ما لا أستطيع فهمه - أحمد علي سليمان

هاجَ كربي ، واستصرخ المِحرابُ
والقلوبُ - من خوف ربي - خرابُ

بات شهمٌ في جرحه يتلوى
وكفورٌ تحميه منا ذئاب

والتقيّ أمسى يئنّ ويبكي
مزقته ثعالبٌ وكِلاب

حار عقلي ، كيف الجبان يهاجي
ويعادي من للمليك أنابوا؟

ستزول دنياك يا غِر يوماً
هذه الدنيا لو فقهت سراب

أعلى التوحيد ليثٌ هصورٌ
وعلى التضليل شهدٌ مذاب؟

أحسامٌ – على الدعاة - مبيرٌ
وله في لحم الهدى أنياب؟

صوته – في التجريح – عال جهيرٌ
كنعيق قد افتراه غراب

وله أجنادٌ تذل وتردي
والدواهي أسيافهم والحِراب

وله أحزابٌ تذر البلايا
إنهم – عند الملتقى - أضراب

سخرتهم – للانتقام - الطواغي
فإذا هم – للعائدات - أجابوا

نفذوه ، لمّا يقولوا: حرامٌ
وتمادَوْا حتى بكى المحراب

وحطيط قد عاهد الله عهداً
وله – في صدق الوفا - أسباب

لم يقل: وحدي تحتويني المنايا
وأنا معذورٌ لأني شباب

لم يصرّحْ: أحببتُ ليلى ولبنى
أو سبتْ قلبي والحنايا عِتاب

أو شغِلتُ بهيئتي وجمالي
وأنا تسعى خلف ظلي رَباب

لم يقل: إني قد عشقتُ ومثلي
يشتكي الحب ، فالهوى غلاب

لم يقل: عذراً قد شغلتُ بمالي
درهمي – في دنيا الورى – الأصحاب

إنني – بالمال الوفير - أساوي
والفقير – لدى الأنام - تراب

لم يقلْ: إني لستُ أملك شيئاً
وعلى ما قد قلت لستُ أعاب

لم يقلْ: إني لستُ أملك جنداً
لأعاديْ من قد تعامَوا وخابوا

يا حطيط التقوى كفاك افتخاراً
أن صدعت بالحق ، أنت مهاب

ثم للحجاج المكابر يومٌ
فيه تلغى الأحسابُ والأنساب

يُنصَب الميزانُ الذي لا يُحابي
وإلى النار تفتح الأبواب

ويعود الحق البريء مُعافىً
بعدما أرداه الهوى والمُصاب

أنت في (إحياء العلوم) مُسجّىً
كل ما قد أبدعتَ فيه صواب

عنك يحكي جيلٌ لجيل سجايا
سيرة لا ، لم يدخرْها كتاب

إنما إشراقٌ يروح ويغدو
أتراه يردي ضياه الغياب؟

ما لهذا الحجاج يكره صدقاً؟
كيف يعلو – في داره – الكذاب؟

بهواه كم قد أذل وأخزى
لفظته الأعجامُ والأعراب

واستباح الأعراضَ من غير حق
وكأن الأعراضَ هذي ذباب

أيها (الزيّاتُ) الكريمُ تصبّرْ
فإلى الجبار العزيز مآب

طمئن النفسَ ، إن ربك عدلٌ
عنده لا ، لن تنفع الألقاب

وسيلقى جزاءه كل وغدٍ
وتجرّ - من خلفه - الأذناب

تعس الظلم كم أباد ضحايا
كل جوْر له مَدىً وحساب

يا حَطِيط عليك رحمة ربي
طِبتَ فيمن قد علمونا وطابوا

© 2024 - موقع الشعر