رحمن رحمن! (معارضة لقصيدة عجلان ثابت) - أحمد علي سليمان

رحمنُ ، يا رحمنْ
يا مُنْزلَ القرآنْ

يا خالقَ الإنسان
يا واهبَ التبيان

يا واضعَ الميزان
يا واسعَ الغفران

أودَى بنا العِصيان
في السر والإعلان

وأذلنا الطغيان
والبغيُ والعُدوان

ندعوك باستيقان
يا ربنا الرحمن

فليدركِ العُبدان
مَولاهمُ الديان

******************
******************

اللهُ ، يا اللهْ
ما خابَ مَن ناجاهْ

مُستعصماً بهُداه
مُتشوقاً للِقاه

مُستفتِحاً بدُعاه
والقُربِ مِن مولاه

وفؤادُه أوّاه
مُتطلعٌ لرضاه

تبكي دَماً عيناه
والقولُ يَغمر فاه

مَرفوعة كفاه
مُستصحِباً تقواه

يشكو المُنى وهواه
وعِداتَه لله

******************
******************

يدعوهُ في البأساءْ
كي يَكشفَ الضراءْ

ويقولُ في استحياء
مُستشفِعاً ببُكاء

رب ارفع البلواء
رب اصرف الأرزاء

عبدٌ أنا خطاء
مِن زلتي مُستاء

لي في الدعاء رجاء
يا واهبَ النعماء

فاقبلْ أثيماً جاء
يُزجي إليك دُعاء

فاجعله في السُعَداء
كي لا يذوقَ شَقاء

******************
******************

يا ربنا رُحماكْ
الطفْ بمَن ناجاك

لم يَلجَأنْ لسواك
مَن ذا له إلاك؟

يهفو إلى نُعماك
فامنحْ جميلَ عطاك

ما شأنهُ لولاك؟
هو بالرجاء أتاك

ولئن غوى وعصاك
ودهى قواه هلاك

فامنحْهُ بعض رضاك
ليعيشَ وفق هُداك

وارزقهُ بعضَ تُقاك
يا ربنا رُحماك

******************
******************

يا بارئ الآنامْ
اغفرْ لنا الآثامْ

ندعوك باسترحام
كي تشفيَ الأسقام

ونُقِرُ دون سَوام
بالذنب والإجرام

ونقولُ باستسلام
تُبنا إلى العلام

والعبدُ ليس يُلام
إن جاهدَ الأوهام

وتسنم الإقدام
وسعى بلا إحجام

لله ذي الإكرام
والفضل والإنعام

******************
******************

يا رب يا توابْ
سامحْ عَصِياً تابْ

أودى به الأصحاب
حتى استُذل وخاب

لم يطرق الأبواب
كي يبلغ الأسباب

طرح الهُدى وارتاب
وحَلا له التلعاب

وتنكبَ الآداب
وقلا خطى الأحباب

ثم اهتدى وأناب
يخشى أليمَ عقاب

فارزقه خيرَ متاب
يا رب يا وهاب

مناسبة القصيدة

(إنه لا أحد المِدحة والإطراء والثناء أحب إليه من الله – عز وجل -! وكم عجبتُ لشعراء قد عزفوا عن مدح الله تعالى وهو الذي يحب أن يُمدح ، بينما أسرفوا في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – ربما لدرجة الشرك بالله تعالى ، برغم أن النبي – صلى الله عليه وسلم - يحب ألا يُمدح. وهو القائل: (لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ، وإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله!) ، وهو القائل: (احثوا في وجوه المدّاحين التراب!) والأمر على ما أورد الأستاذ محمد المنجد حيث قال ما نصه بتصرفٍ يسير: (روى البخاري (4634) ، ومسلم (2760) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ). والله - تعالى - غنيٌ عن العالمين وعن مدحهم وعن عملهم ، وهم جميعاً مهما أساءوا أو أحسنوا لا يبلغون ضر الله: فيضروه ، ولا يبلغون نفعه: فينفعوه ، فهو غني عنهم سبحانه وتعالى ، وهم الفقراء إليه ، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
© 2024 - موقع الشعر