لمن الدار - عبيد بن الابرص

لِمنِ الدارُ أقفرتْ بالجَنَابِ
غير نُؤيٍ ودمْنَةٍ كالكِتابِ

غَيّرَتْهَا الصِّبَا ونفخُ جنوبٍ
وشمالٍ تذرو دقاقَ التّرابِ

فَتَرَاوَحْنَهَا وكل مُلِثٍّ
دائمِ الرعدِ مُرجَحِنِّ السحابِ

أوحشتْ بعد ضُمَّرٍ كالسعالِي
من بناتِ الوجيهِ أو حلابِ

ومراحٍ ومسرحٍ وحلولٍ
ورعابيبَ كالدُّمى وقبابِ

وكهولٍ ذوي ندىً وحلومٍ
وشبابٍ أنجادِ غُلبِ الرقابِ

هَيَجَ الشوقَ لِي معارفُ منها
حينَ حلّ المشيبُ دارَ الشبابِ

أوطنتها عُفرُ الظباء وكانت
قبلُ أوطانَ بُدَّنٍ أترابِ

خردٍ بينَهُنّ خودٌ سَبَتْنِي
بِدلالٍ وهيجت أطرابِي

صعدةٌ ما علا الحقيبةَ منها
وكثيبٌ ما كان تَحتَ الحقابِ

إننا إنَّما خُلِقْنَا رُؤوساً
مَنْ يُسوّي الرؤوسَ بالأذنابِ

لا نَقِي بالاحسابِ مالاً ولكن
نَجعل المالَ جُنّةَ الأحسابِ

ونَصُدُّ الأعداءَ عنا بضربٍ
ذي خِذامٍ وطَعْنِنَا بالحرابِ

وإذا الخيلُ شَمّرتْ فِي سنا الحَرْبِ
وصارَ الغُبارُ فوق الذُّؤابِ

واستجارتْ بنا الخيولُ عِجالاً
مُثقَلاتِ المتونِ والأصلابِ

مُصغياتِ الخدودِ شُعثَ النواصي
فِي شماطيطِ غارةٍ أسرابِ

مُسرعاتٍ كأنَّهنَّ ضِراءٌ
سَمعتْ صوتَ هاتفٍ كلاّبِ

لا حقاتِ البطونِ يصلهنَ فخراً
قد حوينَ النهابَ بعد النهابِ

تمت الإضافة بواسطة:سالم الفروان
© 2024 - موقع الشعر