الشيخ والصحراء والميعاد - محمد ناصر المنصور

جاءوا إليكْ
والأمر شورى بينهمْ
وأنا وأنت ومن لهمْ
ثأرٌٌ عليكْ
يغتالهمْ
جاءوا إليكْ
والفجر ينهل من عمائمهِمْ ضياء الشمس يُلقي بالأسنّهْ
وتخافتوا بالشرِّ كانوا كلّما مرّوا على طللٍ تدور به النذورْ
تنمو البذورْ
وتموت أفئدةٌ على وقع الخُطا
والسلّ ينخر في الصدورْ
ونحيب غانيةٍ تكسّر في غصون الليل توغل في المسيرْ
والرمل يلثم حسن خدّيهَا
ولا مطرٌ يبلل هامة الشيخ الضريرْ
تمشي السنون على مفاصل راحتيْهِ
... وفي الحنايا سرُّ نابشة القبورْ
تبكي وتنزع من هزيم الليل معوجّ الضلوعْ
وعلى أظافِرِها
... زبانيةٌ غلاظْ
يتوجسون الظلّ في خلل الرمادْ
يتلاعبون بخصر مرضعة النجادْ
والشيخ يُغضي والمهابةُ
... أقفرتْ منها الوهادْ
والريحُ
... أُغنية الذئابْْ
تنسلُّ من وادٍ لوادْ
تصطاد أجنحة الجرادْ
تعلو...ويعلوها شهابْ
والجنُّ تعجبُ
والسيوف بها فلولٌ من كتابْ
أزِفَتْ منايا القوم وانتصبتْ على قوس الحجابْ
عينان تلتمعان في الوجه المكفّن بالسوادْ
لا، بلْ ... عيونٌ والبراقع والذباب وقوم عادْ
دلفوا على التاريخ عرياناً
وفي الكفين حناءٌ وفوق الرأس زادْْ
أكلوا كما أكلت بهائِمُهُمْ شظاً تحت الوسادْ
والجهل أولهُ المحبة والقيامة في عقولٍ من رمادْ
عَقُمَ الجهادْ
وتطهرتْ من نسلها الأرض اليبابْ
وعلى الترابْ
قومٌ حفاةٌ والمنية في أكفِّهمو خضابْ
يتناهبون الجوع من ثغر الجياعْ
والذلُّ فيهمْ مااشترى إلا وباعْ
عدد العيونِ ، وما بكتْ
عددَ النجومِ ، وما حوتْ
إني بوجهك أستعيد كرامتي
... لو كان لي وجهٌ وكانت لي يدانِ
وقمتُ أذرع قامتِي
ياربَّ مغتبط بموتي هام يندبُني
.. وعينُ الديك غائمةٌ..
.. ولا مطرٌ يبلل هامة الشيخ الضريرْ
عيناه في زفرات عرّاف اليمامةِ بيضتان
ْوالأنف سيفٌ ثلّمتْهُ يد الزكامِ وكل جائحةٍ تُغيرْ
ونحيب غانية الحِمى
يرتدُّ كركرةً
وقد داستْ على القربى بأثواب الحريرْ
مُبْلى بِهِ ؟
زرقاءُ جزَّ الفارسُ البكريُّ ناصيةَ الهوَى
وطوتْ سنابكُ ظلِّهِ الشعرَى وماانتفضَ النهارْ
أغراهُ دفءُ النومِ ... في شَبَقٍ وغابْ
في حضنِ ناعمةٍ تذيب الصخر في الماء الأُجاجْ
والدار مقبلةً ومدبرةً وأوحشها سكون الراحلينْ
من بعد ما غدرتْ بهمْ
... ثابتْ إلى رُشْدٍ
وقد كانتْ أمانَ الخائفينْ
تركوا بها للجوع أجنحةً تصفّقُ للحنادس تستجيرْ
... بالنائباتِ يلكنَ أَرديةَ الهجيرْ
ونواح أحفاد الجنادب في سنابك حزنهمْ
أضغاث أحلامٍ... وماشطةٌ شعور الموت في دمهمْ تسيرْ
يتكتمون مسيرها فيهم ، وتحْييهمْ أساور من حريرْ
في قلب مرضعة البطاحْ
والليل طاح بهامة الشيخ الضريرْ
متربصٌٌ بالوهمِ تنتفض العُصيّةُ في يديهْ
وملكتُ أمري باليمينْ
هل تعلمين بقصة المتجبرينْ
ملكوا اليمينْ
والريح من ماء الحميمْ
عُلّتْ بُعيدَ النهل من كأسٍ عقيمْ
وتهالكوا بين المحصب من منى والغار تنسجُ
في يديهِ العنكبوتْ
والشيخ باضتْ في يديهِ حمامتان وتنقران الحبّ من عينيهْ
تتناجيان ومكةٌ نارٌٌ ونورْ
تتوجسان الخوفَ
... تنطلقان في شَبَقِ النذورْ
لهما على الفسطاط أجنحةٌ تدورْ
والبيض يأوي من جوىً
للكهف يعصِمُهُ من الماء النشورْ
ينشقّ عن أفراخ قاتلةٍ بها شحٌ وجودْ
ووراءَ مقلتِها
آهات مرضعةٍ
...أعارتْ نهدها للشمسِ
واتكأتْ على جدرية الأزمان تنحتُ في الوجوهْ
والشكّ يمأد في ظلالِ اللاتِ والعزّى وينتكس الجمودْ
يُردي بهِ وهمٌ ولودْ
وعن الوعودْ
... حدّثْ أبالسةَ الكنانةِ عن ثمودْ
ربطوا نسائم حقدهمْ في ظلِّ عودْ
طبخوا السحابة للجنودْ
والعير تعرجُ في النفيرِ
وكلُّ نائحةٍ تطير بهامة الشيخ الضريرْ
والبحر في فمهِ قياصرةٌ جبابرةٌ يولّون الدبُرْ
هيَ ساعةٌ نجم الصباحْ
صلّى وراحْ
وتقاسموا نخْبَ الجراحْ
والنور غانيةٌ تراقصهمْ على شدْوِ الملاحْ
تختار سيدَها يكونُ الموت تُطعمُه الكلابْ
تجترُّ عين الشمسِ
تسكن في الخضابْ
ونوافذ السجانِ يفتحها دمٌ
ويصكّها هزجُ الذبابْ
صنعاء تُفتحُ والمدائن والأسنّة في اضطرابْ
أكلتْ وما شبعتْ ذئاب البيد وانتصبتْ على قوس الحجابْ
والرغبة العمياءُ تلطم وجهها في كلّ بابْ
سألتْ ثقيفاً بعض مكرمةٍ
... فباءتْ بالعذابْ
والشمس في اليمنى وفي اليسرى سرابْ
في الصخرة الصماء تعثر أمّةٌ في مظلمهْ
والصفعة الحمراء من أولاد جفنة في الظلامِ تنصّرَتْ
وعلى الندامة كلّ عينٍ أمطرتْ
قِيمٌ على دمن الثرى
نبتتْ وغالتْها الذرى
... والقهقرَى
صامتْ عن القول المباحْ
وتأبطتْ كتِفَ الزمانْ
عسراء قد قُطعتْ أصابعُها وتضربُ بالقداحْ
وصليل أجنحة الجراد سيوف نارٍ جامحهْ
ملَكتْ فأصمتْ ثم قامتْ ثم ولّتْ رامحهْ
والدهر علّقَ قلبه في قلب أنثى كالحهْ
مفقوءة العينين في فمها مرارة عالم الجُلّى
٠٠ وأنياب الزمان الجارحهْ
والذل قيدٌ في رقاب المومساتله بريقْ
أبداً تُفيقُ من المنام ضحىً... وفي دمها حريقْ
وبكفّها أشلاءُ عهدٍ في زمازمه عتيقْ
متسربل بهوى المشقَّرِ في حِمى حلمٍ وضيعْ
باكٍ على أمسٍ وهذا اليوم في مهدٍ رضيعْ
أسْمعتُ من لو كان يسمعُني لفداني السميعْ
لكنَّما ... الأرض قفرٌ والنجومُ بها نجيعْ
والأينُ معتسفُ الرذيلةِ
... خلفَ بابٍ كلَّمُوهْ
فيهِ الضفادع والجنادب والأفاعي لاهياتْ
يرفلنَ في زبد السنين الخاوياتْ
وأقولُ :... هاتْ
كأساً بها تحيا العظام البالياتْ
أنسى وأذكرُ ماحييتُ وأنطوي
في داخلي
أسفي على زمنٍ أتيت بِهِ ... وإنْ لمْ أُسألِ
قومي همو أكلوا...أخي
ميْتاً وهمْ ما استكرهوهْ
هم يضحكونَ وانه
... شرفٌ لهم إذْ يضحكونْ
أو ليس منَّا... الماجدونْ
.... والقاسطونْ
والثأر ندركُهُ ولا نسأل عمنْ يقتلونْْ
إني ملكت منيّتي بيدي ، وقلتُ :... تخيَّرِي
هذا سبيل الراحلينَ بأي أرضٍ فانزِلي
وتأمَّلي
... حسنَ المقامِ بكلِّ موتْ
لا خيرَ في هذا الزمانِ
وأهلِهِ
فلترحلِي...
© 2024 - موقع الشعر