مدين بتسعة وخمسين كلباً - أحمد علي سليمان

حطم الجهالُ قلباً يكتئبْ
من فعال الناس أضنته الكُرَبْ

هل وعَوْا درساً سمتْ آثارُه
ساقه - في عالم النسيان - أب؟

ما انتوى تخريبَ بيت عامر
إذ أتاه السبّ ، لا لم يحترب

ما ارعوى طوعاً لأهواءٍ عتتْ
تختِلُ الرشدَ ، وتودي بالأدب

لم يكن يُصغِي لمن لم يرحموا
إنما بالحِلم والصبر اختضب

لم يعش يصطاد أخطاء الورى
أو لزلات البرايا يرتقب

لم يُبيّت نقمة تُزري به
مثل أرباب التجني والريَب

لم يُغلب نعرة تمحو الإخا
إنما قد كان – للصفح - الغلب

لم يقلب ماضياً أوراقه
تُذهب الوُد ، وتغتال العَتب

لم يُيَئِس من متاب مذنباً
إنما التيئيسُ عجز وتبب

أي صهر أنت؟ قل لي ، بالذي
عنده الخيرَ جميعاً نحتسب؟

أي علم حُزت في هذي الدنا
كان للأخلاق والتقوى السبب؟

لقن الأصهارَ درساً شافياً
في التحلي بالرضا عند الغضب

في التسامي عن دنايا لا تفي
بمقام المرء ، بل ذي تجتنب

علّم الأصهار أنْ لا يحرقوا
منزل البنت بإيقاد اللهب

خصّ بالنصح الألى لم يفقهوا
إنما النصحُ مَعينٌ يُطّلَب

وابذل الوعظ لمن لم يعلموا
واهجر الفظ الذي لم يستجيب

مثلك - اليوم - قليلٌ بيننا
ولهذا كم نعاني مِن كُرَب

كم بيوتٍ تعتلي مَتن الشقا
وأرى البعضَ تدمّيهِ النوب

بصّر الأصهار يا خِلي بما
يجعلُ الأزواج في دنيا الطرب

واضرب الأمثال حتى يُدركوا
كل حق - نحو أهليهم - يجب

قل لهم عن صهرك الشهم الذي
جعل الكلبَ لك اليوم اللقب

أزه الشيطان فانصاع له
لم يُفرّقْ بين قشٍ والذهب

فإذا باللفظ يؤذي سيداً
وإذا بالسب يأتي بالوَدَب

وإذا بالزوجة الفضلى سعتْ
نحو بيت الأهل ، نعم المنقلب

لم تعد تقوى على الشتم الذي
حطم الشريانَ ، واجتث العصب

لم تردّ الصاعَ صاعين له
إنها من بيت أصل وحسب

لم تقبّحْه على أن سبّها
إنما قد ردّها عنه النسب

وأبوها قال: مرحى بالتي
شرفتْ قوماً إليهم تنتسب

فاشتكت زوجاً جفتْ ألفاظه
بعد أن جافاه مِن قبل اللبب

وأبوها لم يُجاوز داره
إنه - في البأس - ذو قلب حَدِب

قال: لا تبكي ، ولا تستحسري
إنما الدمعُ رصيدُ المكتئب

لا تبالي بالذي عاينته
كم يهز النفسَ قلبٌ ينتحب

وارحمي نفسكِ مِن وخز الجوى
واشحذي فيها التروّي والدأب

منطقُ العيش احتفالٌ وبُكا
واهتناءٌ بعد لأي ولغُب

هذه الدنيا متاعٌ زائلٌ
زينة تمضي ، ولهوٌ ولعب

ما عناكِ الزوجُ لمّا سبني
فاربئي بالنفس عن هذا النصب

يا ابنتي هذا عناني ، صدقي
وأنا غلبتُ رفقي والحَدب

فارجعي بيتك ، هذا ما أرى
قبل أن يفنى بتسعير الشهب

واحم بيتاً قد تهاوى أسّه
ثم أمسى دون ذنب يضطرب

إنه مأواكِ ، جدّي ، واعقلي
وارقبي الأمر فتاتي عن كثب

يا ابنتي زوجُك محتاجٌ إلى
زوجةٍ ترضيه دوماً إن غضب

عندها تحظى بمرضاة الذي
أرسل الرسْل بدين وكتب

زوجة تعفو وتصفو دائماً
إن رماها الزوج – يوماً - أو ضرب

زوجة تعطي وترضَي دهرَها
فالرضا - صدقاً - دواءٌ مختلب

زوجة إما أهينتْ ثابرتْ
بالحصى ترمَى ، فتلقي بالعنب

يا ابنتي أخطاتِ مذ فارقته
دون إذن منه ، أو حتى طلب

هكذا ربيتُ بنتي؟ أفصحي
هكذا بنتي الخطايا ترتكب؟

قوِّمي نفسكِ ، بل واستغفري
إن الاستغفار من أرجى القرَب

لا تزيدي النار في قلب فتىً
من عذاب النفس أمسى يكتئب

والطفي بالزوج دوماً ، وارأفي
ربما الحال لضدٍ ينقلب

لا تلوميه ، ولا تستعتبي
واصدقي في الحب ، لا يجدي الكذب

واهجري الواشين مهما زخرفوا
إنهم يلقون للنار الحطب

واحذري أن تكشفي سراً لمن
فوق أسرارك كم ألقى الحُجُب

وأت بيتي ضيفة لا تمكُثي
لكِ داري اليومَ مأوى المغترب

© 2024 - موقع الشعر