طلقة ثم الحدث - مظفر النواب

الدراج الأرجوان الذي يفضي
الى بيت الرضى الليلي
 
أطفأت دموعي فوقه منتشياً بالخشب العابق بالحزن
 
وقبلت خطى أيامي الأولى
 
على درجاته ذابت جفوني
 
أحرس النقطة
 
ما فرطت بالنقطة يا من فرطوا بالنار
 
نفسي لم تعد تغلق مما بلغ الحزن بها أبوابها
 
كنت نسيجي وحده
 
والعشق كان الغرزة الأولى
 
وفي الساعة حدثين تماماً
 
كان يشتد هجيري من مجير
 
وامتد فلم تحتمل الصحراء
 
هذا ولهي الناري
 
حاولت دمي يطفئها دمعي.. صراخي
 
أتقدت حاولت أرمي فوقها كل الذي أملكه من جسدي
 
فامتنع الناس
 
ألا أملك حقاً من حقوق النشر؟
 
هذا جسدي.. إني.. دمي.. هذي قناعاتي..
 
وهذا درج وطني أحمله
 
أرقاه في الليل
 
أرى او أمسح النجمة
 
بسم الله هذا وطني
 
علمني ألتزم النار..
 
لماذا كل هذا الصمت؟
 
هذي الضجة الخرقاء
 
هذي الهامشيات.. الصراعات.. الأكاذيب
 
لماذا يدخل القمع الى القلب
 
وتستولي الرقابات على صمتي
 
وأوراقي.. وخطوي.. ومتاهاتي؟
 
ألا أملك أن أسكت؟
 
أن أنطق؟
 
أن أمشي بغير الشارع الرسمي؟
 
أن أبكي؟
 
ألا أملك حقاً من حقوق النشر والتوزيع للنيران مجاناً؟
 
لماذا يضع السيد هذا وطني في جيبه الخلفي؟
 
من أرثه النفط وتسويقي؟
 
ومن ذا راودته نفسه أن يشتريني؟
 
قسماً لا بالسماوات
ولكن بالسماوات التي تمطر في عيني جنوبي يتيم في الحدث
 
أحرق بيته
 
طلقة ثم الحدث!!
 
وأنا أعلن ناري
 
أعلن القلب فناراً فوق أرنون الفدائيين
 
يستطلع ليل الكون والبعد الفلسطيني للدهر
 
وما يضمره الغيب
 
ألا يستبق العشق الحدث
 
طلقة غامضة تفتح في الشرق الحسابات
 
وسوف الطلقة الأخرى
 
ولما تبرد الأولى
 
ولا ارتاح الحدث
 
طلقة غامضة تفتح في الشرق حساب الصبر
 
وسوف الطلقة الأخرى
 
ولما تبرد الأولى ولا ارتاح الحدث
 
يبتدي حي الحسين النار
 
يشتاق الحسين بن علي خارجاً بالدم من مرقده
 
يصطف من صلى صلاة السيف والطلقة
 
أمريكا هي الكفر
 
وأمريكا ومن سوف هنا (حسني) الجنائي
 
ففي سوف صراع لم يحن
 
أجلته.. استعجلني
 
كان يرى الأرماث.. والأوساخ.. والأبواب.. لا الطوفان
 
لا تحزن
 
فأنى اعترف الطوفان للأبواب.. والخانات
 
أو قلل طوفان رمث
 
أنت وحدت بغدارة ليل
 
لونها الكحل
 
وغرزت بعشق الأرض
 
ما من قدر إلا بإذن منك يستأذن
 
فأذن يا حبيبي
 
واحترس ما كل غث ثمر غث
 
أقدس الأمطار مدراراً
 
فإن زنبقة بنت ربيعين
 
سبت قلبك يا برق
 
فنسف بعد نسف
 
وكلا الحالين عشق
 
فافهم الحالين كي تسلك في الأحوال
 
واسمع عاشق البرق
 
كثير البث صمت.. وكثير الصمت بث
 
افهموا مصر
 
فكم من عاشق أتلف سوء الفهم نجواه
 
وعري طاهر عندي
 
ولا ثوب مريض الطهر رث
 
افهموا العمق
 
فما كان أتى من عمقها
 
واختمار العمق عشق
 
ولكن مختمر بالسطح
 
والعمق غثاء وعبث
 
قالت الطلقة أن يختزل الكل الخياني
 
فلا تختزلوا الطلقة بالسقف وبالرف
 
بل المنزل
 
كل المنزل الرسمي
 
حتى أكرة الباب التي قد حرست هذا الخنث
 
السكاكين هي المهلة
 
هل ترجو من الرحم الذي لقحه المال اليهودي
 
طهوراً في الطمث
 
نجس كل ولا فرق سوى
 
لهف الأول بالجملة أوساخاً
 
و (حسني) أحد الأخصاص فيما قد لهف
 
السكاكين هي المهلة
 
أو عصر يهودي سعودي
 
سيبني ألف ما خور
 
من التلموذ في أطفالنا
 
في الحب.. في القرآن.. في الشارع.. في الأحلام.. فيمن شهدوا بدراً
 
فيمن شهدوا واستشهدوا من أن أجل أن نحيا
 
ويستدعى الى محكمة
 
حتى النوايا والجثث
 
ها أنا أعلن قلبي
 
فهو إسعاف حزين في جروح العمر
 
والثوار.. والبابون في الشاحب
 
يبكي في بقايا جثث الأطفال في أنقاض صيدا
 
عمرها سيارة الاسعاف لا تغفو
 
لا تنسى عناوين جروح الناس
 
لا تلزمني أنظمة السير
 
ولا الشارات
 
واني ذاهب للجرح.. للطلقة.. للعمق الفلسطيني
 
لا تلتزم الطلقة.. لا تلتزم الإسعاف
 
إلا بالمهمات وخط السير
 
قد يرتبك العداد
 
قد تشتبك الأحداث.. والحارات.. والخندق
 
أستهدي بطعم الألم الثوري
 
أستهدي بنجم غامض
 
لا يتلف البعد ولا تتلفه الأبعاد
 
أستهدي بقلبي كلما صنعت
 
هنا خارطة للوطن المحتل
 
لا تقبلوا شبراً ناقصاً منه
 
وقد أمنها عندي بقلبي هاهنا الأجداد
 
أسري عاشقاً والعشق أسراء
 
وقد بعثرني الهجران والبارود في شعب ضفارى
 
يداويني عود يابس أزهر
 
وأستحضر من أقصى جفاف
 
قطرة عاش عليها
 
آه يا قلبي على عود زكي لم يجد ماء
 
فأورى زهرة من عوده فوراً
 
وهذي شيمة الأجواد
 
ها أنا أعلن أن الجرح يمتد
 
ولا يلقى سوى المستنقع القطري
 
حتى العظم.. والحزن البريدي..
 
سئمت الحزن برقياً
 
سئمت القتل تكراراً
 
كفى مهزلة
 
إني أحن الآن أن أقتل في بغداد
 
أعطوني قراراً واضحاً
 
او أنني حرب على هذا تصديكم
 
الدراج.. طلقة ثم الحدث
 
سنبلة أولى.. وحدس بالحصاد
 
الدراج الأرجواني الذي شب من الأعماق
 
مركي على صدري
 
لمن يرقى عشياً فاضحاً
 
بعض علاقتي بالكون.. وبالنجم الجنوبي
 
ورأسي بصل.. لون صبايا الشام
 
والضيق الذي صار مساحات بصدري
 
من غرامي بالعباد
 
مغرم قلبي بأن يبقى مع الناس
 
وإن عذبه القرب
 
وغطى وجهي النسيان
 
ما أصعب سكراً مطلقاً بالنار في كف الرماد
 
دائر قلبي مع الأيام والثوار والعشاق
 
لا يعرف طعماً للرقاد
وحدودي كل إنسان يعاني غربة
 
حتى أرى غربة عادت الى غربتها
 
واصطحب العمر الى بلدته
 
يحمل القلب دامياً من فرح
 
أو عمر.. أو صاحب واراه في قبر وراء البحر
 
ما زال وراء القبر
 
يستقرئ أخبار البلاد
 
يطلب القوم انطفائي.. أي نعم
 
في ساحة العشق الفدائي
 
شهاباً دفع الوعي به دون رماد
 
أنا لا أعرف تفسيراً لوجدي غيره
 
لكن متى فسرت النار لطاها
 
متى كان لقنديل سوى الخفق
 
الى آخر جفن في السهاد
 
سمع الطلقة فاهتز
 
فهذي طلقة قد أطربت حتى الجماد
 
شهق الكون من التنفيذ؟
 
من شاحنة الأقدار؟
 
واشتاقت برحم الغيب أجيالاً
 
ترى خالد طوداً يطلق النار
 
وقد فرت حكومات الجراد
 
يا لواءً خامراً بالله والتنفيذ
 
هذي كانت التكبيرة الأولى
 
لأركان صلاح الدين في أيامنا
 
من أي تركيب من الأحزان.. والأعشاب.. والعزة
 
مصر عجنت لحمك؟
 
من أي حنان حزن عينيك؟
 
وضعت الطلقة الأولى..
 
وتلك الوقفة العملاقة النشوى
 
أرى عملاق
 
يا عملاق في التخطيط.. في القفزة.. في الإجهاز
 
في تخطيطك الكوني للموقف
 
تحيا مصر
 
في دعمك للبعد الفلسطيني.. للنيل
 
وفي غيبوبة كنت بها لا شك في القدس
 
رآك الناس رؤيا العين
 
أطعمت حمامات بلون العشق.. والفيروز في الأقصى
 
كنت الأب والحلوى
 
وأعطيت يتيماً دامع العينين
 
ظرف الطلقة الأولى
 
وقالوا ذهب الطفل الى قبر أبيه
 
أفعم الطرف تراباً
 
وأتى يركض.. فاستغفيت
 
أو غبت عن الوعي
 
على طاولة التعذيب
 
وانهالت على طودك آلاف العصي
 
إنهارت الدولة.. أمريكا
 
ومن أخرج كالقنفذ من تحت المقاعد
 
يرقص التعذيب ذئباً تحت أقدامك
 
فالترتيل باسم الله
 
والجوع لقد صلب كالصخرة
 
هذا القلب لكني أرى قطرة عشق في قرار القلب
 
ثم النار.. ثم البحر.. والتاريخ
 
والوعي الرسالي لهذا الكون
 
غريب يمسك الجوع عن الايمان سكينا
 
غريب ليس يكفي الجوع.. غريب ليس يكفي الوعي
 
وعي الجوع.. تلك الطلقة الخالقة الأولى
 
وكم جعت.. وجاعت مصر
 
واستفردها النفط السعودي
 
ولكن وضعت كل الأسى والدمع
 
في مخزنك الناري
 
لما تنتهي الأشياء
 
تلك الطلقة الأولى.. وللحدث شواهد
 
رجل الصحو تمنى كل شبل
 
أن يكون الأصغر في كفك
 
لا تحزن
 
ولا تكتب صكوك البعض في قلبك
 
هذا البعض لا يقرأ إلا وعيه الناقص للزهرة..
 
والخنجر.. والأيام..
 
لا يفهم إلا وهو قاعد
 
أنت نفذت فهلا نفذ التاريخ
 
ما كان اتفاقا بين عينيك وعينيه
 
وعادت ماسة النيل الى العقد الالهي
 
فحسن العقد من حسن الفرائض
 
أنت نفذت صراعاً طبقياً.. سيداً
 
بعض صراع طبقي صار للسلطة طباخاً
 
وبعض منه حشو الجيب.. أو حشو الجرائد
 
يا مصر سيري بالأناشيد
 
وخلي خبز أشجانك.. والشاي.. وأطفالك..
 
والأزجال في وجه المتاريس
 
أمام السجن
 
في الساحة سيناء بهذا السجن
 
والنيل ببحر البقر الدامي
 
بعبد المنعم المدفون في النسيان
 
"بأيام التلامذة.. وعم حمزة.. وجيش لجيش .. والله أكبر"
 
زغردي ناراً وبركاناً من الحزن الصعيدي
 
لوجه الرجل اللحظة.. والتاريخ.. والبذل
 
لهم.. للفتيه السمر كما التصويت
 
صون العهد.. قم للوعد.. هدي السجن يا مصر
 
كل الأسماء آيات على وجه المساجد
 
منذ هذي الطلقة الفاصل
 
مشروع بن عزلا لن يرى النور
 
ولن يخرج من قصر الأمير الخصي
 
لن يأكل إلا الرمل.. إلا الشوك والغصة
 
والتنديد..
 
هذا الجرب الكلي لن تتركه (سيهات)
 
لن يتركه دم (جهيمان)
 
لا يتركه الوعد العتيبي ليرحب
 
وأرى قدح السكاكين من (الأحساء)
 
إني لأراها
 
وأرى خلف رماد الصمت ماذا في المواقف
 
السعوديون اسرائيل مهما كحلوا مشروعهم
 
ولقد يلقون بالعظمة
 
اسكاتاً لمن ينج من تحت الموائد
 
انني أضحك مجموعة جرذان
 
قراد.. فرقة العزف الخليجي
 
وقرد يضبط اللحن الخياني
 
وأبكي إننا لا شيء
 
أصفاراً نعاني غرفة الصفر
 
احتلام الصفر.. حسن الصفر.. صمت الصفر
 
أخرج أيها الصفر
 
من النفي النهائي الى الكون النهائي
انتفض.. كن
 
امحق الآلية العمياء
 
والنفي.. وفي النفي
 
فالإنسان لا الجبرية قائد
 
وأنا أعلن قلبي نجمة صدرية
 
بين سفين الليل
 
تشعر بعض الدفء
 
في كوة حزن ما وراء البحر.. والأيام
 
في سجن بعيد بالمنامة
 
لم ينم هذا السجين الجدلي الوجه
 
ما زالت مآقيه كخط الفجر في الليل الخليجي
 
وما زال بخار البحر
 
والخلجان في تهويمه.. والموج.. والأغنية الأولى
 
لقبطان جريء.. مبحر نحو القيامة
 
سجل الطلقة وارتد صداها
 
بين جنبيه فجيئاً.. وذهابا
 
وسعت قوة زنزانته
 
وازدحمت فيها نجوم الليل
 
والأشرعة البيضاء
 
والحب الذي أوسع من نجم وترنيم حمامه
 
لم أعد أعلن قلبي فرحاً إلا يسار الشمس
 
أستقتل في البحث عن الجوع الجنوبي
 
أغذيه بأقصى الشعر والحقد
 
وأنساه بصمت الخندق المكتظ بالأمطار..
 
والأبطال .. والأهوال
 
أنساه بعيني عاكف في قرية خضراء
 
ما أضيق عينيه إذا صوت
 
ما أوسعها حتماً أصاب الهدف الآن
 
أصاب الهدف الأول واستولى عليه الشوق للثاني
 
وأنساه مع الأيام في البصرة في بغداد
 
مرمياً على الأسلاك
 
بغداد بلا شباك
 
ولكن قط لن أنسى
 
أنا قلبي إذا ما نسفت أفعى
 
وساد القم.. والجاموس.. والمشروع
 
لا بل طلقة ثم الحدث
 
الدراج الأرجواني الذي عمري سأعطيه
 
لمن سأعطيه
 
لمن لا يصل الشعر الحقيقي
 
لمن يلصق في وجه المحطات
 
أغاني الدم والشوق الفلسطيني
 
أو طفل وحيد في الحدث
 
سوف أعطيه لمن يرقى جدار السجن
 
يعطي خالداً قلبي.. وشعري
 
وسلاما من كثير الحب بث
 
هكذا أرسيت أن القائد تنفيذ
 
ولا يتجر بالدم لكن يقبض أثمان الجثث
 
وأخيراً كل من يرضى بمشروع السعوديين
 
أو يدخل باباً منه
 
فهو من نفس الزنا
 
لكن بحالات الطمث......
© 2024 - موقع الشعر