أنت أدرى بما جرى - المعلم والساعة المسروقة - أحمد علي سليمان

وحدك العارف بالأمر فقلْ
وأنا أفهم ما تحوي الجُمَلْ

وحدك الحاكي لأندى قصةٍ
عن طفيل عابه ما قد فعل

وحدك المدرك للرمز خبا
نجمُه عنا ، فأعيتْنا الحِيَل

وحدك القارئ تاريخاً مضى
وغدا الموقفُ يُروى كالمَثل

وأنا السامعُ ما تُلقي على
مسمعي ، والقلبُ يحدوه الأمل

جُل عمري اليوم ولى مدبراً
ثم إن الرأس بالشيب اشتعل

فاعذر الأستاذ ، هذا حقه
واسأل الرحمة ، إن حان الأجل

قد سترتُ العيب ، هذا واجبي
وتجاهلتُ الفتى يأتي الزلل

أتُراني اليوم أفشي عامداً
ما عليه السترُ دهراً منسدل؟

مَن علمتَ دون عيب ظاهر
منه بين الناس يغشاه الخجل

مَن علمت لم تفحْ أخطاؤه
ثم قال الناس: هذا يُعتزل؟

حيلة بين الصغار احتلتها
حيث لغزٌ ما له بالعقل حل

كيف ضاعت ساعة صاحبُها
خوّن الكلَّ ، ونادى: ما العمل؟

وتحدّى سارقاً خبأها
أنه آتٍ بها مهما حصل

واعتدى بالقول والفعل معاً
ضارباً ذا ، وعلى ذاك انفعل

وكأن الكل عُبدانٌ له
استرق البعضَ ، والبعضَ استذل

قلتُ: يا هذا تصبّر ، واحتسب
وتمهل في الدعاوى ، واحتمل

قال: أحضرها ، وجنبني الخطا
إنها في القلب مني والمقل

قلتُ: كلا ، ساعة مهما غلتْ
فقدُها لا ، ليس بالأمر الجلل

قال: ذي من والدي جائزة
وبها بين صِحابي أحتفل

قلتُ: صدّقني ، ستلقاها ، فثقْ
واحقن الغِلّ ، فنصف العجز غِل

ثم فتشت الجميع عامداً
مغمض العينين كيلا أستدل

فالتمستُ ساعة اليدِّ التي
ألحقتْ درسَ (الفرنسيْ) بالشلل

ثم في جيبك أمسكتُ بها
لستُ أدري جيبَ مَن كيلا يُزل

وسترتُ الأمر أرجو أجره
عند مولانا المُعِز والمذل

© 2024 - موقع الشعر