مصابيح الدجى! (أجدادنا العرب كانوا عُلماء) - أحمد علي سليمان

لكمُ السبقُ ، أيها العلماءُ
لم تموتوا ، بل أنتمُ الأحياءُ

يا شموساً قد أشرقتْ في الدياجي
فاستنارت - بنورِها - الأنحاء

يا بحاراً جادت بأغلى العطايا
كلُّ شهم كأنه الدأماء

يا رجالاً سادوا البرايا كِراماً
وبهم - في ضنك الدجى - يُستضاء

يا عِظاماً خصُّوا العلوم بجُهد
والجهود يسخو بها العظماء

كم تفضلتم - بالعلوم - احتساباً
والعلومُ يعنو لها الفضلاء

ونشرتم آدابكم في البرايا
صفوة الدنيا ، والورى الأدباء

مَن يُباري جهابذاً في البرايا؟
ما لهم قط - في الورى - نُظراء

مَن يُحاكي جيل المغاوير يوماً؟
هؤلاء الأعلامُ والأكفاء

ليس يسمو سموَّهم مَن تدنى
كيف يرقى - نحو العُلا - الجُهلاء؟

طرحوا الدنيا في سبيل التسامي
آفة العلم المالُ والنُّعماء

زهدوا في العيش الرغيد ، فسادوا
ثم نالوا - من المُنى - ما شاؤوا

ثم عانوْا - من الحياة - لظاها
فالطعام كُسَيرة والماء

واللباسُ ما يستر الجسم طُراً
إذ لباسُ التقوى هو الإرتقاء

والبيوت أعشاش طير عليها
سَعفُ نخل ، وللبنات الخِباءُ

أكملَ العلمُ كل نقص لديهم
حيث - بالعلم - يَغتني العلماء

بالعلوم عزوا وسادوا وقادوا
تسعد الدنيا إن علا الشرفاء

بالعلوم نالوا الزعامة دهراً
فأبيدتْ – بالسادة - الظلماء

بالعلوم كانوا رؤوساً تسامت
وعظيمٌ أن يُكرَم الحكماء

سبقوا - في العلم - الجميع ، وهذا
قاله - عن أعلامنا - الأعداء

سطروهُ عنهم ، فكان اعترافاً
لم يقولوا بأنهم أدعياء

لم يقولوا: الأعرابُ ليسوا بشيءٍ
حيث - بالجهل والخرافات - جاؤوا

لم يقولوا: الأعرابُ أخبثُ قوم
لم يقولوا بأنهم سفهاء

لم يروْا - في أعلامنا - أي سوءٍ
إنما أعلامُ الهُدى الصُلحاء

بل رأوْهم دعاة خير وسِلم
كيف يدعو – للشقوة - الفقهاء؟

ورأوْهم دعاة حق وعدل
إن يكن ظلمٌ كانت الهيجاء

ورأوْهم فرسان رُشدٍ وبر
إن تمادى - في النِّقمة - اللؤماء

ورأوْهم في الحرب أعتى مِراساً
إن يموتوا ، فإنهم شُهداء

ورأوْهم في السلم أكثر عطفاً
لم تخالط قلوبهم بغضاءُ

ورأوْهم في العلم أكثر باعاً
ولهم - في تحصيله - استقراء

ورأوْا في آدابهم كل ذكرى
ملؤُها الحب والرضا والهناء

ورأوْا في أبحاثهم ما يُسلي
معجزاتٌ أتى بها أوفياء

نفعوا بالعلم الخلائق دهراً
وبجهدٍ الأفذاذ حَل الرخاء

قدّموا للإنسان كل جديدٍ
والجميلُ يُزري به الإطراء

حبذا العلم فيه عِزٌّ وفخرٌ
وبه قد تُستدفع البأساء

وبه لا يحيا التقي ذليلاً
إنما الأوْلى بالعُلا الحنفاء

وبه لا يَغشى العدو قرانا
مستهيناً يؤزه استعلاء

وبه لا تبقى لوغدٍ علينا
حُجةٌ ، فالهزيمة استخذاء

وبه لا نشتطُّ في فهم شيء
إنما يُزكي فكرَنا الاهتداء

لن يكون - للغرب - صوتٌ علينا
لن يقولوا: بالجهل ذُلَّ الرِّعاء

فالعلوم أربابُها في شموخ
والشموخ - بعلمهم - بَأواء

تتباهى زُهْرُ النجوم بقوم
مُنتهاهم - في السؤدَدِ - الجوزاء

يا له مجدٌ كم يُغرد فخراً
قد أضاءتْ - من شدْوه - الأرجاء

مَن يُباري (ابن الهيثم) الفذّ عِلماً
والعلومُ يَعافها الجهلاء

أتحفَ الدنيا بالعلوم احتساباً
فالحسابُ - مِن بعده - الفِيزياء

(بصرياتُ) الفذ أقوى دليل
والدليلُ لا يعتريه الخفاء

واسألوا الغرب عن عطاءات فذٍ
إنهم - بابن الهيثم - البُصَراء

فليقل (برناكُ) الحقيقة جهراً
كي يُفيق الحثالة السفهاء

ولدى (سارطونُ) المدائحُ تترى
في صداها التجميد والإطراء

وأرى (فياردو) الصريحُ يُلاحي
وله مدحٌ ما به أخطاء

شهدوا لابن الهيثم الفذ لمّا
طالعوا العلم ، والتصدي وفاء

والتحدي له رجالٌ ونهجٌ
وانطلاقٌ يسمو به ، ومَضاء

مَن كمثل (ابن ماجدٍ) في البرايا
حُوتُ دأماءٍ ، ما له شركاء

نزهة كان البحر - صدقاً - لديه
يصطفي - من أهله - ما يشاء

وخبيرٌ - في المد والجزر - فذ
وله - في شق العُباب - مَضاء

وله - بالأمواج - لهو ولعْب
وله وِردٌ منتقىً ودعاء

وله - في ليل البحار - صلاة
وله - من بعد الصلاة - رجاء

وله - في الأسفار - ترتيلُ حادٍ
مثلما يتلو السورة الأتقياء

وله بالأشعار ترنيمُ هاوٍ
كم لحون يشدو - بها - الشعراء

وله بالأفلاك عِلمٌ وشوقٌ
إذ سبتْ قلبَ المستهام السماء

وهْو يهفو - إلى النجوم - حنيناً
إذ بها - في جنح الدجى - الاهتداء

عالمٌ خط علمَه باصطبار
وعليهِ كم سُلطتْ أضواء

صاغ أسفاراً أسفرتْ عن علوم
كل سفر سام له أصداء

علمه نورُ الدياجي تهادى
والدلالاتُ - في الدجى - لألاء

واسألوا (بيرتون) المؤرخ عنهُ
إن تكونوا خانتكمُ الأنباء

تجدوه أثنى عليه كثيراً
بعباراتٍ صاغها البُلغاء

رغم أن (ريتشارد) لمّا يُجاملْ
إذ يُداري قيحَ العيوب الثناء

غير أن الأمداح كانت بياناً
شافياً ، قد أدلى - بها - الحكماء

والثنا من مستشرق ليس سهلاً
قوله كيدٌ ، دونه الهَيجاء

إنما أعلام الهُدى في الثريا
ولذا - بالأمداح تترى - باؤوا

(وابن حيان) في الذؤابة منهم
وبهذا قد باحتِ الكيمياء

والرياضيات استناخت لفذٍ
وبجهد العملاق تم البناء

واسألوا (الجبر) من له قد تصدى
فإذا أغفى قالت الإحصاء

و(بريتلو) أدى الأمانة عنهم
ولمَا قد أدلى تبدّى الجلاء

وكذا (لوكلير) المصرّحُ جهراً
قال قولاً لم يكتنفه خفاء

(جابرٌ) يا أقوامُ فذ عليم
ما له - في زمانه - قرناء

جدّد العلمَ ، والخلائقُ تجني
كم جهول يشقى به الأذكياء

واسألوا (هولمارد) المسطر مدحاً
في (ابن حيان) ما به غلواء

واسألوا (الأزد) عن فتىً عبقري
ولتجبكم - عن سُؤْلكم - (صنعاء)

(جابر بن حيان) في الطب نجمٌ
شاهداه الإصباحُ والإمساء

والأطبا - في طبه - كالأسارى
والطبيباتُ - خلف الأطبا - الإماء

ثم هذا (كاردان فو) دون خوفٍ
قال: هذا تفديه - منا - الدماء

وكذا (ديلاسي) رآهُ خبيراً
واسمُه كم تسمو به الأسماء

واسمعوا من (كراوس) الغرب نصاً
قاله - من بين الورى - الخلصاء

قال: هذي الدنيا تعاني ظلاماً
و(ابن حيان) في الذين أضاؤوا

جندنا يا كراوسُ أهلُ علوم
وهمُ - في نقل الهُدى - أمناء

ونباهي ب (الخازن) الشهم فذاً
يده - في علم الهُدى - بيضاء

عبقريٌ - في العلم - ليس يُباري
وأولو العلم السادة الأمراء

(ألدوميللي) به أشاد كثيراً
والكلام - من مثل هذا - قضاء

مدْحُ هذا للخازن الفذ عزٌ
وعزيز مَن خصه العقلاء

كم أشاد بالفضل (روبرت هول)
مدحُ هذا – للمسلم - استثناء

واسألوا (نيللو) الذي لم يُدلسْ
إذ له – فيه - الخطبة النجلاء

سطر التاريخَ الأصيلُ بصدق
لم تشُبْهُ سُوآى ، ولا إنشاء

ثم عارٌ على المؤرخ قولٌ
هو زيفٌ مستبشعٌ وادّعاء

صدقوني أعلامنا في الثريا
بل على العلم في الورى الأوصياء

وأرى (المجريطيُّ) في العلم نجماً
ما له - بين الورى - نظراء

ومقيماً للتقنيات بعصر
لم يكن أعوان ، ولا أولياء

طوّر (الكيمياء) التي خط فيها
كتباً ، ما للناس - عنها - غناء

واسألوا (ديفيد) الذي قال فيه
كل خير ، والقول - منه - عزاء

قال: هذا أعجوبة العصر حقاً
ذو عطاءاتٍ ما لها إحصاء

واسألوا (كاجوري) يُحطكم بخُبْر
ما به - إما قاله - استحياء

عَدّه من أهل العلوم النشامى
وقليلٌ - بين الورى - النجباء

هؤلاء الأعلام حازوا المعالي
والجديرون بالعُلا الحنفاء

منهمُ (ابن البَيْطار) بحرُ علوم
ماؤه الفقهُ ، والهُدى ، والذكاء

واسألوا عن علم النبات تُجابوا
ذاك علمٌ أجاده الأكفاء

من بطب الأعشاب عالج قوماً
حين عزت - رغم الغنى - الأدواء؟

واسألوا (سونتهايْمِراً) عن خبير
باجتهادٍ منه استجاب الشفاء

ورؤى (سونتهايمر) أثمرتْ إذ
ترجم الكتْب ، لم يَشُبْها افتراء

واسألوا (لكليرك) الفرنسيّ عنه
والكتابُ فيه الهُدى والضياء

مدح (ابنَ البيطار) مدحاً لطيفاً
رغم بُعدٍ لمَّا يُزله انتماء

هؤلاء أعلامنا أهل علم
والخليقون بالبقا الصلحاء

و(ابن خلدون) في الذؤابة منهم
في يديه أقلامُه ، واللواء

جهبذ في علم اجتماع ، ويكفي
ما أتته يراعة زهراء

واسألوا (كولوزيو) ، فقد خط سفرا
ليس - في حرفٍ جاء فيه - هُراء

واسألوا (فاردا) ، والشهادة حق
فليقلها أعداؤنا الشهداء

واسألوا (لودفيج) الذي لم يغالط
وليراجع تصريحَه الأغبياء

إنما أعلام الحنيفة نورٌ
ليس يخبو ، والحاقدون الغثاء

من (كياقوتٍ) في التنقل فرداً
تعتريه الأوجاعُ واللأواء

رحلة طالت كلفتْ كل غال
في جواها أزّ الرحيلَ البلاء

شهدتْها البلدانُ كمًّاً وكيفاً
والسهولُ والدورُ والبطحاء

والجبال والبيدُ أيضاً شهودٌ
والبحار والنهر والخضراء

والرجال من خصّهم بسؤال
والصبايا - من خلفهن - النساء

ثم هذا (كراتشوفيسكي) شهيدٌ
أن (ياقوتاً) قِمة شهباء

إنما أعلام الشريعة ذخرٌ
لسواهم هم شمسهم ، والهواء

(وابن رشدٍ) فيهم فقيهٌ أديبٌ
فيلسوفٌ يَهابه الفصحاء

عبقري في الفقه دون شبيهٍ
هو – للعلم - الجد والنعماء

انبرى للضُلال في كل وادٍ
لم يُمِله - عن عزمه - الابتلاء

جادل الحمقى موهناً كل كيد
لم يُخِفه - من حربهم - الاعتداء

فنّد الأهواءَ التي شط فيها
كل وغدٍ ، ما تفعل الأهواء؟

جدّد الفقه والأصول احتساباً
ثم جافى تجديده الأشقياء

و(ابن رشد) مما افترَوْه برئ
وهُو - من أهل الزيف بعدُ - بَراء

ما تلاقى زيفٌ وصدقٌ بأرض
إن هذي لفرية شعناء

و(ابن رشدٍ) فوق التخرُّص قطعاً
لا يعيب الفذ الهُمام الهجاء

و(ابن ميمون) بالذي قلتُ أدرى
ثم - مِن جنس ما يقول - الجزاء

بابن رشد يا كم أشاد وأطرى
والمديحُ - من كافر - وَضاء

ثم (شيخ الإسلام) أطرى ابنَ رُشدٍ
كيف يُزري – بالعبقري - ازدراء؟

بين شيخيْنا طابعُ العدل سمتٌ
والتسامي طبيعة ، والإخاء

واعتلى المدحَ (خوخة) الترك فرداً
مُطرياً ، والإطراء فيه الولاء

وابن رشدٍ أهلٌ لكل مديح
إذ عليهِ - من كل علم - بهاء

واسألوا (توما) عن تراث ابن رشدٍ
إذ له - في بئر (ابن رشد) - دِلاء

صدّقوني ، واستشهدوا (لوثراً) إذ
قال فيه ما قاله الصلحاء

فلسفاتٌ منها الحقائقُ فاحت
والعباراتُ - بالهُدى - عصماء

هؤلاء يا غرب أعلامُ ديني
للعلوم - في ذي الدنا - زعماء

مَن كمثل (الكِنديّ) علماً وتقوى
أخبروني يا غرب يا بُلهاء؟

مَن تحدى بالعلم كُفر (أرسطو)
إذ تواطا - على العمى - القدماء؟

كيف راجت مقولة الكفر فيهم
وأضلتهم كذبة عمياء؟

فأقرّوا بالكفر رأياً وفكراً
هرطقاتٌ يطغى عليها العماء

خلق المولى ، ثم بعدُ تخلى
يا لسُخفٍ يختال فيه المِراء

ولهذا (الكنديّ) قد شن حرباً
والنفوسُ - في الله - نِعمَ الفداء

أي معنىً للعيش والكفر يَهذي
وينال التوحيدَ الاستهزاء؟

أي معنىً للعيش والدين يُردى
وتشيعُ الجهالة الجهلاء؟

أي معنىً للعيش والحق يُطوى
والدعاة يُغريهمُ الإنطواء؟

أي معنىً للعلم إذ يتردى
ثم تزكو الخواطر العرجاء؟

وأرسطو - للملحدين - زعيمٌ
وهُمُ - في الكيد الرهيب - سَواء؟

أشهروا في وجه الهُدى سيف كفر
وتنادى - في الفتنة - الشركاء

شكّكوا في دين الهُدى كل عبد
شهدته الخضراءُ والغبراء

غيرَ عبد إيمانه عن يقين
قدوتاه التقاة والأنبياء

ولذا فالكنديّ جابه زحفاً
لم تُخِفه البلوى ، ولا البأساء

واسألوا (دي بور) الذي لا يُحابي
رغم الاستشراق الذي هو داء

سترونَ إنصافه في القضايا
أم تساوى التقريب والإقصاء؟

سترون مدحاً يروحُ ويغدو
أم تساوى المَلام والإطراء؟

وأعيروا (بروكلمانَ) سماعاً
واعياً ، قد يُفيدنا الإصغاء

تجدوه أطرى بغير حساب
إنه في إطرائه مِعطاء

يستحق أعلامُنا كل مدح
قبل مدح الدنيا فهم كرماء

إن يكن عِقدُ الفخر أهلَ المعالي
فيه قومي اليتيمة العصماء

ذي سيول ، والغرب بعضُ غثاءٍ
كيف يبقى - مع السيول - الغثاء؟

صاح (والفارابيُّ) فيهم سراجٌ
علمه - فينا - منهلٌ وسناء

منطقيٌّ وفيلسوفٌ عظيمٌ
لم تُخالط فؤاده الخُيلاء

بالجدال يزداد حلماً ورُشداً
كالنضار ينفي صَداه الصلاء

واسألوا (دي فو) عن همام وعلم
مثل عود قد شُق عنه اللحاء

وقّر المِنطيقُ المُجدّدُ علماً
لو قلاه لاشتد فيه الفناء

وانبرى (ماسينون) يوليهِ مدحاً
والتحايا لم يخترمها العفاء

بل هو الفارابيّ كم عظموه
إذ أزيلت – بعلمه - الأعباء

ثم جدّوا ، واستقرأوا علم فحل
والعلومُ يزيدُها استقراء

نهلوا منه العلم بعد ظماءٍ
ما استوى قط الريّ والإظماء

واسألوا (بيكون) الذي لم يدلسْ
في امتداح يشدو - به - الخطباء

إنما أعلام الهُدى قد هداهم
ربنا ، إذ يهدي الذين يشاء

في هدوءٍ أسدوْا جميلاً إلينا
والهدوءُ تغتاله الضوضاء

إنما (الزرنوجيّ) أرسي أصولاً
ما لجدواها - في الأنام - انتهاء

نقح التعليم المطوّر حتى
لسواهُ لمّا تعد حوجاء

إيه (يا زرنوجيُّ) كنت مثالاً
زادُه العلمُ ، والتقي ، والصفاء

لك دان التعليمُ بالفضل طوعاً
ثم دانتْ لعلمك الأبناء

أنت أنشأت المنهجيات حباً
واحتراماً ، فبورك الإنشاء

وأصولُ التدريس أنت ضياها
أنت أحييت العلم ، حبذا الإحياء

إن أعلام الهُدى مدائنُ علم
علموا الغرب ، إذ هُمُ الرؤساء

من كمثل (الرازيْ) طبيباً أريباً
علمُه – للمستيئسيين - دواء؟

إنه – للمستشفيات - أبوها
نعم طباً ، وحبذا الآباء

طوّر الطب في سِنيٍّ عِجافٍ
لم تكن أموالٌ ، ولا أشياء

جاهزيّاتُ الطب صالت ، وجالتْ
واستطالت - بطبها - (الزوراء)

سائلوا عن مستشفياتٍ وطب
واسألوا - عن بغداد - يا ثقلاء

سائلوا عن أعشابها كبديل
إذ تأذى - بالعلة - الفقراء

سائلوا عن آلات طب ورصدٍ
في زمان ساداته ضعفاء

وكتاب (الحاوي) حوي كل خير
والأطبا - بما حوى - سعداء

فلسفاتٌ في الطب ليست تبارى
مُحتواها أدرى – به - الرفقاء

والتداوي حِكرٌ على مَن يداوي
والأطبا - من قومنا - الرحماء

(وأبو بكر) في الأطباء شهمٌ
وشهودٌ – بنبله - الخلفاء

واسألوا (ليْلكْراً) يُجبكم بصدق
عن عطاءٍ يسخو به الأصفياء

واسمعوا من (جانييه) قولاً بليغاً
في ثناياه رقة وازدهاء

ثم (مايرهوف) الذي كل لفظٍ
قاله في (الرازي) – عليه - بهاء

واسألوا (روسكا) كم أشاد بفذٍ
ربما مثلي - في الثنا - خطاء

و(كريموف) استشهدوا عن خبير
برؤاه يُستحسنُ الإقتداء

أيها الغرب إن فينا نجوماً
بهمُ نحن السادة الأقوياء

لم يفرّط في حقنا أي نجم
ثم إنا - في حقهم - بخلاء

أتحفونا بالعلم يصنع مجداً
ثم إنا - عن علمهم - غرباء

هم نجوم للغير ، حيث لدينا
نكسة ، إذ نجومنا اللقطاء

ذا يغني ، وتلك ترقص زهواً
نحن منا قد استجار الحياء

نحن أسمينا هؤلاء نجوماً
بينما هم – للخمرة - الندماء

إن أوتاد العلم منا وفينا
ولهم - بالعلم الأصيل - إباء

(وابن معروفٍ) عالمٌ عبقري
فلكيٌّ رنا – إليه - الفضاء

حصّل الغربُ منه علماً غزيراً
وعلى أفكار المعلم فاؤوا

واختراعاتُ الغرب منه استجدتْ
إذ لديه - للفكر - كان ابتداء

واسألوا (مرْتان) ، أو (نيدهاما)
وأسألوا (نيدفيْ) ، إنهم علماء

من له السبقُ في المضخات تجْبي
ماءها قسراً ، والسعيدُ الماء؟

من له السبق في النواعير تشدو
إذ - لهن - طاب العنا والغناء؟

واسألوا (العوامات) تطفو وتعلو
لا يداني استعلاءَها إعياء

(تكنولوجيا) يا غربُ ، هذا أبوها
بيننا فيها لا يكون استواء

نحن أصلٌ ، والناسُ منا فروعٌ
هل تساوي الأجداد والأبناء؟

(وابن معروفٍ) عندكم عنه علمٌ
مستبينٌ ، وليشهدِ الكبراء

واسألوا (وليامز) الذي هو أدرى
واسألوا قوماً - بعده - قد جاؤوا

واسألوا (فيلدا) ، ثم (سفيام) حتى
يستطيل – بالسائلين - ارتياء

وعلى (سايلي) قد يشق جوابٌ
ثم يُغري خيالَه إغضاء

ثم هذي من (هومرٍ) بعض ذكرى
في ثنايا إيرادها إفضاء

ثم يأتي من (شوترٍ) بعضُ نصح
ووصايا - في غبطةٍ - واحتفاء

(لابن معروفٍ) ترجموا كل حرف
فاز قومٌ - بذا السراج - استضاؤوا

أيها الغربُ إن فينا رموزاً
لِسَنا العلم ، إذ همُ العلماء

اذكروا (الإدريسيّ) ، والذكرُ حقٌ
عالمٌ فذ ، كم غار – منه - العطاء

إنه في (الجغرافِيا) لا يُبارى
وله - فيها - رحلةٌ وخباء

رسَم الدنيا في الخرائط تزهو
وبها الدنيا غادة حسناء

لمْ تفتهُ جناتها والبوادي
لم تفتهُ الحواضر الغناء

لمْ تفته السهولُ في كل صُقع
لم تفته - رغم العنا - البَيداء

لم تفته الجبالُ مهما تناءتْ
لم تفته الأملاكُ والأنْواء

لم تفته الأنهارُ تجرى رُخاءً
لم تفته السحابةُ الوَطفاء

(نزهُة المشتاقِ) الكتاب يُجَلِّي
ما أقول ، إذِ الكتابُ وِعاء

واستبينوا من (جُولدِسَيْهرَ) رأياً
رغم أن أفكارَهُ شَوهاء

مدح (الإدريسىَّ) مدحاً يُوافي
ثم إن الإطراء - منه - رواء

إيه يا غربُ هل خَبَرْتَ بقومي؟
إنهم - في علمهم - أمراء

ملأوا الدنيا بالعلوم احتساباً
لم يَشُبْ أعمال التقاة رِياء

وعلى درب العلم ساروا عِظاماً
ثم يحلو – للاحقين - اقتفاء

إنما (الزهراوىُّ) من صِيد قومي
ذا طبيبٌ أجَله الكُبراء

خبرَ الطبَّ والجراحة حتى
لم يكن - بالمَعلول - يلهو الشقاء

عمَلياتٌ أجريتْ بنجاح
وذووها - للجهبذ - الشُّفعاء

واسألوا عنه أهلَ ذكر التداوي
فله هم - بين الورى - وِزاء

واسألوا (شُولْياكَ) الذي حاز علماً
مئتي درس ، ما بها أخطاء

(وفَرارىْ) الدكتورُ يعلم هذا
فاسألوه ، إن أنكرَ الشهُّداء

إنما (الزهراويّ) شمسُ التداوي
هل يُواري شمساً بدتْ إخفاء؟

واسألوا (جِرياداسَ) عنه ، فهذا
عالمٌ يَدري قَدْرَهُ الحُكماء

واسألوا (إردوزيرِيساً) عن خفايا
خطّها (الزهراويّ) ، فيها الشفاءُ

وكتاب (التصريف) يحوي الخبايا
وبوصفات الطبِّ يُمحى الداء

وبه النصحُ المستبينُ لقوم
قد يُفيد أهلَ البلاء اتقاء

نحن يا غرب في سماء المعالي
ليس يُضنينا - في المعالي - عناء

مَن كمثل (الوزان) يرصُد علماً
فالقواميسُ - بالهُدى - فَيحاء

واسألوا (الموسوعاتِ) عمّا حوته
ولتصرح أوراقُها الصفراء

والقواميس كم حوت من لآلي
ومبان ، مَن يا تُرى البَنّاء؟

مَن بوصف (إفريقيا) قد تباهى
مثلما قد يَستظرفُ الظُّرفاء؟

مَن بآلاف الترجمات أتانا
عن أناس – بذكرهم - يُستضاء؟

إنه (الوزان) المبِّوب سِفراً
سوف يبقى ، حتى يزول البقاء

(فِيدمانِشْتَاتُ) المؤرخُ أوصى
أن يَخصّ الأسفارَ تلكَ اعتناء

مدح (الوزانَ) المؤلفَ حتى
يَستفيق جيلٌ – به - إغفاء

نحنُ يا غرب والعلومُ صحابٌ
بيننا طاب المبتغى ، واللقاء

فارتضعناهُ منذ كنا صغاراً
باشتياق ، يا حبذا الرُّضعاء

فانطلقنا بالعلم نبني ونسمو
فتسامى - في العالمين - البناء

مَن كمثل (الرَّزاز) يا غرب قل لي؟
للخبير فليشهد الخبراء

(ألدومِيلِّلي) قد قال: هذا عظيمٌ
وله كم يُستعذب الإطراء

ثم (هونكا) أشاد بالفذّ حتى
يَستفيد - من علمه - النُّظراءُ

أيها الغرب علمُنا مستنيرٌ
والعقول قد شاب - فيها - الدَّهاء

ثم أنتم من علمنا كم نهلتم
واعترفتم ، واليوم فيمَ المِراء؟

نحن ساداتُ العلم في الغرب قطعاً
اقمعوا الزيف ، لن يُفيد اجتراء

وأرى (ابنَ العوام) أغزرَ علماً
وله - بين الزارعين - لواء

عالمٌ بالطب البديل جليلٌ
والتداوي يمحو صداه الوَقاء

نابغٌ في علم الزراعة ، يكفي
مدحُ قوم آراءَهُ والثناء

واسألوا (دُوزيْ) ثم (مايرن)
عنه (وكِليمانَ) ، إنهم عُلماء

شهدوا للفذ الخبير بعلم
بعباراتٍ لم يَشُبْها جفاء

أيها الغرب نجمُنا في سَطوع
والحياة - من دونه - ظَلماء

ويميناً أمواتنا في خلودٍ
سَلموا لي بأنهم أحياء

ثم دَيْنٌ علَيّ إثباتُ هذا
والمَدينُ حتماً – عليه - القَضاء

لم يموتوا إذ خلدتهم علومٌ
أعلى حي يُستطابُ الرَّثاء؟

كم قبور أمواتُها في حياة
وحياةٍ يَقضي عليها الفناء

لم يمُت مَن بالعلم دكّ الدياجي
فاستحالت دروبها السوداء

لم يمُت من بالعمر ضحى ، وأهدى
كل خير ، يا حبذا الإهداء

لم يمُت مَن أردى وباءَ التدني
والمَخازي ، خاب الهوى والوباء

لم يمت من نمّى وطوّر علماً
فاستنارت بصائرٌ حمقاء

لم يمت مَن لله أخلص ديناً
فاز – والله - الصفوةُ الأنقياء

لم يمت من أعطى العلوم صباهُ
فاستقامت مجاهلٌ عوجاء

لم يمت من قلوبُهم قد أنابت
فانتفت - من قاموسها - الشَّحناء

لم يمت من عاشوا لخير البرايا
بعلوم - في ظلها - النَّعماء

لم يمت من للعلم عاش فأعطى
طاب من أعطى ، ثم طاب العطاء

لم يمت من بعلمه قد تحلّى
ثم أطرى رصيده العُلماء

رب فارحم مَن علمونا وعانوْا
مِن أذانا ، وإنْ إلينا أساؤوا

رب واغفر ذنباً جنوْه وأحسنْ
إن هذا - مِن الفؤاد - نداء

رب واعصم مَن كان حياً ، وزدهُ
أنت تهدي مَن تصطفي وتشاء

إن أكن قد مدحتُ أهلاً لمدحي
فتقبل مني ، وهذا اصطفاء

أو مدحت مَن ليس أهلاً لمدحي
فتجاوز عني ، وهذا العزاء

أنت أدرى بما بذلتُ ، أثبني
فيكَ يا ربي لا يَخيبُ الرَّجاء

ربِّ واقبل قصيدتي وانكساري
ثم هذا مِني الجَوى والدعاء

© 2024 - موقع الشعر