شتان بين البر والعقوق! (إن الأبوة ليست بمجرد الانتساب ، بل هي بذلٌ وجهدٌ وعطاءٌ ونصيحة وتضحية. أورد الخولي في قصصه الواقعية تحت عنوان (الأب الحقيقي) قصة ملخصها: (دخل الأب منزله كعادته في ساعةٍ متقدمةٍ من الليل ، وإذ به يسمع بكاء من غرفة ولده. فدخل عليه فزعاً متسائلاً عن سبب بكائه ، فردّ الابن بصعوبة: لقد مات جارنا فلان (جد صديقي أحمد) ، فقال الأب متعجباً: ماذا! مات فلان! فليمت عجوز عاش دهراً ، وهو ليس في سنك يا بني ، وتبكي عليه كل هذا البكاء ، يا لك من ولدٍ أحمق لقد أفزعتني ، ظننت أن كارثة قد حلت بالبيت ، ربما لو أني مُت لمَا بكيت عليّ هكذا! نظر الابن إلى أبيه بعيون دمّاعة كسيرة قائلاً: نعم لن أبكيك مثله! هو مَن أخذ بيدي إلى الجُمَع والجماعة في صلاة الفجر ، وهو من حذرني من رفاق السوء ، ودلني على رفقاء الصلاح والتقوى! هو من شجعني على حفظ القرآن وترديد الأذكار. أنت ماذا فعلت لي؟ كنت لي أباً بالاسم ، كنت أباً لجسمي ، أما هو فقد كان أباً لروحي!)

© 2024 - موقع الشعر