دعها يا أبي - ضرب أمه أمامه - أحمد علي سليمان

دَعها ، ولك الأجرُ الأكبرْ
واهدأ ، واسترشدْ ، وتدبّرْ

وتذكرْ ساعة خِطبتها
وارجعْ للماضي ، واستبصر

يومَ أتيت إلى ضيعتها
مختالاً فرحاً تتبخر

والأضيافُ تباركُ عُرساً
ليس به فسقٌ أو منكر

والحفلة يشدو سامِرُها
بنشيدٍ حان ومُؤثر

والأهلُ جميعاً قد حضروا
والحاقد - طبعاً - لم يحضر

وعريسُ الليلة مبتهجٌ
مسرورُ الخاطر مُستبشر

وعروسك في الدار تسلتْ
بصواحبَ في أبهى منظر

بعباءاتٍ ما أسودها
وقلوب تُشرق كالجوهر

ولهن أناشيدٌ رَشَحتْ
بالمسك الفائح والعنبر

أخواتٌ جئن مجاملة
حَسِناتُ النية والمظهر

ورجالُ الحفل بمسجدهم
والكل يُهني ، ويُبشّر

والحفل مضى بزخارفه
ومضيت لكيلا تتأخر

وبدأت زواجك بصلاةٍ
فاللهُ - مِن الزوجة - أكبر

والعِيشة كانت كخضمٍّ
وأراك - بلجته - تبحر

والجَزْر سريعاً ما يمضي
والمدّ يعاودُ ، ويُدمّر

أتظن بُلهنية تبقى؟
كلا ، فتحمّلْ وتبصّر

وإذا ما عشت بلا مِحن
فبأي عطا المولى تؤجر؟

احلم يا أبتِ ، ولا تعجلْ
عهدي بك أنْ لا تتهور

وأدينُ الأم ، وأعذرُها
وتعدّيها أنا لا أنكر

لكنك أكبرُ في نظري
مِن هذا الموقف يا خيِّر

واندمْ يا أبتِ على جُرُمٍ
واقنتْ للمولى ، واستغفر

واسأل ربك أن يرحمَنا
مِن طوفان قد يتفجر

ويُنجينا مِن وسوسةٍ
يُمليها الشيطانُ الأغبر

بالله عليك كفى إحَناً
منها المستقبلُ يتضجر

وكفى ألماً ، وكفى شجناً
إنا - في البلوى - نتعثر

إن التشتيت يهدّدنا
والبيتُ به كم يتأثر

إخواني يبكون ، وأبكي
وأراك تسَفِّه ، وتحَقِّر

أوَلست تحس بكربتنا؟
أوَلست تني أو تتكدر؟

أوَلست تفكر في غدِنا
فيُعينك ذا أن تتغير؟

أمي ترجوك مسامحة
وهي الأدنى ، وهي الأصغر

أما أهلوها فعُتاة
يأتون بما لا يتصور

يرجون طلاق بُنيّتهم
هل ذاك هو الحل النيّر؟

أبتاه فخيِّبْ مأملهم
أنت بما قد صنعوا أخبر

أبتاه فأبطلْ خطتهم
قد يحدثُ ما كُنا نحذر

لا يضرب زوج زوجته
ضربك هذا يا مستبصر

أوَلا تبصر ما أحدثه؟
انظر للدم كم يتحدر

أين الرحمة يا والدنا؟
عاهدْني أنْ لا يتكرر

واسلم لبنيك ، وعشْ رجلاً
يحترمُ الزوجة ، ويُوَقر

لا تعطي الفرصة مَن شمتوا
وأعيذك مِن غِل مُضمر

لا شيء يعوّض وحدتنا
فادرسْ ما حولك ، وتبصّر

وأنا أدعو لك بالتقوى
وعسى ربي ذنبَك يغفر

يا رب تغمّدْ والدَنا
بالرحمة كيلا يتحسر

واصفحْ ، وتفضّلْ ، وتقبّلْ
أنت الغفارُ المتكبر

© 2024 - موقع الشعر