شيماء الإسلام لا شيماء الفن - أحمد علي سليمان

شيماءُ خُصِّي الورى بأطيب الزادِ
نُصحٌ تحِنّ له مشاعرُ الحادي

وعطِّريهم بما آنستِ مِن رَشَدٍ
لقد يُفيقون من جهل بإرشاد

وبصِّريهم بما عاينتِ من قيم
تَهدي السبيل ، وتروي نهمة الصادي

وأعلميهم بما في الحق من شرفٍ
لأن أهل الهُدى هم خيرُ أجواد

وزيِّني نفحاتِ الهَدي مُعلنةً
أن قد سبقتِ الغُثا في سُنة الهادي

وجمِّلي سُبُل التقوى لمَن ركنوا
إلى الفنون زكَتْ في السهل والوادي

وحسِّني التوبة المُثلى لمَن قصدتْ
فردَّها الطبلُ والمِزمار والنادي

وبيِّني ثِقَلَ التنازلاتِ لمَن
ترجو نُجوميةً في ظل أمجاد

وناصحي مَن غفتْ يوماً ضمائرُهم
فأشبَعوا النفس من قبائح الزاد

في مسرح ، هذه الدنيا محلتُه
ورجسُه في البرايا رائحٌ غاد

شيماء هذي من الأعماق فرحتُنا
نزفُّها بارتياح صادح شاد

من القلوب نُحيي كل تائبةٍ
تحررتْ من لظى غُلِّ وأصفاد

تابت إلى الله مِن سُوآى ومعصيةٍ
وزايلتْ - في البرايا - سوءَ أوغاد

وأشهرتْ سيفَها في نحر زَلتها
فلم يَرَ السيفُ منها بعض إغماد

تُلقِّن الناس ما في النصح من أرج
ونُصحُها في الهُدى يُزري بنقادِ

تُحَذر القوم من شر يَحيق بهم
تأتي كوارثُه من غير مِيعاد

هي الفنونُ تحَلي كل منقصةٍ
وكم تُقدم من كفر وإلحاد

وكم تُحَرِّف من تاريخ أمتنا
وكم تزيِّفُ من عادات أجداد

وكم تُضخِّم من فئران حِقبتنا
حتى يكونوا كعِقبان وآساد

وكم تُسّعِّر نار الحرب تجعلُها
جمراً يَطيحُ ببُلدان وأفراد

وكم تثير من الغرائز انطلقتْ
ووهجُها لم يَخَفْ من أي إخماد

وكم تُضَيِّع أوقاتاً وقد حُسِبَتْ
وكم تُحرِّق من نُهَىً وأكباد

وكم تنال من التوحيد في وَضَح
وكم نصوصٍ روتْ بدون إسناد

برامجٌ عُرضتْ ، والفنُ باركها
وكم تُقدم مِن زور وأضداد

والراقصون على آلامنا رقصوا
وليس تحتاج بلواهم لأشهاد

وجحفلُ الفن في الهيجا له ألقٌ
يمضي وأجنادُه من شرِّ أجناد

نحن الضحايا ، وهم في غيهم رتعوا
واستمتعوا دون تنغيص وتَسْهاد

(شيماء مَنَّ عليكِ اللهُ ، فاعتبري
واستنقذي مَن سعتْ للفن بالكاد

وادعي إلى الله عن علم وتبصرةٍ
فرُبَّ نصح أتى بخير عُباد

وربما أثمرتْ دعواكِ في غَجَر
فحَوَّلتهم إلى صِيدٍ وزُهاد

والأمرُ أولُه عقيدة نورها
تحتاج جذوته دوماً لإيقاد

وقد يجيئك أهل الفن في ولهٍ
لكي يُعيدوكِ ، لا تصغي لحُساد

وقد يُشوش جمعٌ في جرائده
فأنتِ أكبر مِن سوءٍ وإرعاد

وقد يُمدكِ بالأموال أغلبهم
فقاطعي شر أقوام وإمداد

أغناكِ ربك بالتقوى ، فأنت به
تُزكين فحوى التقى كأمِّ خَلاد

لا تفتُري لحظة عن نصح من هبطتْ
إلى الحضيض عليها دعرُه باد

هي الضحية مهما كابرتْ وبغتْ
سعتْ إليه بأصحاب وروّاد

شيماءُ كوني لهذا الدين داعيةً
لكي تفوزي بخيراتٍ وإسعاد

لذاكَ فلتدرسي علوم شرعتنا
وإن يكن نصَبٌ وبعضُ إجهاد

فلن تكوني بدون العلم واعية
بما يُراد لأخلاق وعُباد

أحبكِ الكل مُذ فاصلتِ مَن فسقوا
والأمر أعظم مِن عزم وأوراد

هداكِ ربكِ مِن ضلالةٍ جثمتْ
على الفؤاد ، تعالى ربنا الهادي

فالحمد لله مَن أزاح غمتها
من بعد أن شربتْ فيهِ بأوتاد

شيماء فلتصحبي مَن دينها اتبعتْ
هذي ورب الورى من خير أعضاد

وزايلي من رأتْ في الفن قِبلتها
حتى استكانتْ له بكل إخلاد

والموت مُدركنا ، فلنستعدّ له
إذ ليس يترك منا أي آحاد

وفي القيامة ترجو كل ذاتِ أذىً
لو بينها والأذى بعيدُ آماد

© 2024 - موقع الشعر