رسالة من شظيّة الحب - غادة السمان

قال لي : كم من الجرائم
ارتكبت أيتها المرأة باسم الحرية ؟
قلت له : كم من الجرائم
ارتكبت أيها الرجل باسم الرجولة والفحولة ؟
 
* * *
كان عليَّ أن أطلق الرصاص على ذكراك
دفاعاً عن حياتي .
وكان عليَّ أن أفشل في نسيانك
دفاعاً عن إنسانيتي .
ممدة بين لا ونعم،
أمشي إلى غدي ساقاً في الجليد وأخرى في النار!
ولكنني أستمر وعكازي قلمي . .
لقد عبرتني أحزان نساء بلادي على مدى عصور ،
واخترقتني آهاتهن السرية في مخادع العتمة والبكاء والسياط . .
وتقمصّت جسد رفضي فأشعلته كمصباح .
وها أنا أرتعش برفة صدورهن كعصفور
يهمّ بالتحليق من أقفاص لا مرئية .
ثمة أجيال من النساء تسبح في دمي ،
والسيّاف يلاحقهن !
 
* * *
لقد غادرت أوكار الهمس
وأعلنت أجنحتي ضد الخرائب . .
لن أكون خفّاشاً ، يقضي عمره معلّقاً ضد الجاذبية ،
ليتوهم الدنيا المقلوبة رأساً على عقب ، بخير . .
مئات الأعوام وأنا أقرض بهدوء قيودي الحديدية ،
مئات الأعوام وأنا أرفض التعايش السلمي مع الجزرة والعصا ،
مئات الأعوام وأستاذي الببغاء يحاول عبثاً تعليمي . .
كيف أقول ما لا أضمر ، وأفعل ما أرفض !
وها أنا أفتح باب الفضاء ،
راحلة بلا عتاب .
لا مسرحيات درامية للنهايات الهزلية . .
وذكراك ، شظية حب ضلّت طريقها في أزمنة شرسة . .
حزينة ؟ أخاف من الفرح لأنه أرعن ، حار ، وأخرق !
© 2024 - موقع الشعر