حِينَ أطلَّتْ جنيّات البَحْر عَليْهَا - شريفة السيد

حِينَ أطلَّتْ جنيّات البَحْر عَليْهَا
------------------------
 
كَانَ (القوقوق) يشدو
والأغصان على أفرعها...
تتجاذبُها الريح
والغزلان قطيعٌ يجري.. مرَحًا
حِينَ انسحبت في اطمئنانٍ
عند البحر
لتنعمَ بالأقدام إذا ما غاصت بين الماء.
تُبلِّلُ جُزءًا مِنْ خُصلات الشعر
وتُدلِّيهِ على جَبْهتها
لترى مِنْ بين أصابعِ قدميها
وجهًا
لم تشهدْهُ.. مِنْ قبل...!!
***
حِينَ أطلَّتْ جِنيَّاتُ البحرِ عليها
لمْ يسعفْهَا الوقتُ
لكي ترتديَ الثوبَ
وتلحقَ بالغُزْلانْ
انشطرَ الموجُ
قسقطَتْ
ورئيسةُ جِنيَّات البحر
تشيرُ إليهْا.. ضاحكةً:
-كُوني مِنْ حاشيتي..
وأطيعيني
ليبارككِ الرُّبُ..
ذا غُربالٌ مِنْ خَيطٍ ناعمْ
مُرِّي مِنْه.....
فمرَّتْ.....
وتحَسَّسَتِ الوجهَ
،الفخذَ
،الجسدَ جميعًا
شهقَتْ:
- ما أبهَايَ.. حَريرًا صِرتُ..!!
فماذا بعد..؟!
- نُورٌ يَغْمرُ وَجْهَكِ..
- ماذا بعد..؟!
- يا مَسرورْ
شُقّ الصَّدرَ لأُبْرِئَ قلبَ المَرأةِ
- ماذا..؟!
- بُرْءٌ مِنْ أدرانِ الدُّنيا
ذَا إِكسيرٌ مُرٌّ
لا تنزَعِجِي مِنْهُ..
ولتتَّزيَنْ كُلُ بناتِ الجِنِّ
لأجلِكْ
ولتَتَطيَّبْ..
هذا عُرسُكْ
ليسَ هناكَ عريسٌ ينتظرُكْ، ثَمَّةَ ضَوءٌ
طُهْرٌ يَتَلقَّفُكِ
فكُوني طوعًا
ليبارككِ الرَّبُ..
(بعد قليلْ..
مَوجٌ يُفْتَحُ..
مَوج يُغْلَقُ..
والأبواب – علَى قوَّتها -
مُتعلِّقَةٌ بين المَاءِ
وبين الماء
وإلى أعلى بابٍ رفعَتْ سبَّابتها اليُمْنَى..
طلبتْ مِنْ حُرَّاس القُبَّةِ أنْ يَفْتَحْنَ..
دخلتْ.. وعروس الليلةِ.. تَتْبَعُهِا..)
سألت:
- مَنْ هاتيك الغِيدُ..؟!
ومَنْ يَحْمِلنَ..؟!
- كُنَّ قديمًا مِثْلُكِ.. إنْسًا..
فتطهَّرْنَ..!!
والأطفالُ المحمولونَ
كواكبُ ضَلَّتْ
ونباتاتٌ خُضْر
أردنا أنْ نعَْتقَها
قبْلَ فواتِ الوقْتِ..!!
سَمِّ الله
وصَفِّ النَّفسَ
وتُوبي..
سوفَ يكُونُ حَليبُكِ عسَلاً
وبِزِنْدَيْكِ حًنانًا..
نُبْلاً..
ولِشَفَتَيْكِ بيانًا
،أحسنُ قوْلاً..
كُوني عَطْفًا..
،حُبًَّا.. قُبَلاً..
فالجَنَّات علَى أقدامِكِ نُثِرَتْ.
كُوني أَُمًَّا..
وفَقَطْ ...!!
---
سبتمبر /1995
---------------------------
 
شعر / شريفة السيد
من ديوان / الممرات لا تحتوي عابريها
ط/ دار غريب / مصر
1996
مع أجمل وأرق أمنياتي
شريفة
© 2024 - موقع الشعر