أبى أن يمزّق عنه الخبا

ألا لا يغرّك تهليهم
و قولتهم لك يا مرحبا

فقد لبّسوك لكي يخلعوك
كما تخلع القدم الجوربا

و لوعون بالغدر من طبعهم
فمن لم يكن غادرا جرّبا

و كائن فتى هزّني قوله
أنا خدنك الصّادق المجتبى

أرافق من شكله ضيغما
يرافق من نفسه ثعلبا

هم القوم أصحبهم مكرها
كما يصحب القمر الغيهبا

أراني أوحد من ناسك
على أنّني في عداد الدبى

و أمرح في بلد عامر
و أحسبني قاطنا سبسبا

و قال خليلي : الهناء القصور
و كيف و قد ملئت أذؤبا

ألفت الهموم فلو أنّني
قدرت تمنّعت أن أطربا

كأنّ الجبال على كاهلي
كأنّ سروري أن أغضبا

و كيف ارتياح أخي غربة
يصاحب من همه عقربا

عتبت على الدهر لو أنّني
منت فؤادي أن يعتبا

******
و جدتك و الشّيب في مفرقي

وودّعني و أخوك الصّبي
فليس بكائي عاما خلا

و لكن شبابي الذي غيّبا
فيا فرحا بمجيء السنين

تجيء السنون لكي تذهبا
عجيب مشيبي قلب الأوان

و أعجب أن لا أرى أشيبا
فإنّ نوائب عاركتها

تردّ فتى العشر محدودبا
ويا بنت " كولمب " كم تضحكين

كأنّك أبصرت مستغربا
أليس البياض الذي تكرهين

يحبّبني ثغرك الأشنبا
فمن كان يكره إشراقه

فإنّي أكره أن يخضبا
أحبّك يا أيّها المستنير

و إن تك أشمتّ بي الرّبربا
و أهوى لأجلك لمع البروق

و أعشق فيك أقاح الرّبى
******

و يا عام هل جئتنا محرما
فنرجوك أم جئتنا محربا

تولّى أخوك وقد هاجها
أقلّ سلاح بنيها الظبى

يجندل فيها الخميس الخميس
و يصطرع المقنب المقنبا

إذا ارتفع الطرف في جوّها
رأى من عجاجتها هيدبا

وجيّاشه برقها رعدها
تدكّ من الشّاهق المنكبا

يسير بها الجند محموله
قضاء على عجل ركبا

يودّ الفتى أنّه هارب
و يمنعه الخوف أن يهربا

و كيف النجاة و مقذوفها
و يطول من الشرق من غرّبا ؟

و لو أنّه فلو أنّ تهتانها
حيا أنبت القاحل المجدبا

فما المنجنيق و أحجاره
و ما الماضيات الرقاق الشبا ؟

******
أإن شكت الأرض حرّ الصّدى

سقاها النجيع الورى صيّبا
فيا للحروب و أهوالها

أما حان يا قوم أن تشجبا
هو الموت آت على رغمكم

فألقوا المسدّس و الأشطبا
و للخالق الملك و المالكون

فلا تتبعوا فيكم أشعبا
******

و لم أنس مصرع " تيتانيك "
و مصرعنا يوم طار النبا

فمن شدّة الهول في صدقه
رغبنا إلى " البرق " أن يكذبا

ليالي لا نستطيب الكرى
و لا نجد الماء مستعذبا

و بات فؤادي ، به صدعها
و بتّ أحاذر أن يرأبا

و لي ناظر غرق مثلها
من الدّمع بالبحر مستوثبا

إذا ما تذكرتها هجت بي
أسى تتّقيه الحشا مخلبا

فأمسي على كبدي راحتي
أخاف مع الدّمع أن تسربا

خطوب يراها الورى مثلها
لذلك أشفق أن تكتبا

******
لقد نكب الشّرق نكباته

و حاول أن ينكب المغربا
و أشقى نفوس بني آدم

ليرضى السّراحين و الأعقبا
و لو جاز بين الضّحى و الدجى

لقاتل فيه الضّحى الغيهبا
لعلّلك تمحو جناياته

فننسى بك الذّنب و المذنبا
إذا كنت لا تستطيع الخلود

فعش بيننا أثرا طيّبا
فإنّك في إثره راحل

مشيت السّواك أو الهيدبى
© 2024 - موقع الشعر