مغنٍّ قديم - فاطمة سيد ناعوت

أوقفناهُ في الشِّعرِ.
 
فقالَ:
 
"تمنيتُ أن أكونَ إلهًا !"
 
بلْ
 
وراحَ في غيِّهِ
 
يستقْطِّرُ المِدادَ وروحَ الدلالةِ
 
من عيدانِ خيزُرانٍ ،
 
سكبتْ فناءَها في غاباتٍ
 
تُطِّلُ بوجهِها الباردِ
 
على خيطِ الاستواءْ.
 
راح يجنحُ نحو مجاهلَ
 
عميقةِ الإعتامِ
 
ساكنةْ ،
 
تنتهي عند سبَّابةِ " عبد الصبور"
 
في مسرحِ الجامعة
 
ليعلنَ انتهاءَ العرضِ بموتِ الراويةِ
 
إثرَ سكتةٍ دماغيةٍ
 
باغتتْه قبل إسدالِ الستارِ
 
نتيجةَ طولِ النصِّ الشعريّ
 
وغيابِ
 
مسافريّ الليل.
 
أوقفناهُ في الشِّعرِ
 
فظلَّ يقتنصُ من كلِّ ساعةٍ لحظةً
 
كي يكَّوِنَ في عشرينَ سنةً
 
مرآةً
 
مغبَّشةَ الزجاجِ
 
مقعَّرةً
 
يرقب فيها انعكاسَ جميلتِه القديمة
 
خلفَ حوانيتِ قاهرةِ المعزّ ،
 
فيرتدُّ إليه بصرُه
 
عند بدايةِ القرنِ ،
 
كأنه هو
 
كأنها هي
 
كأن الجامعةَ أفرغتْ حملَها
 
واستراحتْ.
 
سيكون بمقدورِنا استكناهُ الأمرِ
 
على نحوٍ معقولْ
 
إذا قامرَ على حصانٍ آخرَ
 
له سابقُ عهدٍ
 
بالحواجزِ والباحاتْ ،
 
حِصانٍ
 
لا يخسرُ دائمًا
 
ولا
 
يقتلُه مكعَّبُ السُّكرِ
 
بمجردِ أن يمسَّ لسانَهُ
 
رحيقُ المرَّةِ الأولى.
 
سنهيئ له فرصةً جديدةً
 
نوقفهُ في التخلّي
 
ليرصدَ وجهَها في مَحاقِه
 
شاحِبًا
 
مصدوعًا
 
و موغلاً في السقوط.
© 2024 - موقع الشعر