عُرسان في ليلة - أحمد علي سليمان

إن تعريسي باثنتين لعيدُ
فليبارك عرسي الملا والغِيدُ

وليهنيني كل صب عفيفٍ
زلزل العشقُ عيشه والخود

وليشاركني فرحتي كل شهم
رأيه في أس الأمور سديد

أم عبد الله استهانت بعزمي
وأنا عن توقيرها لا أحيد

لعبتْ بالنار التي أحرقتنا
واحتوانا شواظها والصهود

وأنا كم ناصحتها دون يأس
بكُليماتٍ زانهن الصمود

لم أكن أسعى لافتراق وبُعدٍ
خطه شيطانٌ رجيم مريد

لم أعقد أمراً أراه يسيراً
يخرب البيت العامرَ التعقيد

والخلاف في كل دار وبيتٍ
سن هذا رب الأنام المجيد

ليس بيتٌ – من الخلاف - بناج
والحكاياتُ قائمٌ وحصيد

والذكي مَن في الخلافات يأسى
وله في دفع الأذى مجهود

فإذا ما نار الشقاق استدامت
والخلافاتُ شاقها التمديد

فالزواج حلٌ مريحٌ يسيرٌ
ترتقي فيه الآنساتُ الغِيد

وأنا قررتُ الزواج لأحيا
لا يقالُ: بالوجد مات الفقيد

وتساءلتُ: من سترضى بكهل؟
قلتُ: عندي بيتٌ ، وعندي النقود

قيل: هل أموال تعيد التصابي؟
أنت جد يسعى وراك الجدود

قلتُ: يا فضلى فكّري واستخيري
رب رأي أتى به المقصود

واستشيري الأهل الكرام ، وجدّي
مبدأ الشورى نهجُه محمود

لكنِ القومُ لم يردوا جواباً
ربما أعيتْ ما انتوَوْه الردود

ربما رفضي بييته عروسٌ
والحيا من إعلانه معهود

فالتمستُ أخرى حَصاناً رَزاناً
والسبيل بحثٌ وجُهدٌ جهيد

وانطلقتُ شرقاً وغرباً بنفسي
والمُعينُ المُهيمن المعبود

وأبو الأخرى لم يسوّف بتاتاً
قال: أبشرْ ، وقوله مشهود

أسألُ البنت ، فاصطبر يا عزيزي
ثم قال: إن العروس تريد

قلتُ: مرحى بمن ستصبح زوجي
واحتفى بي فيما لقيتُ الوجود

ثم أنهينا الاتفاق سوياً
ووعدتُ صهري بأني أزيد

وانطلقتُ للبيت يبسم ثغري
فقريباً تنفك عني القيود

حيث أحيا ككل زوج طليق
إن ذا من رب الخلائق جود

فإذا بي بزائر عند بابي
قال: عندي خُبْرٌ مرجّىً سعيد

إنه ابن الصهر المرشح قبلاً
قلت: ماذا تريد يا (مسعود)؟

قال: أختي قد ارتضك حليلاً
وكلامي هذا وربي أكيد

فاحتواني تعجبي واندهاشي
ولساني عن نطقه معقود

مأزق عاتٍ ليس منه خروجٌ
وعذابٌ يكوي الضمير شديد

ما صنيعي في أزمةٍ فاجأتني
ليس تقوى على مداها الأسود

قلتُ: أرضى بالزوجتين نصيباً
وأتاني من خلتي تأييد

وعرضتُ على النسيبين عرضي
مستبيناً شروطه والبنود

فإذا بالقبول يسري اتفاقاً
بيننا ، والمليك ربي شهيد

قيل: تأتي فعلاً غريباً فريداً
قلتُ: حقاً هذا صنيعٌ فريد

ثم تم العرسُ الذي شع نوراً
واحتواه الإطراءُ والتغريد

في ديار لمَّا تعش مثل هذا
في زمان أودى به التعقيد

نالتِ الأولى حظها بعد عصر
ثم قلتُ: فلتأذني ، سأعود

ثم بالأخرى قد دخلتُ عشاء
لي اتفاقٌ عذبٌ ورأي رشيد

أنني بعد الفجر أمضي لشغلي
ثم قبل الغروب عودٌ حميد

ولزوجي الأولى أبنتُ الخفايا
لم تُخفني عُقبى ولا مردود

وتوقعتُ الشر يُذهب صفوي
والشقاقَ من بعد ذاك يسود

لكن المولى قد هداها فقالت
تهنئاتي أساوي والعقود

صاح بلغ أحلى سلامي إليها
وعليه أزاهرٌ وورود

إنها أختي ، والحليلُ أخونا
بيننا الودُ والصفا والسعود

ولزوجي الأخرى حملتُ التحايا
والهدايا والمدح والتمجيد

فانبرت تُطري ضرتيْها ، وتلقي
كلماتٍ صنوان والتقصيد

قلتُ: حمداً لله رب البرايا
من له الإطراءاتُ والتحميد

رب ألفْ بين القلوب ، وحققْ
أمنياتٍ في القلب منها الوليد

مَن نناجي سوى المليك قديراً
جلّ ربي الفردُ العزيز الحميد

© 2024 - موقع الشعر