قانا

لـ نزار قباني، ، في غير مُحدد

قانا - نزار قباني

1
 
وجه قانا شاحب اللون كما وجه يسوع.
 
و هواء البحر في نيسان,
 
أمطار دماء, و دموع…
 
2
 
دخلوا قانا على أجسادنا
 
يرفعون العلم النازي في أرض الجنوب.
 
و يعيدون فصول المحرقة..
 
هتلر أحرقهم في غرف الغاز
 
و جاؤوا بعده كي يحرقونا..
 
هتلر هجرهم من شرق أوروبا..
 
و هم من أرضنا قد هجرونا.
 
هتلر لم يجد الوقت لكي يمحقهم
 
و يريح الأرض منهم..
 
فأتوا من بعده ..كي يمحقونا!!.
 
3
 
دخلوا قانا..كأفواج ذئاب جائعة.
 
يشعلون النار في بيت المسيح.
 
و يدوسون على ثوب الحسين..
 
و على أرض الجنوب الغالية..
 
4
 
قصفوا الحنطة, و الزيتون, و التبغ,
 
و أصوات البلابل..
 
قصفوا قدموس في مركبه..
 
قصفوا البحر..و أسراب النوارس..
 
قصفوا حتى المشافي..و النساء المرضعات..
 
و تلاميذ المدارس.
 
قصفوا سحر الجنوبيات
 
و اغتالوا بساتين العيون العسلية!..
 
5
 
….و رأينا الدمع في جفن علي.
 
و سمعنا صوته و هو يصلي
 
تحت أمطار سماء دامية..
 
6
 
كل من يكتب عن تاريخ (قانا)
 
سيسميها على أوراقه:
 
(كربلاء الثانية)!!.
 
7
 
كشفت قانا الستائر..
 
و رئينا أميركا ترتدي معطف حاخام يهودي عتيق..
 
و تقود المجزرة..
 
تطلق النار على أطفالنا دون سبب..
 
و على زوجاتنا دون سبب.
 
و على أشجارنا دون سبب.
 
و على أفكارنا دون سبب.
 
فهل الدستور في سيدة العالم..
 
بالعبري مكتوب..لإذلال العرب؟؟
 
8
 
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا؟
 
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة..
 
قتلنا, نحن العرب؟
 
9
 
انتظرنا عربي واحداً.
 
يسحب الخنجر من رقبتنا..
 
انتظرنا هاشميا واحداً..
 
انتظرنا قريشياً واحداً..
 
دونكشوتاً واحداً..
 
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه…
 
انتظرنا خالداً..أو طارقاً..أو عنترة..
 
فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة..
 
أرسلوا فاكسا إلينا..استلمنا نصه
 
بعد تقديم التعازي و انتهاء المجزرة!!.
 
10
 
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟
 
ما الذي تخشاه من (فاكساتنا)؟
 
فجهاد الفاكس من أبسط أنواع الجهاد..
 
فهو نص واحد نكتبه
 
لجميع الشهداء الراحلين.
 
و جميع الشهداء القادمين!!.
 
11
 
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟
 
و جرير ..و الفرذدق؟
 
و من الخنساء تلقي شعرها عند باب المقبرة..
 
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات..
 
و توقيع البيانات..و تحطيم لمتاجر..
 
و هي تدري أننا لم نكن يوما ملوك الحرب..
 
بل كنا ملوك الثرثرة…
 
12
 
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل..
 
و من شق الملاءات..و من لطم الخدود؟
 
ما الذي تخشاه من أخبار عاد و ثمود؟؟
 
13
 
نحن في غيبوبة قومية
 
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا…
 
14
 
نحن شعب من عجين.
 
كلما تزداد إسرائيل إرهابا و قتلا..
 
نحن نزداد ارتخاء ..و برودا..
 
15
 
وطن يزداد ضيقاً.
 
لغة قطرية تزداد قبحاً.
 
وحدة خضراء تزداد انفصالاً.
 
و حدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!!
 
16
 
كيف إسرائيل لا تذبحنا ؟
 
كيف لا تلغي هشاما, و زياداً, و الرشيدا؟
 
و بنو تغلب مشغولون في نسوانهم..
 
و بنوا مازن مشغولون في غلمانهم..
 
و بنو هاشم يرمون السراويل على أقدامها..
 
و يبيحون شفاها ..و نهودا!!.
 
17
 
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب
 
بعد ما صاروا يهودا؟؟…
© 2024 - موقع الشعر