رسالة من امرأة (2)

لـ عمر الحسن، ، في الغزل والوصف، آخر تحديث

رسالة من امرأة (2) - عمر الحسن

عزيزي عمر طاب نهارك الدائم عندما وصلتني رسالتك أصررت على تأجيل قراءتها إلى أن ينتصف الليل ويهدأ البيت وينام الجميع، كنت أشعر أن الرسالة تحولت إلى كائن حي نبض في هاتفي قاومت الإغراء ولم أفتحها إلا بعد أن بقيت وحدي نعم يا عمر إن الصداقة منك فوز عظيم هل تعي معنى أن أجد إنساناً مثلك؟ بفكره وأدبه وذائقته واهتماماته؟ بطريقة فهمه للأحداث بأن يعرف شكل النفس الإنسانية وهي متجردة من كل المثاليات؟ أن يفهم كل هذا؟ أن تكون صديقي يعني أن أجد إنساناً أشتهي أن أمشي معه وأستمع لحديثه الطويل الذي لا يعرف طريق الاختصار ولا أتململ، هل تعرف بأن أصنف المشي نشاطاً شاعرياً؟ كنت أعني في رسالتي الأولى أن تكتب نصوصاً أو قصصاً طويلة إن وصفك للأشياء بديع يا عمر كأن عينك ترى كل الأحداث السريعة بالشكل البطيء ملاحظتك دقيقة، في روايتك للأحداث تجعلها شاعرية ومأساوية إن أردت وكأن رساماً يحضّر لوحة ما أجمل الإبهار دون تصنّع هل قلت لك من قبل أني لا أحب قصائدك إنها قيء مشاعرك، قراءتها أمر مجهد استمعت في الأيام الأولى من معرفتك إلى قصيدتك (وانا بي حزن لو يضرب بصدر الأرض يفلها) لم يفارق هذا الشطر رأسي يومين وقرأت بعضاً من ديوانك توقفت فيه إلى وصفك غيرتك من خاتم محبوبتك وابتسمت ابتسامة دامت ساعتين قد أيقنت حينها أن قصائدك وجدت بعد أن علَكَتها المعاناة قرأت من الشعر ما لا أستطيع جمعه عدداً لم تفعل بي قصيدة ما فعلته بي قصائدك إن الشيء الذي لا أتوقف عن الامتننان له بشكل يومي هو النوم إنها الساعات الوحيدة التي لا أسمع صوت رأسي فيها ولو أن ضرراً لحق بي من وراء النوم لكان أول ضرر احتضنته هل ألِفت السهر؟ هل تعتزم البقاء في تلك الخيمة؟ أتمنى لك النوم الهانئ والذهن الصافي يا عمر.. (قلب) فلانة
 
 
 
نعم أنا (مهتمٌ) بالشعر و(مهتمٌ) بالعزلة و(متهمٌ) بك قرأتِ (متهم بك) على نحو خاطئ الشعر نادي الشعراء الليلي، يرتادونه نزهةً وترويحاً وهو عندي جار متسوّل يطرق بابي مُبادَهة فأتسكَّع في الطرقات أحرك يديَّ أصوغ وأسرد القصائد ولُقبت ب (الشاعر المجنون) إن كل أطروحة شعرية نمَّقتها ودبَّجتها كنتُ أعني بها الأدِيبات الفاتنات أمثالك وحظّك التاعس قادك لتقرئي ديواني القاتم لتضعيه أخيراً على الرف بهدوء كما يُنزل الميت إلى قبره وتُرِك وحيداً هناك وتُرِكتُ وحيداً هنا أخالك كاتبة، شاعرة، مبحرة، ناقدة، مختلفة عمّن سواك ومدعاة للتباهي أن تحبني أديبة بفردانيَّتك لكني.. آسف لقصوري عن إشباع أنوثتكِ كما أشبعتِ خيَلائي فبعد دخولي إلى قلبك دون استئذان أودُّ الخروج منه باستئذان والحفاظ على عُشّي مرصوصاً عامراً ليسكنه غيري وبصفتي أفهم الأنثى أكثر من فهمها لذاتها فالأنثى تريد أن تكون: قلباً يُطلَب، وجسداً يُخطَب، وصنماً يُعبَد وأنا انطفأ سُعَار عاطفتي وفوَرَان طيشي ولم يعد بمستطاعي إسعادك بارد تجاهكِ لكني أشعر بكِ أعلم أنكِ يا حسناء أطلْتِ التنقيب عن رجل جميل مثلك وخيّبتُ آمالك أعلم أنكِ لستِ كصيادي الأسماك يرمون شباكهم عشوائياً أعلم أنكِ لستِ من اللواتي يكتبن أرقامهن على قلوبهن ويرمينها في أحضان الرجال قوافل أمنياتي الصادقة بأن تعيشي حياةً ليست كحياتي مع زوج لا يشبهني يا جائزةً صُرفت لي باسمي وأنا عاجز عن استلامها (عمر)
© 2024 - موقع الشعر