أليس لك بُنيات؟ - أحمد علي سليمان

بما تأتيه فانتظر العقابا
فأقصرْ واعتدلْ ، وارجُ الثوابا

وصُن كل الجوارح عن هواها
وألزمها الكرامة والصوابا

وإن ترجُ المشيب بلا خطايا
فصُن يا صاحبي عنها الشبابا

وجنِّب عينَكَ الحُسن المُعَرَّى
ولا تستصحب الغِيدَ الكِعابا

وعلمْ نفسك التقوى ، فتحيا
سليم القلب معتدلاً مُهابا

وصاحبْ كل مقدام غيور
وفاصلْ يا أخي النذَل المُعابا

وكن للشرع متبعاً ، وأخلصْ
وحكّم - في معيشتك - الكتابا

وكن بالعلم مُدّرعاً فخوراً
فإن العلم يَردع مَن تغابى

وكن بالفقه مشترعاً عزيزاً
وعلمْه الذي جهل احتسابا

وعش للسنة الغراء حِصناً
من الأعداء ، واصطحب الحِرابا

وأحسن للخلائق في اصطبار
وإن هضموا حقوقك والجَنابا

ودقِّق في الأمور بلا ارتجال
وزايلْ - في العزائم - الارتيابا

وكن بالحزم معتصماً هُماماً
فإن الحزم يُردي الاضطرابا

وكن - في العيش - معطاءً جواداً
فإن الجود يرتصد الصحابا

كَراع والجِمال له أسارى
لها فاض العطا ، والبذلُ طابا

له الشيطان أشهرَ سيف غدر
يريد له المذلة والخرابا

وما انتصر الرجيمُ ، لأن عبداً
بذكر بناته خاف الحِسابا

أتته مليحة ترجو نوالاً
وكان المال للحَيْرى الطِّلابا

فساومها على عِرض ، فثارتْ
ومنه الرفضُ قد أمسى الجوابا

فتاب عن الذي قد كان منهُ
وجدّد - في المؤاخذة - العِتابا

ووبّخ نفسه بالدمع حتى
يؤدبها ، وأوسعها عقابا

وجاءته الصبيّة بعد حين
تريد المال ، ترجو أن تُجابا

فأبدى شرطه وبلا حياء
وإن رفضتْ أيطرحها غِلابا؟

ويأخذ ما يريد ببذل مال
وإلا نال ما يبغي اغتصابا

ولم يصرفه عنها من حجاب
أليس يرى - على الجسم - الحجابا؟

ولم يردعه عن وجهٍ نِقابٌ
أليس يرى - على الوجه – النقابا؟

لقد أعمته شهوته تماماً
فبات يؤمّل الشهد الرِّضابا

متى يحظى بها ، وبلا قيودٍ
لينزع عن معاطفها الثيابا؟

فلامتْهُ وقالت: كن عفيفاً
فما كانت مثيلاتي قِحابا

وما كنت البَغِىَّ ، فكُفّ عني
وما بي رغبة فيمن تصابى

ألست تخاف عاقبة المعاصي؟
ألست تخاف - في النار - العذابا؟

أليس لديك بنتٌ تفتديها
بنفسك كي تُجنبها المصابا؟

وتحمى عِرضها من كل سوءٍ؟
وتدفع عن عِباءتها الذئابا؟

وتكلؤها بعطفٍ واحترام؟
وتمنحها اليواقيت الرِّطابا؟

وإن كلبٌ عوى يوماً عليها
به قاتلت يا صاح الكلابا؟

وإن نيلتْ بلفظٍ فيهِ قبحٌ
لنقّحت الشتائم والسِّبابا؟

وإن باتت - من الآلام - تشكو
رآك الكل تنتحب انتحابا؟

فدعني ، واجتنبْ فعل الخطايا
فليس العيش فئراناً وغابا

علاجك في التقى ، فاندمْ كثيراً
وأفلحَ مَن نِدا التقوى استجابا

خصصتكَ بالنصيحة ، فاتبعني
وحاذر مِن يقينك أن يصابا

أتيتك أبتغي الأموال دَيْناً
أظنكَ - في مداينتي - الحُبابا

ولم يخطر ببالي أنْ بعِرضي
طعاميَ أشتريهِ أو الشرابا

أمكّن غيرَ زوجي ، ثم أبكي
من العِرض الحصين ، وبعدُ آبى

حمدتُ الله مَن قد حال بيني
وبين العار يحرمني الثوابا

وعن راعي الجِمال أزال مسًّاً
من الشهوات ممتلئاً سغابا

فأعرض عن مواقعتي ملياً
وأجلتْ همستي عنه الضبابا

وعُدت كما ذهبتُ بلا شنار
ورب الناس قد ستر الإيابا

بضِعف المال عُدت ، وكنت جزلى
فقد وفّى ليَ الراعي النصابا

وأوصى بالدعاء له مِراراً
وبالستر المهذب قد أهابا

قد ادخر الدموع تبيد ذنباً
وتصنع في النٌّهى العَجبَ العُجابا

ورب العالمين حمى حِماه
وأنزلَ بالأكاسرة التَّبابا

وجُنبَتِ البُنيات المنايا
إذ اجتنبَ الأبُ الدُّعرَ اجتنابا

بذات الوقت ، والجيران صَدوا
هُجوم العِير ، واحتربوا احترابا

وإن الله مَولى كل بر
وناصرُ مَن إلى التقوى أنابا

© 2024 - موقع الشعر