موكب التراب - إيليا أبو ماضي

من أين جئت ؟ و كيف عجت ببابي ؟
يا موكب الأجيال و الأحقاب

من القبور ؟ فكيف من حلّو بها
أهناك ذو ألم و ذو تطراب ؟

و لهم صبابات لنا ؟ أم غودروا
في بلقع ما فيه غير خراب ؟

***
أمررت بالأعشاب في تلك الرّبى

و ذكرت أننك كنت في الأعشاب
حول الصخور النائمات على الثرى

و على حوااشي الجدول المنساب
و على م تصعد كالسحابة في الفضا

و إلى التراب مصير كلّ سحاب
لما طلعت على الشعاع كوزّعا

مترجرجا كخواطر المرتاب
و ذهبت في عرض الفضاء كخيمة

رفعت بلا عمد و لا أطناب
قال الصحاب لي : و تراكضوا

للذعر يعتصمون بالأبواب
و هب اتقيتك بالحجاب فإنّني

لا بدّ خالعة و أنت حجابي
كم سارح في غابة عند الضحى

جاء المساء فكان بعض الغاب
و مصفق للخمر في أكوابه

طربا ، و طيف الموت في الأكواب
أنا لو رأيت بك القذى ، محض القذى

لسترت وجهي عنك مثل صحابي
لكن شهدت شبيبة ، و كهزلة

و منى ، و أحلاما بغير حساب
و الشاربين بكلّ كأس ، و الألى

عاشوا على ظمأ لكلّ شراب
و الضاربين بكلّ سيف في الوغى

و الخانعين لكلّ ذي قرضاب
و الصارفين العمر في سوق الهوى

و الصارفين العمر في المحراب
و الغيد بين جميلة و دميمة

و العاشقين - الصّب و المتصابي
و العبد في أغلاله و حباله

و الملك في الديباج و الأطياب
آبوا جميعا في طريق واحد

الخاسر المسبّي مثل السابي
فضحكت من حرصي على ملك الصبا

و عجبت كيف مضى عليه شبابي
ووقعت أنت على تراب ضاحك

لما وقعت عليّ في جلبابي
و كذاك أشواق التراب مآلها

و لئن تقادم عهدها لتراب

مناسبة القصيدة

( في يوم من أيام الصيف الشديد الحر كان الشاعر جالسا مع بعض اصحاب له أمام داره فهبت ريح شديد اثارت الغبار و عقدته في الفضاء كالسرادق . و كان في مشهد الغبار ما حمله على التفكير فنظم القصيدة التاليه :)
© 2024 - موقع الشعر