الأضـــداد - محمد ناصر المنصور

أدلج الهمُّ فعلّقتُ السفينهْ
في جراب السّيفِ
في عُنْقِ المدينهْ
في فمٍ مُرٍّ تنكبت سنينَهْ
نازلاً يسأل عنكم رَمَسِي
في ظلال الغَلَسِ
والدجى أوحشهُ ...
نور المدينهْ
بين أنف الحوت والدودة يغتال المسافهْ
ألفُّ جنيٍّ على ظهر زرافهْ
يتحاشون المخافَهْ
يتعاطون الحصافَهْ
مُرّةَ الكأس بريق الحرسِ
وعلى أيديهمو تحيا الخُرافَهْ
في حواف اللعسِ
تمتطي الصحوةَ
... من بعد انتكاسَهْ
كلّ أمرٍ في يدي
أسلب القطة عينيها وأنسى مولدي
كان بالأمس سحابات زمانٍ أدردِ
لو لمثلي عازب الهمِّ لفرقتُ نصيبي في صبايا البلدِ
ورقَصْتُ الأمسَ واليومَ وجاذبْتُ حبيبي من غدي
لو ملكت الجنَّ أهديْتُ العصاللسائمهْ
وتركت الجنّ لا تعرف أني مِتُ .. لاقامتْ لديهم قائمهْ
من يناديني..؟ هنا اشتدتْ ضلوعي الناحلهْ
واشترت أرضاً
بأرضٍ قاحلهْ...
من يناديني..؟ ونفسي زائلهْ
أصغير السنِّ تنسى أمّهُ النهدَ بثغر الواغلهْ ..؟
أصغير السن في المهد تكلم
ما تعلم
يفضحُ المَيْنُ حديث القائلهْ
والثواني في شهابٍ تتقي
غضبة الراصد عمداً ترتجي
زلة الساعة عند الهاجرهْ
والليالي ذئبةٌ في الحافرهْ
تتخطى الجمرَ
من بين العظام النافرهْ
وعلى الخدين وشمٌ من عهودٍ غابرهْ
يوم كانتْ تنتقي من رحلة الصيف جسوماً ضامرهْ
بين فكيها شهيدٌ ذائبٌ
في شق تمرَهْ
يحتسي النادب جمرهْ
وعلى القبر من الحزن مسرَّهْ
وفتاةٌ تأكل النهدين من جوعٍ
..... وعند الناس حُرَّه
قلتُ سبحانك ما أحلى زماني وأمرَّه
ثم طوّفتُ بأعماق المجرَّهْ
كان عيبي أنّني صنْتُ لساني ويدي
ما تطاولت على الدهر ولا فَلَّ بيومٍ عضُدِي
ما الذي يجعلني أعشق يوماً حاسدي
وأرى فيه نصيبي من حياتي في غدي
ما الذي...
صُمْتُ عن القول المباحْ
والصباحْ
فوق ظهر الثورِ
أدمَتْهُ السهامْ
وعلى بوابة الموت ملاكٌ من رخامْ
رأسه في جنة الخلدِ
.... ورجلاه بأغوار الجحيمْ
وعلى مذبحه سيفٌ رحيمْ
يشتهي القطعَ... يهيمْ
تتجافى عن مفاليهِ الرقابْ
.... والمصابْ
سيدٌ من آلِ جفنَهْ
يتولى العار دفنَهْ
والصبايا راقصاتٌ فوق قبرِهْ
يتسلَّينَ بذكرِهْ
كان منبوذاً غريباً بين أهلِهْ
والمنايا تحتَ نعلِهْ
يرتشفْنَ الشهوةَ العمياء منْ
.... مغرب الشمس ويصدُرنَ العشيَّهْ
من عيونٍ عربيَّهْ
عن نعاسٍ ما وَنَتْ
أمِنَتْ
فاستمكَنَتْ
وبقتل الحب من ظلمة قلبي أُثخِنَتْ
ولأعدائي بذكرى نصرهمْ ازَّينتْ
ما زنَتْ
وبأحضان الرذيلهْ
.... هوَّمَتْ
وعلى أمرِ الخليفه
ما بلينٍ نزلَتْ
ألف سيفٍ في هواها....رُفِعَتْ
ألِف عذراءَ بليلٍ....خُطِفَتْ
فُضَّت الأختامْ
من مجير الظامئِ الجوعانْ
يا زمانَ القحطِ يا مفني الوجودْ
بالوعودْ
ما لعينٍ ما تغشّاها البكاءْ
ألِفتْ شرّ شهابٍ مستطيرْ
قادم من ساحة الموتِ
... إلى المثوى الأخيرْ
ذلك الحسن بصندوق الخليفهْ
من له الموت وصيفهْ
من له تنفطر الروح بعرسٍٍ أشأمِ
قلت عُفّي واسْلمِي
واذكري قبراً تهاوَى في دمِي
يكذبُ الإنسان لا تكذب عيناهُ
وقد همَّت بأمرٍ مبهمِ
ولها الأفعال في الأغلالِ تنهانُ و تنساب الذرى
في عباب القهقرَى
ترفع الشعرى يداً وهي تَرَى
وجه هامان يمجُّ الأبحرَا
يلج التمرةَ ... ينسى ظلَّهُ
في حِمى فرعونَ بيتاً أخضرَا
والورى
ألفوا مطلعه في الليل بدراً أحمرَا
من هنا أهديت نفسي للمنيَّهْ
وعلى كفّي صبيَّهْ
تنفضُ الحمَّى يديها
أذكر الله عليها
أشتكِي
...منّي إليها
من عجوز بربريَّهْ
فرَّقتْ سوأةَ عمرٍو في البريَّهْ
كلُّ سيفٍ ليس يقطَعْ
كل همٍّ ما تضعضَعْ
كلُّ نفسٍ، لم تكن بعدي ....
أبيَّهْ
كل نفس، لم تكن قبلي ....
دنيَّهْ
وعلى كفي صبيَّهْ
قيلَ :
...كانت من سبايا الروم في عصرالخليفهْ
ولها ألف عشيقٍ في السقيفهْ
قيلَ :
.... بل كانت شريفهْ
أمُّها من نسل عدنان وقحطان أبوها
وهي لما احتلمَتْ ما زوَّجُوها
كلّ من في الأرض ما كانوا بكفءٍ .. لو رأوها
وبأحقاد الليالي رجموها
ثم جاسوا في نيوب الساهرهْ
كل أنثى ماكرهْ
وتناسوا أمهاتٍ أنجبتْهُمْ
من هزيم الذاكرهْ
غادروا الحلم إلى سحت العقول النافرهْ
ضيعوا أحسابهم واستمرأوا
قتل نسابين جاءوا من بلادٍ غامرهْ
ما لها نسوانُهم
يشتهينَ الشحم من لحم الجزورْ
ويقطعْنَ أياديهنَّ في بيت العزيزْ
من جمالٍ فيه نورْ
وغداً ينجبن برصاناً وعورَا
وغدا يشهدن عند الله زورَا
بالذي ما شاهدته المقلتانْ
والذي صلى على سبعٍ وقامْ
وارتمَى في لجّة القحط عيوناً من دخانْ
جاذباً أطرافه السفلى من الشعرة في جلد البعيرْ
ساكناً في ظلمة الجفنِ هلاميَّ الرؤى
ينتشي من رمدٍ ... لايستطيرْ
سيّدي
... هذي قبورٌٌ عذّبتْني
تئِد النوم بأجفاني وأنساني رؤاها ما سقتْنِي
خيّرتْني بين يومين وقدّتْ كاحلي
واستفاقتْ بعد موتِي
زرعَتْني في جبين الشمسِ
... حلماً ناشزا
أشعلتني في قلوب الغيدِ حقداً وضغينَهْ
كل أنثى تلد الكره على ذكرِي
.... وتهوي في السفينَهْ
والمدينَهْ
أقفرت من خيرها نادَى المنادِي :
خلفكَ القومُ ...
.... وقد مات فؤادي وجوادِي
ولكمْ وجهي تضيعون بِهِ
قسمةً بين العبادِ
ولي الأعراب من خلفي.. أمامي
بقعةٌ بيضاء حلّتْ جلد ثورْ
نحن بالعدل تساوينا ...
كأسنانِ الحمارْ
ليس منّا
جائعٌ نطعمهُ الزقومَ والماءَ الحميمْ
ليس منّا
من حفاةٍ أوعراهْ
قد كسوناهمْ
دماً ...
.... نحذيهمُ النار ونهوي في الهشيمْ
والسقيمْ ..
عاقلٌ فينا يغنّينا على لحنٍ قديمْ
قد بلِينا ... والمدافعْ
عششتْ جوف النجومْ
.... الطوالعْ
كلنا شمسٌ ،
... وما فينا كواكبْ
بالدم المسفوحِ أشرقْنا وأحرقْنَا المراكبْ
وتضاجعنا على كأسينِ من صفر العشياتِ وقد عزَّ المُطالبْ
كلنا شمسٌ ...
على الأحبابِ ... تكويهمْ بأطراف الخناجرْ
وعلى أنفسِنا ....
خوفٌ
وضعفٌ .... وانكسارٌ في الخواصرْ
والخناجرْ
أدلجتْ في غَبَسِ النور وحيّاها المسافرْ
ما لنا والأرض ليستْ ملكَ حيْ
ودمٌ يمتدّ ثأراً بيننا
سارقاً من سيبويهِ ألفَ شاهدْ
لاحناً بالكتْف والردف وساعدْ
من لنا والأرض من بعد الضنى
أنكرتْ أجسادنا بين الموائدْ
بطنةٌ... عزّتْ على الخيلِ وبين النارِ والجنة تمرَهْ
بطنةٌ.... عزّت على الموت وبين السيف والرمح مجرَّهْ
يا جهادَ القلبِ ٠٠يا كسرةَ خبزٍ يابسٍ
٠٠يا كأسَ محمومٍ وجرَّهْ
يا جهادَ الألسِن المدفون في جوف الأسِرَّهْ
... هل علمتُمْ ؟!
... أنتمُ النارُ
ومن أضلاعها السود أتيتمْ
كيف فزتُمْ بالمضرَّهْ
كيف ترضونَ انكساراً في دمِي
يالبكرٍ
انشروا لي سيدَ الأقوام في عورةِ حُرَّهْ
وارحموا من لمْ ترالفتنةُ دارَه
لا ولا أردَى بوجه الصبحِ نارَهْ
واركبوا ظهرَ المُشهَّرْ
ليس يُقهَرْ
إنما لا يدرك الثأرَ ولو صلَّى وكبّرْ
إركبوهُ ...
فالمهلهلْ
.... هجرَ الخيلَ
وداسَ الرمحَ .... والسيفُ تكسَّرْ
هجرَ الثأرَ ، ولفّتْهُ المدينَهْ
في رموش النسوةِ البيْضِ وفي تعسيلةِ العمرِ... على نهدٍ معطَّرْ
عطرهُ من عطر منشمْ
كم على طفلٍ تجبَّرْ
وعلى ليلٍ تحسَّرْ
يالثاراتِ كليبٍ كم تحسَّرْ
ذلك النهد بأطراف المدينَهْ
يجذب الشهوة من قلب السحابَهْ
ينطوي في جسد اللوعة يفتض المهابَهْ
والدجَى يُخفي عن العوّاد بابَهْ
من لهذا الفارس المغروز في حرِّ دمِي
أنهكتْهُ نبأةُ الصوت فألقى وَثَنَهْ
في جحيم الميمنَهْ
نازلاً والأرض تدني كَفَنَهْ
وعلى السيفِ صدى ماءٍ وطينْ
وسحابٌ نتنٌٌ
والوحلُ والماضي الأثيمْ
وعيونٌ ثلمتْ من شفرةِ السيفِ هزيمَ الساهرَهْ
قل لمن يتبعُني:... يلعنُني
إن في جسمي حكايا
تئدُ الحسرةَ في السرَّةِ
تفتضُّ جباهَ الأمكنَهْ
يالقومِي
... شبّهتْني نسوة الحيِّ براعٍ غنمهْ
خلفه ستُّ نياقٍ
.... وعجوزٌ تشتهي ما لا يجوزْ
ورؤى الشمسِ بكفي سقطتْ
جمرةً في الحُطَمَهْ
يامُعيني قمْ فهينِمْ
أصبحَ الليلُ وقد جدَّ السُّرى
وطويتُ الأعصُرَا
نازلاً أصعد في دمِّ المحيضْ
وتفيأْتُ ذرى وجه الحضيضْ
ممسكاً بالثورِ من قرنَيْهِ لمَّا أنْ تنفَّسْ
زمجر البحر وعسعَسْ
وطوى في صمتهِ العنقاء فيضاً من رمادْ
ألبسيني نبضة البعث بروحي تتجدّدْ
................................
في دم المومسِ لمَّا غطستْ إبهامَها في البحر من ضيقٍ تمددْ
وانثنى يسحب من أكفانهِ الشِّعرى على صبحٍ مطيرْ
اُقتلينا....أنا والبحرُ
كلانا نجسٌ تلحس فخْذيْهِ الجنابَهْ
والسحابَهْ
....أمطرتْني
ما تطهرتُ ... تعشّقتْ الغرابَهْ
يوم خانتني الكآبَهْ
علَّقتْ رأسي على وجه السفينَهْ
أدلجَتْ والسيفُ في عنْقِ المدينَهْ
ضاحكاً يبكي سنينَهْ
وهى من شدَّتْ يمينَهْ
في سكينَهْ
١٩٨٥
© 2024 - موقع الشعر