يَا آيَ قُرْآنِ السَّمَاءِ - عبدالرحمن العشماوي

نَطَقَ الْعِدَا وَسَكَتَّ يَا صَمْصَامُ
مَا هَكَذَا تَتَحَقَّقُ الأَحْلامُ

أَلْقَتْ جُيُوشُ الْمُعْتَدِينَ خِطَابَهَا
وَجُيُوشُ قَوْمِي مَا لَهُنَّ كَلاَمُ

ثَارَ الْغُبَارُ عَلَى الرُّؤُوسِ فَمَا انْجَلَى
حَتَّى الْتَقَى الْجَزَّارُ وَالْحَجَّامُ

يَمْتَصُّ هَذَا مِنْ دِمَاءِ شُمُوخِنَا
وَعَلَى يَدِ الْجَزَّارِ تُفْلَقُ هَامُ

تَجْرِي الْمَعَارِكُ وَالْعُرُوبَةُ مُقْلَةٌ
عَمْيَاءُ لاَ نَظَرٌ وَلاَ إِلْهَامُ

وَكَتَائِبُ الإِلْحَادِ يَقْظَى لَمْ تَزَلْ
تَرْمِي الْهُدَى، وَالْمُسْلِمُونَ نِيَامُ

يَا صَافِنَاتِ الْمَجْدِ، مَا لَكِ، كُلَّمَا
نَادَى الْمُنَادِي ضَاعَ مِنْكِ زِمَامُ

شَكَتِ الْحَظَائِرُ مِنْكِ، صِرْتِ حَبِيسَةً
فِيهَا، وَحَقُّ الْمُسْلِمِينَ يُضَامُ

يَا حَسَرَةَ الضِّرْغَامِ إِنْ لَمْ يَنْعَتِقْ
مِنْ وَهْمِهِ وَخُمُولِهِ الضِّرْغَامُ

مَاذَا سَيَبْقَى مِنْ كَرَامَةِ أُمَّتِي
إِنْ غَابَ عَنْ سَاحَاتِهَا الإِقْدَامُ

يَا صَافِنَاتِ الْمَجْدِ، نَقْعُكِ لَمْ يَثُرْ
مُنْذُ امْتَطَاكِ الْخَوْفُ وَالإِحْجَامُ

شَتَمُوا الرَّسُولَ، فَمَا رَأَيْنَا فَيْلَقًا
يَمْضِي، وَلَمْ يُمْلَكْ لَدَيْكِ لِجَامُ

هَتَكُوا الْحِجَابَ، فَمَا رَأَيْنَا سَاحَةً
يَهْتَزُّ فِيهَا لِلإِبَاءِ حُسَامُ

وَعَلَى الشَّرِيعَةِ أَجْلَبُوا بِخُيُولِهِمْ
وَرِجَالِهِم، وَعَلَى الْمَحَارِِمِ حَامُوا

دَخَلُوا إِلَيْنَا مِنْ جَمِيعِ ثُقُوبِنِا
وَعَلَى رُفَاتِ الْمَكْرُمَاتِ أَقَامُوا

دَاسُوا كِتَابَ اللَّهِ بِالأَقْدَامِ، لاَ
سَلِمَتْ رُؤُوسُهُمُ وَلاَ الأَقْدَامُ

شَهِدَتْ مَسَاجِدُنَا، عَلَى أَنْقَاضِهَا
ذَرَفَ الدُّمُوعَ مُؤَذِّنٌ وَإِمَامُ

شَهِدَتْ سُجُونُ الْغَدْرِ، فِي ظُلُمَاتِهَا
جَوْرٌ تَبُوحُ بِهِ (جُوَانْتَانَامُو)

(وَأَبُوغَرِيبٍ) مَا يَزَالُ حَدِيثُهُ
يُرْوَى، فَأَيْنَ الْوَصْلُ يَا أَرْحَامُ

أَيُدَاسُ مُصْحَفُنَا الشَّرِيفُ فَمَا الَّذِي
يَبَقَى إِذَا لَمْ تَنْطِقُ الأَقْلاَمُ

حَدَثٌ لَوْ اَنَّ الْكَوْنَ أَبْصَرَهُ هَوًى
وَتَسَاقَطَتْ مِنْ هَوْلِهِ الأَجْرَامُ

يَا غَرْبُ، يَا عُلَمَاءَهُ، حُكَمَاءَهُ
حُلَمَاءَهُ، أَوَمَا لَكُمْ أَفْهَامُ

مَا بَيْنَنَا - لَو تَفْهَمُونَ -وَبَيْنَ مَا
يَدْعُو إِلَيْهِ الأَنْبِيَاءُ خِصَامُ

فِينَا وِرَاثَتُهُمْ، لأَنَّ مُحَمَّدًا
لِلأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ خِتَامُ

عَجَبًا لَكُمْ، أَرْحَلْتُمُ الْجَمَلَ الَّذِي
يَشْكُو الْهُزَالَ، فَمَا عَلَيْهِ سَنَامُ

سَيَمُوتُ قَبْلَ وُصُولِهِ فَإِلَى مَتَى
تُلْغَى الْعُقُولُ، وَتَضْعُفُ الأَحْلاَمُ

يَا شُكْرُ، قَدِّمْ مِنْ زُهُورِكَ بَاقَةً
لِجَمِيعِ مَنْ شَجَبُوا الْعَدُوَّ وَلاَمُوا

وَلِكُلِ مَنْ نُصِبَتْ لَهُمْ بِإِبَائِهِمْ
فِي سَاحَةِ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ خِيَامُ

لأَشَاوِس الأَفْغَانِ جَلْجَلَ صَوْتُهُمْ
حَتَّى اسْتَجَابَتْ مِصْرُنَا وَالشَّامُ

وَلِمَهْبَطِ الْوَحْي الْمُبِينِ، وَأَهْلِهِ
مِمَّنْ عَلَى شَرَفِ الْمَكَانِ أَقَامُوا

وَلِكُلِّ صَوْتٍ مُسْلِمٍ بَلَغَ الصَّدَى
مِنْهُ الْمَدَى، فَتَجَاوَبَ الإِعْلاَمُ

أَصْوَاتُ أُمَّتِنَا الَّتِي لَمْ يَرْتَفِعْ
عَنْهَا الْبَلاَءُ وَتُكْشَفِ الآلاَمُ

هَتَفَتْ، وَقَدْ يُغْنِي هُتَافُ مُكَبَّلٍ
مِنْ حَوْلَهُ يَتَطَاوَلُ الأَقْزَامُ

يَا أُمَّةً سُرِقَتْ ثِيَابُ شُمُوخِهَا
وَأُحِلَّ فِيهَا لِلْعَدُوِّ حَرَامُ

جِسْرُ النَّجَاةِ أَمَامَ عَيْنِكِ فَاعْبُرِي
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَبَدَّلَ الأَيَّامُ

قُولِي لِقُرْآنٍ تَلاَهُ مُوَحِّدٌ
وَبِهِ تَسَامَى فِي الْحَيَاةِ كِرَامُ

يَا آيَ قُرْآنِ السَّمَاءِ، لَكِ الْعُلاَ
وَالْمَجْدُ وَالإِجْلاَلُ وَالإِكْرَامُ

وَلِمَنْ يَخُونُكِ آفَةٌ مَسْمُومَةٌ
تُودِي بِهِ، وَلأَنْفِهِ الإِرْغَامُ

هُدِيَتْ بِكِ الأَكْوَانُ، حَتَى لَمْ يَعُدْ
لِلْكُفْرِ - مَهْمَا يَسْتَبِدُّ - مُقَامُ

إِنِّي لأُبْصِرُ مَصْرَعَ الْبَاغِي، وَمَا
أَنَا فِي الَّذِي أَبْصَرْتُ مِنْهُ، أُضَامُ

بَلَغَ الْكَفُورُ بِكُفْرِهِ أَقْصَى الْمَدَى
وَنِهَايَةُ الْكُفْرِ الْبَوَاحِ ظَلاَمُ.

© 2024 - موقع الشعر