عدو - صباح الدين كريدي

عدو
 
رجلاً من العصور القديمة
كذاك السومري
أَخرجُ عند منتصف الليل
بين كانون وكانون
من المدن إلى البرارى الغامضة
أدخل الجبال الواقفة كالأسوار
من الصحراء إلى البحر
من البحر إلى الصحراء
ودائماً
أَسمعْ هديره المتصل
كنهر خفي
أو بركان بعيد..
 
أَلوانه الرمادية على الصخور
أَنيابه على جذوع الأشجار
من زاغروس إلى لبنان
من الشرق القديم
إلى العالم الجديد
هذا الذي يأخذ شيئاً من دمي كل صباح
وأزهارى كل فصل
وعمري كل عام....
من الجبال إلى البحر
من المدن إلى الصحراء
أرى آثاره في كل مكان،
أكاد أسمع وقع خطاه
على الأعشاب اليابسة
على الأرصفة القفراء
اصطدم به في الظلمات..
تفاجئني يده عبر الأغصان
تُمرِّرُ على القلب الذاهل
تياراً بارداً من الهواء....
 
من على الهضاب العالية أصرخ
ومن أعماق الوديان
أيها القاتل الزنيم
أيها السارق الجبان
خذ شجاعتك وتقدم
ولنكن القاتل والمقتول....
 
ولاشيء سوى الصدى المتردد الطويل
سوى الهدير المتصل
والآثار الضارية
على الصخور العملاقة
وجذوع الأشجار ..
أمامي
وخلفي...
© 2024 - موقع الشعر