مَنْ كانَ مِنّي جاهلاً أوْ مغمّراً - لبيد بن ربيعة

مَنْ كانَ مِنّي جاهلاً أوْ مغمّراً
فَما كانَ بدعاً منْ بلائيَ عامرُ

ألِفْتُكَ حتّى أخْمَرَ القوْمُ ظِنَّة ً
عليَّ بنُو أُمِّ البنينَ الأكابِرُ

ودافعتُ عنكَ الصّيدَ مِن آلِ دارمٍ
ومِنهُمْ قَبيلٌ في السُّرادِقِ فاخِرُ

فقيمٌ وعبدُ اللهِ في عزِّ نهشلٍ
بِثَيْتَلَ، كُلٌّ حاضِرٌ مُتَناصِرُ

فذدتُ معدّأً والعبادَ وطيئاً
وكَلباً كَمَا ذِيدَ الخِماسُ البَوَاكِرُ

على حينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيهِ ذَنُوبُهُ
يجدْ فقدَها، وفي الذنابِ تداثرُ

وسُقْتُ رَبِيعاً بالفنَاءِ كأنّهُ
قريعُ هجانٍ يبتغي منْ يخاطرُ

فأفحمتهُ حتّى استكانَ كأنّهُ
قريحُ سلالٍ يكتفُ المشيَ فاترُ

ويومَ ظعنتمْ فاصْمعدّتْ وفودكُمْ
بأجمادِ فاثورٍ كريمٌ مصابرُ

ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا
ينجرانَ، فقري ذلك اليومَ فاقِرُ

ويوماً بصحراءِ الغبيطِ وشاهِدي ال
مُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ

وفي كلِّ يومٍ ذي حفاظٍ بلوتَني
فقمتُ مقاماً لم تقمهُ العَواوِرُ

ليَ النصرُ منهمْ والولاءُ عليكمُ
وما كنتُ فَقْعاً أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ

وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَة ً
سِوايَ، وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ

فقلتُ ازدجرْ أحناءَ طيرِكَ واعلمنْ
بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ

وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ
وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفواقِرُ

فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها
كلا مرْكبيْها تحتَ رِجليك شاجرُ

فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّماً
عظيماً وإنْ أخرتَ فالكفلِ فاجِرُ

وما يكُ منْ شيءٍ فقدْ رُعتَ روعة ً
أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ

فلوْ كانَ مولايَ أمرأً ذا حفيظة ٍ
إذاً زفَّ راعي البهمِ والبهمُ نافِرُ

فَلا تبغيني إنْ أخذتَ وسيقة ً
منَ الأرْضِ إلاَّ حيثُ تُبغى الجعافرُ

أُولئِكَ أدْنَى لي وَلاءً ونَصْرُهُمْ
قَريبٌ، إذا ما صَدَّ عَنّي المَعَاشِرُ

متى تَعْدُ أفْراسي وَرَاءَ وَسِيقَتي
يَصِرْ مَعْقِلَ الحَقِّ الذي هوَ صَائِرُ

فجمَّعتُها بعدَ الشتاتِ فأصبحتْ
لدَى ابنِ أسيدٍ مؤنقاتٌ خناجرُ

© 2024 - موقع الشعر