جسر لندن! - أحمد علي سليمان

يا (جِسْرَ لندنَ) كم هالتْك أسفارُ
وكم تحَدَّتْك أخطارٌ وأغيارُ

وكم شهدتْ دِماءً خابَ مُهدِرُها
كأنها فوق مَتن الجسر أنهار

وماءُ نهركَ قان مِن بَريء دمٍ
والنهرُ أبْكتْه هيجاءٌ وأخطار

سَل البَوارجَ أضنتْها حُمولتُها
والنهرُ أضنتْه أحمالٌ وأوضار

والجسرُ ضاقَ بما أقواسُه حملتْ
مِن ناقلاتٍ بها تَضيقُ أقطار

والمَركباتُ عليها كلُّ عُدَّتها
والجُندُ يَدفعُهم نحو العِدا الثار

حربٌ بلا هدفٍ سام يُبَرِّرُها
ومِن عجيب الصُّوى للحرب أنصار

والجسرُ يبكي ، ومَن يَأسى لدمعته
على الضحايا قضَوْا بظلم مَن جاروا

لم يَقبل الضيمَ يُحنِي هامَ مَن ركبوا
طوقَ النجاة وعَبر النهر أسفار

فالقومُ ساروا ، وفي (التايمز) رحلتُهم
مِن بعد ما رَجَّهم قهرٌ وإحصار

والجسر وَدَّعَهم ، والدَّمعُ يَخنقه
وللدَّسائس دَلالٌ وسِمسار

يا جسرُ أدَّيت ما الإحسان يَفرضُه
مِن المُروءة ، أهلُ الجود أخيار

وكنت يا جسرُ ذا قلب وعاطفةٍ
وإنْ عَلتْه فلنكاتٌ وأحجار

وقلت رأيك في سِر وفي عَلن
ولم يُخفك الألى في غيِّهم ساروا

وكم نصحتَ ، ولم يُصغ الألى ظلموا
بل عارضَ النصحَ أوباشٌ وأشرار

لله أعذرتَ وَعظاً ، فاسْتهان به
مَن عاينوه ، فطابتْ منك أعذار

لله دَرُّكَ جسرٌ خاض ملحمة
ميدانها اندَلعتْ في أمِّه النار

مناسبة القصيدة

(إن جسر لندن مَعْلمٌ تاريخيٌ وحضاريٌ لا يُستهانُ به! ودَورُه في الحرب العالمية الأولى (1914م – 1918م) لا يُستهان به! فلقد شهدَ مآسِيَ وضمَّختْه دماءٌ لا وصف لها! وأسفله نهر التايمز لم يكن بأسعدَ حالاً منه في الدِّماء والأشلاء والجُثث الطافية! ومن هنا كانت قصيدتي: (جسر لندن) متناولة شيئاً من الذكريات الدَّمَوية الحزينة ، في وصف حال الجسر في الحرب!)
© 2025 - موقع الشعر