أبو غـيــــاث المكي! - أحمد علي سليمان

بزهدك عاد الحق إذ كاد يُغصَبُ
ووافى الخراسانيَّ ربحٌ ومَكسبُ

ألا يا أبا غياثٍ ازددت رفعة
وعشت صدوقاً مخلصاً لست تكذب

أبيت الحرام المحض يُنهي ضرورة
بها العيشُ وسط الأهل ضنكٌ وغيهب

وعادت دنانيرٌ حلمت بعُشرها
وبالألف تمت حاجة ثم مأرب

وما المرء إن لم يجعل الشرعَ قِبلة
وبالسنة العصماء لا يتأدب؟

يُحل حلال الله في كل أمره
وإن الذي يَشْرعُ المولى محبّب

وكل الذي قد حرّم الله عنده
حرامٌ ، وهذا إذا رام العُلا يتوجب

يعيش على الإسلام عبداً موحّداً
ويدعو أناساً هديه قد تنكبوا

ألا يا أبا غياثٍ المالُ قد سبا
صوابك حتى عِفته تتلهب

ووسوس إبليسٌ ليُحْدث فتنة
ومازال بالإغراء والمكر يدأب

وحلى لك الغصب المَقيت تكلفاً
وهل تنفع الأموال إذ هي تغصب؟

وقال بأن البيت يشكو خصاصة
به الناس للأمثال في الفقر تُضرب

وقال بأن الأسرة احتاج أهلها
لما في يديك ، الأمرُ أعتى وأصعب

فأعطهمُ الأموال جاءت تُغيثهم
وليس من الأحوال ساءتك مهرب

وسدد وقارب في الأمور ، ولا تكن
حريصاً على التقوى فسوف تخيّب

وإن (الخراساني) أغنى من الألى
ستَحرمهم ، والفقرُ يُشقي ويُلهب

فقلت لإبليس مقالة مسلم
يخاف دخول النار فيها يُعذب

ويؤثرُ مرضاة المليك ، ويتقي
وليس لعصيان المهيمن يركب

وإن أزه الفقر الشديد ، وناله
بسيف التحدي قال: لا لستُ أرهب

ولستُ أخاف الفقر يجتاح أسرتي
ولستُ الذي للمال للغير أنهب

وأصبر حتى لا أوافى بسرقتي
ككل ظلوم ما لدى الغير يسلب

وأصدق في الإيمان قلباً وقالباً
ولستُ الذي في دينه يتقلب

وأجعل إسلامي عزيزاً وغالياً
وأبحث عن مرضاة ربي ، وأرقب

وأحسنُ أرجو الأجر ، والله حافظي
وإن جنى الإحسان بالخير يعقب

وعاد (الخراساني) يسأل حائراً
نقودي لماذا عن عيونيَ تُحجب؟

أفي كعبة المولى ظلومٌ وسارقٌ؟
وهل مسلمٌ من بات يسطو ويهرب؟

وأنت تريد الأجر في رد ماله
ولكنه بالأجر ليس يرحب

وكنت رددت المال من بعد حيرةٍ
كأن الذي حقاً له المال (أشعب)

وفزت برأس المال ، هذي وصية
وعدت إلى الأهل المساكين تطرب

تقول: ربحتُ المال عُقبى أمانتي
وتلك التي منها فؤاديَ يعجب

تعالى إله الناس وفي بعهده
وكلُّ تقيٍّ لا محالة يكسب

ومن يتق المَولى ويصبر ويحتسب
يفز بالرضا دوماً ، وإن كان ينصب

© 2024 - موقع الشعر