أيّها القبطان - مظفر النواب

اسقنيها
 
وافضحي فيَّ الظلاما
 
بلغت نشوتَها الخمرةُ
 
في خديك
 
نثر الورد في كأس الندامى
 
وروت مبسمَ وردٍ
 
نزع التاج وألقاه بأرواح السكارى
 
بمعانٍ نزعت ألفاظها
 
وقف العشقُ على كفيهِ مجنوناً من النشوة
 
والعود ارتخت أوتارهُ
 
واللحن قاما
 
وانتضائي ضائعَ اللُّب
 
بعينيّ من السُكر دَمُ العصفور
 
والجفن انكساراتُ خزامى
 
جسدي مرتعشٌ بالطّل
 
أنضوه
 
كأني أُفعوانٌ،
 
ترك الثوب السموميّ،
 
على صكة نهديك ضراما
 
متعبٌ
 
أبصم إن حسستني جسمي،
 
فإني لستُ ألقاه
 
وإن قد أشعل الليلَ
 
أنيناً وسقاما
 
ربما يقوى على حملي
 
الى بيت تعودتُ على فقدانه،
 
ألقاهُ في عيني
 
وأغفوه
 
كأن النوم ناما
 
 
 
* * *
 
 
 
رسموا بحراً من الحبر
 
وحطوا مركباً فيه
 
ويا غافل! يا أنت لك الله
 
ركبنا!!!
 
فوجدنا نفسنا في ورق الرسم
 
بلا صوتٍ!
 
ومشطوبين بالأحمر!!!
 
والقبطان مشروخاً الى كعبيه بالذُلِّ
 
أدفعوني
 
ومضى يفتك بالنسوة في قمرتهِ العُليا
 
اهتماماً بالجماهير،
 
وبالفخذ اعتصاما!
 
ليس بالمركب والبحر ثقوبٌ
 
إنما أنت هو الثقب
 
ولن يمنحَك البحر احتراما
 
تدّعي المركب!؟ هيهات!!!
 
ومن أين ولم تُبحر؟
 
وتاريخك وَحْلٌ
 
ودَمُ النوتيةِ الأمجادِ في عُنقِكَ
 
أصبحتَ على البحر إماما!!!؟
 
أسقنيها
 
لم يزلْ للبحر في رأسي، دويٌ
 
والمدى لعبةُ اطفالٍ بكفي
 
وتُقى أشربُها
 
راحاتها استغفرت الله لنا
 
والعُودُ يلتف،
 
كمن يحتضر الروحَ ضُراما.
 
أسقنيها وفدى خُفيك من يشربُ خمراً
 
وهو لا يعرفُ للخمر مقاما.
 
أيها الشاربُ
 
إنْ لم تكُ شفافاً رقيقاً
 
كزجاج الكأس،
 
لا تدخل طقوس السكر والكينونة الكبرى
 
فسوء الخمر يؤذي،
 
بينما يقتل سوءُ الخُلقَ
 
فاشربها كريماً دَمِثاً
 
تطمعُ أنَّ النارَ تستثني الكراما
 
 
 
* * *
 
 
 
قارب الأيام
 
تِهْ بيَّ
 
وتهني..
 
فأنا أسمع تيهاً غامض البُعدِ…
 
وزرَّ البحر من خلفي،
 
وضيّعني أماما…
 
ابتعد عن أيّ شاطئ،
 
أيها النذرُ الشبوبيُّ
 
بمقدار نوايا الشمع
 
تُعطِ البحر بقشيشاً
 
من الماء اضافياً
 
وطعماً…
 
وغماما…
 
أنتَ.. أنتَ المركب النشوانُ
 
ألواحاً
 
ومجذافاً.. وروحاً
 
تتهادى في نئيج الموج والطير
 
وصمت المطلق السينيِّ
 
يا سينيُّ!! يا سينيُّ
 
يا سراً من الأسرار
 
حققتَ الزمان الضدَّ
 
غصناً فارعاً بالورد،
 
ممشوقاً غلاما.
 
كاشفاً عن فخذيك الجبروتين،
 
أفاداتٍ من الرُّز.
 
وصمتِ الفيروزباديِّ
 
وكل امرأةٍ تُسندها
 
تسمع صوت الغرانيق
 
وجيش الزنج،
 
تنضم..
 
وتُعطيك الزماما
 
 
 
* * *
 
 
 
أينهُ وعدُ الذين أُستُضعفوا في الأرض
 
والركض الى المسلخ يومياً!؟
 
أنا أصرخُ يا ربُّ! التفت للناس
 
ما هذي القيادات المنافيخ فراغا
 
تشتكي من سوء هضمٍ،
 
داخل المخ
 
وتجتر نياما
 
أنا سكرانُ بمن تخلقُهمْ
 
من نُطفة اللوز،
 
ونُطق الكسل الصيفي
 
سكرانٌ بمن…
 
يا ربُّ يا تدري بمن!
 
يا ربُّ، يا تدري بمن!
 
قابضٌ راحي على جمرةِ كأسي
 
بهدوء ورضى.
 
أمنحُ دنيايَ على علاتها أقمار زرقاء
 
وناراً وخياما.
 
لم أزلْ أرجع للكتّاب
 
والختمةِ والقرآنِ، طفلا
 
دائماً ألقاك في شارعنا الفرعي
 
تؤويني من الصيف العراقي
 
بثوبيكَ
 
وتتلو صبرَ أيوبَ على وجهي
 
ولكني مهووسٌ غراما:
 
ببيوت أذِن الله بأن يُذكر فيها
 
وكثيراً هيمتني
 
"ألم نشرح"…
 
"والضحى"…
 
"يا أخت هارون ولا أمُّكِ قد كانت بغيّا"
 
"زكريا"
 
"وسليمان بن خاطر" كان صديقاً نبيا
 
وإماماً
 
قبِّل القبرَ "بأكياد"
 
فهذا الهرمُ الطفلُ
 
احتوى أسرارَ مصر كُلَّها،
 
وأقانيمَ خلود الروح والطوفانَ والطودَ
 
أما كان كليمَ الله،
 
في رابية الطودِ،
 
وناداه: سليمان بن خاطرْ
 
طهِّر البيتَ من الأرجاس وانزل أرضَ مصرٍ،
 
حذّرْ الأحزاب في دوامة السلطة
 
والنصفية العاهر
 
بلغها بأن الله لا يقبل إلا بالبواريد
 
السلاما
 
يا صُراخَ الكُوة السوداء
 
يا يحيى نبي الله!
 
"سالومي" تؤدي رقصة الموتِ
 
وألقت آخر الأشياء للستر
 
على استقلال مصر
 
والمزاميرُ وصوتُ النقر من بيت رئيس الجيش
 
صلِّ ركعة الموت
 
فإن الرأس مطلوبٌ
 
ولم تصح الجماهير تماماً.
 
أسقنيها…
 
لا يزالُ الليلُ يشتدُّ
 
وأشتد
 
ولا يبدو على الأفق ذليلٌ
 
ربما كلَّتْ من الخيبة عيني
 
وأضافتْ ظُلُماتٍ
 
أو يروغ الأفقُ أمعاناً بشيء،
 
إنما أُبصر من عين الذين استضعفوا
 
إن أطبقت كُلُّ المقادير جهاما
 
 
 
أنا سكرانٌ بمن تخلقُهُمْ
 
من نُطفةٍ طاهرةٍ،
 
مثل مياه الصُبح
 
في الخدّ قناديلُ من المسك
 
وفي العين شرودُ الظبيّ في الصحراء
 
أنا
 
أنا سكرانٌ بمن
 
يا ربُ يا تدري بمن
 
 
 
لا مني الحُبُّ على الحُبِّ
 
فأغويتُ الملاما
 
أمسكَ الصحبُ السُكارى،
 
ليلَ ردني
 
سقط الزرُّ عليهم قمراً
 
وتدلّى سُلماً خيطٌ
 
الى حصته من قدحي،
 
صار يلتف بروجاً
 
أيُّ كونٍ بين كأسي ويدي!!!
 
ربُّ! لا تغضبْ، فإني "استُضعِفوا"
 
يأخذُ الترتيلُ بالآية لُبّي
 
فإذا ما بسملتْ شاحنةٌ بالحزن والبارود
 
سجّلت على حاشية القرآن
 
اسما
 
شاحنات للذين استضعفوا
 
أهدافها شتى
 
فيا حضرة كُتّاب التقارير،
 
تشيطنتُ
 
ولم أذكر نظاماً
 
رافعاً فردةَ سُباطيّ
 
كالهاتف،
 
كي أشتُمهم.
 
يا خوات ال!!…
 
قُطع الخطُّ ولم أُكملْ مراسيمَ احترامي
 
ربما بالفردة الأخرى،
 
أرادوا الاحتراما
 
 
 
 
 
* * *
 
 
 
أسقنيها
 
ودعي سبابتي الحمقاءَ
 
تستفتحُ بالنهد
 
ولا أدري الختاما
 
انني صَبُّ،
 
أسمّي كُلّ ما يسلبُ لُبي خمرةً
إن كان حُسناً
 
أو قُراحَ الماء في كف كريمٍ
 
أو حزاماً ناسفاً
 
أو بيت شعر
 
أو مُداما.
© 2024 - موقع الشعر