حمزه

لـ فدوى طوقان، ، في غير مُحدد، آخر تحديث

حمزه - فدوى طوقان

كان حمزه
وأحدامن بلدتي كالآخرين
طيبا يأكل خبزه
بيد الكدح كقومي البسطاء الطيبين
قال لي حين التقينا ذات يوم
وأنا اخبط في تيه الهزيمه:
اصمدي، لا تضعفي يا ابنة عمي
هذه الأرض التي تحصدها
نار الجريمة
والتي تنكمش اليوم بحزنٍ وسكوت
هذه الأرض سيبقى
قلبها المغدور حياً لا يموت
هذه الأرض امرأة
في الأخاديد وفي الأرحام
سر الخصب واحد
قوة السر التي تنبت نخلاً
وسنابل
تنبت الشعب المقاتل
دارت الأيام لم التق فيها
بابن عمي
غير أنّي كنت أدري
أنَّ بطن الأرض تعلو وتميد
بمخاضٍ وبميلادٍ جديد
كانت الخمسة والستون عام
صخرة صماء تستوطن ظهره
حين ألقى حاكم البلدة أمره:
"انسفوا الدار وشدوا
إبنه في غرفة التعذيب!" ألقى
حاكم البلدة أمره
ثم قام
يتغنّى بمعاني الحبّ والأمن
وإحلال السلام!
طوَّق الجند حواشي الدار
والأفعى تلوت
وأتمت ببراعه
اكتمال الدائرة
وتعالت طرقات آمره:
"اتركوا الدار"! وجادوا بعطاء
ساعةٍ أو بعض ساعه
فتّح الشرفات حمزه
تحت عين الجند للشمس وكبّر
ثم نادى:
"يا فلسطين اطمئني
أنا والدار وأولادي قرابين خلاصك
نحن من أجلك نحيا ونموت"
وسرت في عصب البلدة هزَّه
حينما ردَّ الصدى صرخة حمزه
وطوى الدار خشوعٌ وسكوت
ساعةٌ، وارتفت ثم هوت
غرفُ الدار الشهيده
وانحنى فيها ركام الحجرات
يحضنُ الأحلام والدفء الذي كان
ويطوى
في ثناياه حصاد العمر، ذكرى
سنوات
عمرت بالكدح، بالأصرار؛ بالدمع
بضحكات سعيده
....................
أمس أبصرت ابن عمي في الطريق
يدفع الخطو على الدرب بعزمٍ ويقين!
لم يزل حمزه مرفوع الجبين
© 2024 - موقع الشعر