في دار الأوبرا - أحمد شوقي

"هذه القصيدة لم يتبين لي –على وجه
اليقين- سبب إنشادها، وأحسبه نظمها لمناسبة احتفال في

دار الأوبرا أقامته جمعية من جمعيات البر بأبناء السبيل"
حبذا الساحة والظل الظليل

وثناء في فم الدار جميل
لم تزل تجري به تحت الثرى

لجة المعروف والنيل الجزيل
صنع إسماعيل، جلت يده

كل بنيان على الباني دليل
أتراها سدة من بابه

فتحت للخير جيلاً بعد جيل؟
ملعب الأيام، إلا أنه

ليس حظ الجد منه بالقليل
شهد الناس بها "عائدة"

وشجى الأجيال من "فردي" الهديل
وائتنفنا في ذراها دولة

ركنها السؤدد والمجد الأثيل
أينعت عصراً طويلاً، وأتى

دون أن تستأنف العصر الطويل
كم ضفرنا الغار في محرابها

وعقدناه لسباق أصيل
كم بدور ودعت يوم النوى

وشموس شيعت يوم الرحيل
رب عرس مر للبر بها

ماج بالخير والسمح المنيل
ضحك الأيتام في ليلته

ومشى يستروح البرء العليل
والتقى البائس والنعمى به

وسعى المأوى لأبناء السبيل
ومن الأرض جديب وند

ومن الدور جواد وبخيل
***

يا شباباً حنفاء ضمهم
منزل ليس بمذموم النزيل

يصرف الشبان عن ورد القذى
وينحيهم عن المرعى الوبيل

اذهبوا فيه وجيئوا إخوة
بعضكم خدن لبعض وخليل

لا يضرنكمو قلته
كل مولود وإن جل ضئيل

أرجفت في أمركم طائفة
تبع الظن عن الإنصاف ميل

اجعلوا الصبر لهم حيلتكم
قلت الحيلة في قال وقيل

أيريدون بكم أن تجمعوا
رقة الدين إلى الخلق الهزيل؟!

حلت الأرض من الهدى، ومن
مرشد للنشء بالهدى كفيل

فترى الأسرة فوضى، وترى
نشأ عن سنة البر يميل

لا تكونوا السيل جهماً خشناً
كلما عب، وكونوا السلسبيل

رب عين سمحة خاشعة
روت العشب، ولم تنس النخيل

لا تماروا الناس فيما اعتقدوا
كل نفس بكتاب وسبيل

وإذا جئتم إلى ناديكمو
فاطرحوا خفلكمو العبء الثقيل

هذه ليلتكم في "الأوبرا"
ليلة القدر من الشهر النبيل

مهرجان طوف الهادي به
ومشى بين يديه جبرئيل

وتجلت أوجه زينها
غرر من لمحة الخير تسيل

فكأن الليل بالفجر انجلى
وكأن الدار في ظل الأصيل

***
أيها الأجواد لا نجزيكمو

لذة الخير من الخير بديل
رجل الأمة يرجى عنده

لجليل العمر العون الجليل
إن داراً حطتموها بالندى

أخذت عهد الندى ألا تميل
***

© 2024 - موقع الشعر