مرة واحدة تكفي - أحمد علي سليمان

أقمتُ - على الخيانة - بيناتي
ولم أعبأ بأقوال الوُشاةِ

وخضْتُ غمار تجربتي بنفسي
ولم أحفلْ بحجم التُّرّهات

وباشرتُ الحقائق دون خوفٍ
وجابهتُ الخلائقَ في ثبات

وأعطيتُ الأمان ، وقلتُ: أحيا
بعيداً عن جحيم الشائعات

وقدمتُ الخيورَ ، ولم أخوّنْ
وأسديتُ النصيحة والعِظات

وأودعتُ النُّهى حُسنَ النوايا
وقلتُ: حليلتي خيرُ البنات

وقلتُ: شريفةٌ تهوى المعالي
وقلتُ: جميلةٌ ، أحلى فتاة

وقلتُ: عفيفةٌ بين الصبايا
وأفضلُ مِن جميع المُحصنات

وقلتُ: فريدة الإخلاص قطعاً
كمثل النجم بين المخلصات

وقلتُ: الصدقُ طابَعُها المُرَجّى
وتسبقُ - في النساء - الصادقات

وقلتُ: الطهرُ يجري في دِماها
وتَغبطُها جُموعُ الطاهرات

وقلتُ: عشيقةٌ للزوج حقاً
تحِنّ له حنينَ العاشقات

وقلتُ: إلى المهيمن قد أنابتْ
وقد فاقتْ حشودَ التائبات

وقلتُ: إذا الأولادَ رزقتُ منها
فهذي من خِيار الأمّهات

وقلتُ: أصيلةٌ حسباً وسَمتاً
تحلقُ في سماء المَكرمات

وقلتُ: نجيبةٌ نسباً وطبعاً
وفاضلة تفوق الفُضليات

وقلتُ: قنوعةٌ ، بالدون ترضى
ولا تهوى الرخا والمُغريات

وقلتُ: حكيمةٌ - بالرشد - خُصّتْ
تفرّقَ رُشدُها في الراشدات

وقلتُ: حصيفةٌ رأياً ولفظاً
وسوف تحُلّ كل المعضلات

وقلتُ: صديقة ترقى بنفسي
تبادلني الهوى كالصاحبات

وقلتُ: خليلة نفسي فِداها
تُغرّد كالبلابل في حياتي

وقلت: تجودُ بالمال احتساباً
على الفقراء كالمتصدقاتِ

وقلتُ: رفيقةٌ بالزوج ، تصغِي
لآهاتِ الفؤاد وللشكاة

وقلتُ: بكل ما امتلكتْ تُضحِّي
إذا شحّ الورى بالتضحيات

وقلتُ: تُجيبُ مَن يرجو وتُعطي
إذا ما عز بذلُ الأعطيات

وقلتُ: مُعِينة في الكرب تحنو
وتحمي مِن سعير العائدات

وقلتُ: تُحقق الآمالَ هذي
وتغمُرُني بعذب الأمنيات

وقلتُ: ستمنح الرضوان أهلي
وتُجزل - للقرابات - الهِبات

وقلتُ: تُخفف الأعباءَ عني
وتبذر - في النقاشات - النكات

وقلتُ: ستملأ الإحساسَ ذكرى
ليَرفلَ خاطري في الذكريات

وقلتُ: إلى الفضيلة سوف تدعو
وتسعى في دروب الداعيات

وقلتُ: تقيةٌ قولاً وفعلاً
وشمسٌ في سماء المُخبتات

وقلتُ: نبيلةٌ أهلاً وداراً
وطيّبةٌ تحِبّ الطيبات

وقلتُ: لها خلالٌ لا تبارَى
وخيّرةٌ لها أندى الصفات

وقلتُ: صبورةٌ في كل كرب
ومَن للكرب غيرُ الصابرات؟

وقلتُ: لها عِبادة مَن تسامتْ
وسارتْ في ركاب العابدات

وقلتُ: تصومُ شهراً ، ثم نفلاً
وعند الله أجرُ الصائمات

وقلتُ: ستصلحُ الأحوال حتماً
وإن الله مولى الصالحات

وقلتُ: ستنشر الإسلام ديناً
وتبذل خيرَها للمسلمات

وقلتُ: ستجعل الإيمان درباً
وسوف يُقالُ: أمُّ المؤمنات

وقلتُ: تُقيم في الظلمات ليلاً
بآي الذكر ، أو بعض الصلاة

وقلتُ: لها - على الأخلاق - دمعٌ
تحَدّر مثلَ دمع الخيّرات

وقلتُ: لها تبتلُ مَن أنابت
إلى الرحمن رب الكائنات

وقلتُ: لها تنسّك مَن تحلتْ
بتقوى الله مثل الناسكات

وقلتُ: لها - مع الإحسان - شأنٌ
وفي النسوان مَن كالمحسنات؟

فخاب القصدُ ، وانفرطتْ ظنوني
وكانت كالسراب توقعاتي

وطالت آهتي ، وانسابَ دمعي
على الخدّين يشكو المُوجعات

وحارت فكرتي ، وخبَتْ نجومي
وغصّتْ - بالمَرار - تأمّلاتي

وعانى مِن جراحته فؤادي
وضاقت - بي - سراديبُ الحياة

ونفسي قد تمنتْ منتهاها
فما عيشي بأغلى من مماتي

فُجعتُ بزوجةٍ تهوى الخطايا
وترتعُ في حضيض السيئات

وتتخذ الخدينَ بلا حياءٍ
وقد أمسكتُ بعضَ البيّنات

تُهاتفه ، وتُوغِلُ في حديثٍ
يقيناً ليس ذلك بافتئات

تُواعدُه ، وتَرتقبُ التلاقي
لتسقط في أتون المُوبقات

وفي الأقوال تخضعُ لا تبالي
وتُزجي اللحن مثل القانيات

ليطمع - في الصبيّة - مَن يناجي
فيعشقها ، وبعدُ يقولُ: هاتي

وفي الغيب البقيةُ قد توارتْ
وليس لمن تُخادنُ مِن نجاة

لقد أخطأتُ يومَ اخترتُ زوجاً
تدَاولُ في دهاليز الغواة

ثُيوبتها تُبيّن مُبتغاها
فذي ثمراتُ عيش الفاسقات

هُويتها لدى العُشاق تُزري
بمن يهوى العفافَ مِن الأباة

بَصُرتُ بها ، وآثرتُ التروي
وغيري ليس يملكُ مِن أناة

فلما أسفرَتْ عمّا تخبّي
نكأتُ تردّدي وتوجعاتي

ولم أعبأ بمن باعت إبائي
وسارت في سبيل الفاجرات

وأغرتها اللذائذ والدنايا
وأعمتها دياجي الداعرات

وخانت غافلاً يهوى رضاها
ويَحسَبُها كإحدى القانتات

تعامله بعطفٍ واحترام
كمثل المؤمنات الأوليات

وللأولاد تغدو خيرَ أم
رؤوم مثل شتى الوالدات

وتجعل زوجها أسداً هصوراً
تسلحَ - في الورى - بالمَكرُمات

وتحفظه إذا ما غاب عنها
كمثل الصالحات الحافظات

فتحفظ نفسَها مِن كل شين
وحفظ النفس سَمتُ النيّرات

وتحفظ ماله والعِرضَ طبعاً
وصية (أحمدٍ) أغلى وصاة

ثلاثاً قد بتتكِ مستعيناً
برب الناس مشترياً حياتي

فما معنى الحياة وأنتِ مني
كحِبر قرّ في أشقى دواة؟

لفظتكِ ، أنتِ غادرة تدنتْ
هنالك في حضيض الغادرات

مَقتكِ ، أنتِ خائنةٌ لعوبٌ
فكوني في فريق الخائنات

كفى ما قد أتيتِ ، ولا تلاحِي
وفرجاري يَخُط الدائرات

ودائرة المهالك فالزميها
وقانا الله شرّ الحادثات

ودائرةُ النجاة فلي أعِدّتْ
وتقوى الله تُوصِل للنجاة

وأرجو الله مغفرة لذنبي
وجنبني المليكُ هوى العُصاة

يَمينَ الله إني في نعيم
تعطر بالتقى والمُعجزاتِ

ويُقدرني المليكُ على بلائي
ويأجرني القديرُ على ثباتي

فيا رب الورى لطفاً بنفس
على الأيام دوماً مُبتلاة

فمَن للنفس إلا مَن بَراها
تعالى اللهُ ربُّ الكائنات

© 2024 - موقع الشعر