سلبَ النومُ أذانٌ صاح بي! -معارضة لموشح أندلسي - أحمد علي سليمان

سلبَ النومَ أذانٌ صاح بي
بعدما لاحى وناغي طربي

باعثاً أنغامَه في مُهجتي
قال: قمْ ، واغنمْ جزيلَ القُرَب

ناصحاً قلباً يُسَليه الكرى
والكرى كم قاده للعب

واعظاً نفساً لجوجاً لا تعي
ما ستلقى مِن سعير النوَب

*****************
*****************

أشرقَ الفجرُ ، فناداني الصباحْ:
أوَلمْ تُوقظك حي على الفلاحْ؟

فلمنْ خليت ذيّاك الندا
مثلما خليت في الدرب الكِفاح؟

انهضِ اليومَ لتحيا في غدٍ
وتُلاقي الفوز يحدوك الفلاح

اهجُر النومَ ، ودعْ أحلامَه
وعِش الواقعَ ، واعملْ للنجاح

*****************
*****************

أي شيءٍ يا صديقي غيّركْ
لترى العيشَ مَشُوباً بالحَلك؟

قد عهدناك هُماماً ترتقي
بيدٍ مُدتْ إلى ذات الحُبُك

تنصرُ الحق وتؤوي أهله
آمراً بالعُرف جيلاً قد هلك

داعياً لله من يرجو الهُدى
ومُقِيماً في مغانينا النسك

*****************
*****************

إن تكنْ أذنبت أقصِرْ ، وانتبهْ
أم تَرى الحق على العقل اشتبه

سبق الأفذاذ بالحُسْنى ، ففز
مثلهم ، أو بهداهم فاقتده

إن تكنْ قارفت ما تشقى به
تبْ إلى مولاك ، واندمْ ، وابتده

عندك القرآن ، فاقرأ آيَهُ
وحديث المصطفى اقرأ وانتقه

*****************
*****************

جئت للدنيا بلا أدنى خللْ
فلماذا – اليوم – تُرديك العِلل؟

سادراً في الغي يُشجيك الهوى
هل مع الغي اجتهادٌ أو عمل؟

حاسب النفسَ ، وحاذرْ طيشها
وادعُ رب الناس واضرعْ وابتهل

واتبعْ نهج المعالي تستقمْ
واكسر القيدَ ، وأحسنْ واحتمل

*****************
*****************

فأجبتُ الفجرَ في أندى لقاءْ
مُفعمٍ بالحب موفورِ الإخاءْ

باذلاً عُذري ، ودمعي ساجمٌ
ربما أغنى عن القول البكاء

قلتُ: يا فجري تريثْ ، واستمعْ
أنا يا فجري تحداني الشقاء

والدعا يا فجرُ لمّا ينقطعْ
ثم لي في الخالق المولى رجاء

*****************
*****************

إنْ أكنْ أسرفتُ في الدرب الغويّ
وتركتُ السيرَ في النهج الهدِيّ

وعصيتُ الله ، لم أحفلْ بما
يحملُ العصيانُ من رُزءٍ خفيّ

واصطحبتُ القومَ لا تقوى لهم
رغم أني في اصطفا صحبي زكيّ

وافترضتُ الوهمَ فيمن أدّعي
زاعماً أني الهمام العبقريّ

*****************
*****************

كنتُ في التنظير خصماً والحَكَمْ
والجدالُ المُرُ غالى ، واحتدمْ

فإذا الأعداءُ حازوا نصرَهم
وأنا وحدي الخسيرُ المنهزم

كيف غابت فطنتي عن ساحتي؟
كيف خانتني موازينُ القِيَم؟

لم أفرّقْ بين نور والدجى
هل تساوى النور يوماً بالظلَم؟

*****************
*****************

أنا يا فجري – بظني – مُفتتنْ
وابتلائي – بعذابي – مُقترنْ

قد وعيتُ الدرسَ يُزكي عزمتي
ولذا أصلحتُ سِري والعلن

فإذا بالنومُ ولى مُدبراً
واستفاقَ العبدُ هذا الممتحن

واستبان الحقُ ، وانجاب الدجى
لم أعدْ أبكي على ماضي الزمن

*****************
*****************

أيها الفجرُ تخطتني الغِيَرْ
عندما ودعتُ هاتيك الزمَرْ

وانطلقتُ بالتسامي أتقي
لهبَ السوآى وغصّاتِ القِرر

واحتفلتُ بالسجايا أجتني
زادَ ترحالي ، فقد طال السفر

واعتزمتُ السيرَ في درب التقى
مستعيناً بالمليك المقتدر

*****************
*****************

أدركِ العبدَ أيا رب الفلقْ
لا تدعهُ في غياهيب الطرقْ

عقدَ العزمَ على التوب الذي
فيه عن حب وخوفٍ قد صدق

من لهُ إلاك يمحو ذنبهُ؟
كاد من فرط المآسي يختنق

خصه بالخذل قومٌ حولهُ
هم ورب الناس من أخزى الفِرَق

*****************
*****************

رب إني بحيائي أدّرعْ
وعلى ما جئتُ أنت المطلعْ

فاغفر الذنب ، وأرشدني إلى
ما يُزكّيني ، وعهداً أتبع

واقبل التوبَ ، وأصلحْ نيتي
وارحم القلبَ المُسَيكينَ الدمِع

إن تكن لا تقبلنْ إلا الألى
أخلصوا ، من للأثيم المبتدع؟

© 2024 - موقع الشعر