السف اصدق أنباء من الكتب - ابوتمام الطائي

السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعبِ

بيض الصفائح لا سود الصحائف في
متونهن جلاء الشك والريبِ

والعلم في شهب الأرماح لامعة
بين الخميسين لا في السبعة الشهبِ

أين الرواية بل أين النجوم وما
صاغوه متن زخرفٍ فيها ومن كذب؟

عجائباً زعموا الأيام مجلفةً
عنهن في صفر الأصفار أو رجبِ

وخوّفوا الناس من دهياء مظلمةٍ
ذا بدا الكوكبُ الغربي ذو الذنبِ

وصيّروا الأبرُجَ العليا مرتبةً
ما كان منلقباً أو غير منقلبِ

يقضون بالأمر عنها وهي غافلةُ
ما دار في فلكٍ منها وفي قطبِ

لو بينت قط أمراً قبل موقعهِ
لم تخف ماحل بالأوثان والصلبِ

فتح الفتوح تعالى أن يحيط به
نظم من الشعر أو نثر من الخطبِ

فتح تفتح أبواب السماء له
وتبرز الأرض في أثوابها القشبِ

يايوم وقعة (عمورية) انصرفت
عنك المنى حفلاً معولة الحلبِ

أبقيت جد بني الإسلام في صعد
والمشركين ودار الشرك في صببِ

لقد تركت أمير المؤمنين بها
للنار يوماً ذليل الصتخر والخشبِ

غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى
يقله وسطها صبح من اللهبِ

حتى كأن جلابيب الدجى رغبت
عن لونها أو كن الشمس لم تغبِ

ضوء من النار والظلماء عاكفة
و ظلمة من دخان في ضحى شحبِ

فا لشمس واجبة في ذا ولم تجب
والشمس واجبه في ذا ولم تجبِ

وحسن منقلب تبدو عواقبه
جاءت بشا شته عن سوء منقلبِ

لم يعلم الكفر كم من أعصرً كمنت
له المنية بين السمر والقضبِ

تدبير معتصمٍ با لله منتقم
لله مرتقب في الله مرتغبِ

لم يغز قوماً ولم ينهض إلى بلدٍ
إلا تقدمه جيش من الرعبِ

لو لم يقد جحفلاً يوم الوغي لفدا
من نفسه وحدها في جحفلٍ لجبِ

رمى بك الله برجيها فهدمها
ولو رمى بك غير الله لم تصبِ

أجبته معلناً بالسيف منصلتاً
ولو أجبت بغير السيف لم تجبِ

حتى تركت عمود الشرك منقعراً
ولم نعرج على الأوتاد والطنبِ

إن الأسود أسود الغاب همتها
يوم الكريهة في المسلوب لا السلبِ

تسعون ألفاً كأساد الشرى نضجت
جلودهم قبل نضج التين و العنبِ

يارب حوباء لما أجتث دابرهم
طابت و لو ضمخت بالمسك لم تطبِ

خليفة الله جازي الله سعيك عن
جرثومة الدين و الإسلام والحسبِ

بصرت با لراحة الكبرى فلم ترها
نال إلاّ على جسرٍ من التعبِ

أبقيت بين الأصفر المصفرِ كاسمهمُ
فر الوجوه وجلت أوجه العربِ

© 2024 - موقع الشعر