عجبت للنذل! (عاشوا في غربتهم في ظروف قاسية متقاربة وأحوال متشابهة ومستويات معيشة متماثلة! وذات يوم يقرر أحدهم وضع حدٍ لغربته واغترابه! فعاد إلى بلده ، وهناك جرّب العمل الحر ، وبدأ بالتصدير والاستيراد ثم العقارات. وفتح الله تعالى عليه من زهرة الحياة الدنيا. وبعد أن كان أغلب حديثه لا يتعدى الدراهم المعدودة فيما دونها ، صار يتحدث بالملايين فيما فوقها! فكانت نقلة نوعية بعيدة وطفرة حياتية كبيرة ، أصابه فيهما الذهول عن كل شيء! وذات يوم عاد إلى دار غربته لا ليبحث عن الدراهم المعدودة بل ليكسب الملايين على حد قوله! وهناك طلب اللقيا برفاقه السابقين الأولين الذين لم تنته غربتهم بعد! بل هم على ما كانوا عليه بالأمس الذي يراه بعيداً ويرونه قريباً! يلوكون فقرهم ولا يرتضون أبداً بترقيع دنياهم بتمزيق دينهم! فعاشوا تعضهم الحياة بقواطعها وتُمزقهم بأنيابها وتطحنهم بضروسها. فهل عاد ذلك الزائر المليونير ليحمل عنهم هموم الحياة ، وليعينهم على ما قدر الله عليهم في دار غربتهم؟! والجواب أنْ لا. بل عاد ليَعقد الصفقات العقارية المليونية ، ولم يتذكر أصحابه القدامى بشيء من التوسعة والنعيم الذي يرفل فيه!)

© 2024 - موقع الشعر