صدقتْ رؤياك يا خالد! (رؤيا خالد بن الوليد) - أحمد علي سليمان

رؤياك تُفرحُ سامعاً ، وتكافي
كقصيدةٍ زينتْ بعذب قوافي

يا خالدَ الذكرى إليك تحيتي
مَوْشية بزخارفِ الإتحاف

يا طيّبَ الأعراق سِيرتك السنا
يا عاطرَ الأخلاق والأوصاف

يا مُشرقَ الأخبار تُبهرُ سامعاً
وكأنها زُبدٌ مِن الأصداف

يا سِيداً بالسلم حاز كرامة
قد توّجتْ بشرافةٍ وطِراف

يا باذلاً روحاً وقد أرخصتها
في الله مثلَ السادة الأشراف

يا قائدَ الجُند الألى علمتهم
طعن العِدا في الحرب بالأسياف

يا مخلصاً للدين ديدنه الوفا
مازال يُوفي وعده ، ويُوافي

يا من فجعت الرومَ في ساح الوغى
وذبحت - عند النهر - بالآلاف

يا من رأيت كما تقول أجادباً
لم تمتلئ بحوافر وخِفاف

وخلت مِن الماء الذي هو روحُها
فغدتْ بذلك أقحلَ الأكناف

وقستْ مضاربُها على سُكانها
وقستْ مرابعُها على الأضياف

أرضٌ عَزازٌ ليس ينبتُ زرعُها
وكأنها مِن قاحلات فياف

حتى الفيافي قد يهيجُ نباتها
مهما تعاني مِن عَتِيّ جفاف

فخرجت منها كارهاً لجفافها
فإذا بروض مُعْشِب مِئناف

فيه الزروعُ تسرُ عينيْ ناظر
والماءُ يسطعُ كالمعين الصافي

وله اتساعٌ ليس يبلغه المدى
وان احتوى رقعاً من الأعطاف

وقصصتها يا صادقاً في قوله
تترقبُ التأؤيلَ في استشفاف

وتفضّل (الصديق) بالبُشرى له
أملٌ يلوذ بمَدمَع ذرّاف

ولذاك أولها الهداية أقبلتْ
كالغادة السمراء في الأفواف

تهفو إليك ، وأنت تعشقُ أنسها
هي في التعلة كالدواء الشافي

جاءت إليك مَشُوقة ملهوفة
مثل العروس أتت بثوب زفاف

فتركت ما قد كنت تعبد مِن هوىً
وسَمَوت في الآمال والأهداف

وكفرت بالأوثان يصنعُها الورى
ويخصّها أعيانهم بطواف

وخلعت أنداداً تقادمَ عهدُها
إذ عُظمتْ من قبلِ عبدِ مناف

وبرئت من أصنام قوم أشركوا
وهجرت ما شادُوهُ مِن أحلاف

وتبعت دين محمدٍ مترفعاً
عن كل ما صاغوه مِن أعراف

ورآك جُلّ الناس بعدُ مبايعاً
في عِزةٍ تسبي النهى وهتاف

وعففت حتى قيل: ليس كمثله
إذ كيف يحيا الشهم دون عَفاف؟

أأبا سليمانٍ بك الرؤيا ازدهتْ
وأنا بشعري العذب كنتُ أكافي

© 2024 - موقع الشعر