بكاء الذكريات - أحمد علي سليمان

أبكي على مُر الجوابْ
والدمعُ غشاه السرابْ

أبكي ، ويؤلمني الجوى
والشوق بالغ في العذاب

وكذا الرحيل ، فموجعٌ
ولقد يئستُ من الإياب

وسُئلتُ: هل من عودة؟
فغدا السكوتُ هو الجواب

فارقتُ ينبوع الوفا
ودَّعتُ مصباح الصحاب

و(أبو أسامة) مقصدي
قد كان شهماً لا يُعاب

وإذا تكلم ، فالمضا
لكلامه تعنو الرقاب

وإذا تهكم مازحاً
فمِزاحُه فصلُ الخطاب

وإذا تندَّر ، فالشذى
وحروفه شهدٌ مذاب

وإذا يُلام ، فطيبٌ
سهل الملامة والعتاب

وإذا تناول فكرة
أعطاكَ من أصل اللباب

وإذا يُزار ، له قِرىً
وسِعَ الطعام مع الشراب

والقلب واحة مؤمن
والروح مطلقة الرحاب

والنفس بازلة الإخا
ترجو من المولى الثواب

والحب حلو طعمه
وأراه قد بلغ السحاب

يا من يُعز فراقكم
ذهبتْ أماسينا العِذاب

واللهِ شط بنا النوى
تاه الغضنفرُ في العُباب

ورأيتُ مِن صحبى الجفا
ورأيتُ من عَجب العجاب

بلغ سلامي يا نسي
م لخير من لبس الثياب

لم يأتزرْ بالبغض بل
هو رافعٌ عَلم التحاب

للهم ، فاجبر كسره
واستره في الأرض الخراب

واحفظه من أعدائه
وامنحه صبراً في المصاب

واجعل - لنا - من بعده
كأبي عبيدة ، والحُباب

© 2024 - موقع الشعر