والأسماك ضيوف الحفلة! (العرس الجنائزي) - أحمد علي سليمان

غامرَ (عنترُ) بهوى عبلة
إذ ترك الناديَ والتلة

ومضى - للموت - على عَجل
مُصطحِباً - في الدرب - الشلة

لم يقنعْ - بالهزل - تعدّى
أحكامَ الشِرعة والمِلة

ما قصة (عنترةٍ) هذي
تفصيلاً - في السَرد – وجُملة؟

صَبٌ عشقَ فتاة تسبي
بالحُسن الناديَ والشلة

وتتبعها دون حياءٍ
في قريتها مثلَ الأبله

وله كلماتٌ سحَرتها
مذ كانت - في القرية - طفلة

وله حركاتٌ فتنتها
ولهُ أوضاعٌ منحلة

فتمنته عشيقاً يروي
قلباً مال صريعاً ميلة

والصعلوك يقلد روميو
والتقليدُ - لديه - جِبِلة

أما (جولييت) فقد رضختْ
لرذيل يستروحُ ظَله

أوقعها في شَرَك السوآى
إذ عِشْقُ المتملق مُثلة

وتعقبها كل أوان
في طلعتها ، أو في النزلة

وتناول - بالمدح - صباها
مثل (العنتر) غازل عبلة

ومضى يهذي دون رشادٍ
ما المرءُ إذا يفقد عقله؟

وانتشرتْ – فوراً - قصته
إذ للصب العاشق شِلة

وسعي فوراً يطلبُ يدها
مِن قوم قبلوه تحِلة

قالوا: نخمدُ ناراً شبتْ
ليستْ تُعطينا مِن مُهلة

فأتى الخاطب عَجلاً غرداً
مُحتفياً في أبهى حُلة

في كفٍ يحملُ نرجسة
والأخرى تحتملُ الدبلة

وسط لفيفٍ مِن أسرته
ومِن الرّفقةِ جاءت ثلة

والخِطبة تمّتْ بسلام
ثم تحدّد يومُ الدخلة

والأيام تمرّ سريعاً
كسحابة صيفٍ أو ظلة

والعُرسُ تحدّد موقعُه
والموعدُ مضروبٌ قبله

والموسيقى تعزفُ لحناً
يصحبُه إيقاعُ الطبلة

عرسٌ تبرأ منه التقوى
ويُعارضُه أهل القبلة

ليس على هدْي شريعتنا
وأراه تُجرّمُه المِلة

رقصٌ وغناءٌ وفسوقٌ
إذ – للباطل - فيه الجولة

ورجالٌ – بالغِيد - اختلطوا
ما الداعي؟ قولوا: ما العِلة؟

وعروسٌ زينتها فاحت
في الأرجاء كمثل الفلة

في فستان ما أقبحه
بئسَ العُرْي وبئس البُذلة

والأضيافُ تُقبِّلُ طبعاً
فالقبلة تتبعُها قبلة

وإذا قلت: حرامٌ هذا
قالوا: تلك رتوشُ الحفلة

وانتهتِ الحفلة ، وانطلقوا
فوق النيل كمثل الحَملة

والتصويرُ له سَدنته
وعقول الجوقة مُختلة

وعروسُ الغفلة طيعة
إذ للعُرف السائد صَولة

في أخزى لقطاتٍ عُرفتْ
والزلة تعقبُها زلة

رِجْل فوق الجسر ، وأخرى
فوق السُور ، وبئس الفعلة

حتى ابتلعَ النيلُ صِباها
لتموت الغادة مُبتلة

وتزفّ الأسماكُ عروساً
غرقتْ تدفع ثمن الغفلة

ودواب البحر ستغسلها
مِن شِقوتها أبأُسَ غسلة

وعريسُ الغادة مُختاراً
خاطرَ بالنفس المُعتلة

حاول أن ينقذ غادته
لم يسبرْ أغوار القتلة

حتى غرقا في ثانيةٍ
لم تكن العملية سهلة

والنيلُ احتفلَ بضيفيهِ
والأسماكُ ضيوفُ الحلفة

© 2024 - موقع الشعر