ترنيمة الليل - أحمد علي سليمان

الليل غطته الشجونْ
وبكته بالدمع اللحونْ

إن المنايا جمّة
والكرب مهتاجُ الأنين

والحزن في أنشودتي
والوهم فواح الرنين

واللحن معطوبُ الجوى
والصوت مكروبُ الحنين

والليل وثاب الخطا
يسعى على جسر الجبين

ساعاته مسعورةٌ
ترنو إلى لحظ السنين

أناته مكلومة
والجرح فيها مستكين

تبكي على فقد الوفا
والصدق - في الدنيا - ضنين

تأسى على طول النوى
ترنيمة الليل الحنون

والحب عاتٍ والهوى
يا لوعة السر الدفين

حب الأماني والهُدى
حب التسامي والأمين

يا ليل فرضاً أنني
أبكي على العمر الثمين

آسى على ترنيمتي
في مَعقل الحزن اللعين

إن الجوى قيثارتي
واللحن إصراري الحزين

والسيف يا خلي الدوا
والعزم صخرٌ لا يلين

لكنما لا يحملُ السي
فَ الهزيلُ المستهين

يا ليل مَن يسقط يهنْ
وتُمته أشواكُ المَنون

جربتُ هذا في الورى
فوجدته السمت المبين

كذبتني ، صدقتني
جربتُ هاتيك الطعون

فيم التداعي إنني ال
ملاح والليلُ السفين؟

ثم الحنايا أقفرتْ
مجدافنا فيها مَهين

يا ليل أمواجى علتْ
ورحيلُ كربي هل يحين

أنت الذي أجّجتها
حتى تغطتْ بالشجون

لكنما الباغي سترْ
مِيه الذرى خلف الكمين

وانظر لمن سادوا إذن
ثم انتهوْا في البائدين

من عاش دوماً ظالماً
للخلق تذروه المَنون

حتماً سيطويه اللظى
فأسفْ على ذاك الرهين

فالجور عاتٍ أمرُه
والعدلُ كالماء المَعين

يا ليلُ كفكفْ عبرتى
إني بآهاتي الطعين

وحدي أعاني حرقتني
إني لآلامي القرين

وحدي أداوي صرختي
وحدي بأتراحي السجين

وحدي بسرداب الأسى
قد كان لي يوماً عَرين

وحدي تغشاني الخطا
والناس أصحاب اليمين

حتى متى يا ليل قل؟
في صمتك السر المصون

أنت السنا ، أنت الضيا
يا ليل ، بل أنت الخدين

يا ليل لا تزحف على
عرقوب أحلامي الرصين

دعني - بأحلامي - هنا
أحيا على العزم المتين

دعني فروحي قاربت
تلوَى بحلقومي الرزين

ترنيمة الليل انقضت
والآهة الثكلى تحين

عَدلٌ تمادي صرختي
يا ليل في القهر الثخين

إن انفعالات الهوى
غصّت بمسّات الجنون

وحدي يسليني العمى
أصْلى بنيران الفتون

أبكي على ديني هنا
والناس في فقه البطون

أبكي جراحات الهُدى
والقوم في وهج الفنون

يا ليل فارحلْ ، إنني
غُلتْ شِمالي واليمين

والقلب مغلولٌ كذا
ينعي سواليف القرون

كل الأماني فارقت
ودعتها في الخالدين

فيم اعتلالي بالمُنى؟
والأمر لله المتين

ما شاء ربي كائنٌ
ما لم يشأ أنى يكون؟

© 2024 - موقع الشعر