سفار الحياة - فريد مرازقة القيسي

سِفارُ الحَيَاة ( 100 بيت)
 
سِفَارٌ بُعَيْدَ العُمْرِ لَا غَرْوَ يُقْدِمُ
وَ لَوْ طَالَ عَيْشٌ فَالممَاتُ مُحَتَّمُ
وَ لَوْ كُنْتَ فِي هَذِي الحَيَاةِ مُبَجَّلًا،
سَتَغْدُو عَلَى نَعْشٍ وَ بِالدَّارِ مَأْتَمُ
سَتَمْضِي سُنُونٌ فِي مَحَبَّةِ زَائِلٍ
كَأَنَّكَ بِالفَانِي مِنَ القَبْرِ تَسْلَمُ
لِتُصْبِحَ فِي بَعْضِ القُمَاشِ مُكَفَّنًا
وَ تُسْأَلَ: "هَلْ آمَنْتَ؟ هَلْ أَنْتَ مُسْلِمُ؟"
خُلِقْتَ مِنَ المَاءِ المَهِينِ وَ لَمْ يَكُنْ
لَدَيكَ لِسَانٌ يَغْزِلُ القَوْلَ أوْ فَمُ
خَرَجْتَ إلى الدُّنْيَا ضَعِيفًا وَ صَارِخًا
وَ قَدْ كُنْتَ لَا تَبْكِي وَ مَا كُنْتَ تَفْهَمُ
رَأَيْتَ بِعَيْنَيْكَ الحَيَاةَ وَ نُورَهَا
بُعَيْدَ شُهُورِ الحَمْلِ وَ البَطْنُ مُظْلِمُ
فَسُبْحَانَ مَنْ أَحْيَاكَ مِنْ نَفْخِ رُوحِهِ
لِيَسْرِيَ دَوْمًا فِي شَرَايِينِكَ الدَّمُ
رَوَتْكَ مَنِ الأَهْوَالُ دُسَّتْ بِصَدْرِهَا
تَخَافُ إذَا شَافَتْكَ يَوْمًا تَأَلَّمُ
حَمَاكَ هِزَبْرٌ بِالحَيَاةِ وَ كُلُّ مَا
يَذُوقُ بِذِي الدُّنْيَا مَرِيرٌ وَ عَلْقَمُ
دُعَاؤُهُمَا أَنْ صُنْهُ فِي العُمرِ رَبَّنَا
مِنَ البُؤْسِ وَ الكِبْرِ الَّذِي لَيْسَ يَرْحَمُ
وَ جَنِّبْهُ أَحْزَانَ الرَّزَايَا وَ جُرْحَهَا
فَأَنْتَ بِضُرِّ الغَيْبِ وَ السِّرِّ تَعْلَمُ
حَبَوْتَ وَ بَعْدَ الحَبْوِ قَدْ صِرْتَ رَاكِضَا
تُسَابِقُ أَتْرَابًا وَ بالفَوْزِ تَحْلُمُ
ضَحِكْتَ وَ أَسْنَانٌ بِثَغْرٍ أَبَنْتَهَا
وَ مَا كُنْتَ تَدْرِي كَيْفَ يَضْحَكُ مَبْسَمُ
لَعِبْتَ وَ سَاوَيْتَ الزُّبَيْرَ بِعَبْلَةٍ
فَمَا كُنْتَ مِنْ حُسْنِ البَرَاءَةِ تَسْأَمُ
وَ هَا أَنْتَ تُخْفِي الآنَ مَكْرًا بِطِيبَةٍ
تُعَادِي وَ تَغْتَابُ الرِّجَالَ وَ تَظْلِمُ
قَرَأْتَ وَ بَعْدَ الجَهْلِ طَاعَتْكَ أَحْرُفٌ
فَصِرْتَ تَخُطُّ القَوْلَ بِالحِبْرِ تَرْسُمُ
نَطَقْتَ بِ(بِسْمِ اللَّهِ) مِنْ قَبْلِ مَأْكَلٍ
وَ آتَاكَ مِنْ فَضْلِ الإلَهِ المُعَلِّمُ
فَمَا قُلْتَ حَمْدًا للإلَهِ، شَكَرْتَهُ
عَلَى نِعْمَةٍ آتَاكَ فَالبَعْضُ يُحْرَمُ
وَ زَادَكَ رَبُّ الكَوْنِ بِالمَالِ رِفْعَةً
فَأَنْكَرْتَ فَضْلًا وَ الجَحُودُ سَيَسْقَمُ
بَلَغْتَ مِنَ العُمْرِ الشَّقِيِّ شَبَابَهُ
تَنَاسَيْتَ أَنَّ العَبْدَ حَتْمًا سَيَهْرَمُ
وَ رُحْتَ تُبَاهِي كُلَّ مَنْ جَارَ ضعْفُهُ
كَأَنَّكَ بِالدُّنْيَا الكَبِيرُ المُعَظَّمُ
جَعَلْتَ مِنَ الشَّيْطَانِ فِي العُمْرِ صَاحِبًا
صَدِيقًا وَ قَدْ وَاسَاكَ مَا كانَ يَزْعَمُ
سَتَصْلَى جَحِيمًا ثُمَّ تَذْرِفُ أَدْمُعًا
علَى صُحْبَةِ الخَنَّاسِ حَتْمًا سَتَنْدَمُ
قَضَيْتَ شَبَابًا فِي اللُّهِيِّ وَ لَهْوِهِ
وَ مَا مَنْ لَهَى بِاللَّهْوِ دُنْيَاهُ يَهْزِمُ
ظَنَنْتَ بِأَنْ لَا مَوْتَ يَأْتِيكَ فَجْأَةً
وَ أنْ لا بِيَوْمٍ فِي الحَيَا تَتَقَزَّمُ
بَنَيْتَ قُصُورًا لَسْتَ تَعْرِفُ عَدَّهَا
بِهَا الحُورُ أَتْرَابٌ وَ أَنْتَ المُنَعَّمُ
وَ لَكِنْ سَتَمْضِي بَعْدَ عُمْرٍ لِحُفْرَةٍ
تَضُمُّكَ كَيْ تَلْقَاكَ حُضْنًا جَهَنَّمُ
مُذِ اللَّهُ آتَاكَ الشَّبَابَ بِبَأْسِهِ
رَكَضْتَ وَرَاءَ الحُورِ مِنْهُنَّ تَغْنَمُ
فَسَمْرَاءُ عُرْبٍ أرْهَقَتْكَ بِخَانَةٍ
وَ شَقْرَاءُ غَرْبٍ تَزْدَرِيكَ وَ تُرْغِمُ
وَ أَنْتَ تَرَى فِي النَّفْسِ فَخْرًا مُزَيَّفًا
كَأَنَّكَ جَبَّارٌ وَ لَسْتَ سَتُقْصَمُ
سَتَفْقَهُ بَعْدَ المَوْتِ مَا قِيلَ سَابِقًا:
(يَمُوتُ بِدَاءِ القَلْبِ وَ العَقْلِ مُغْرَمُ)
جَمَعْتَ مِنَ المَالِ الحَرَامِ خَزَائِنًا
مُخَبَّأَةً مَا نِمْتَ وَ الكُلُّ يَحْلُمُ
تَبِيتُ عَلَى شَوْكٍ وَ خَوْفِ خَسَارَةٍ
وَ مَا قُلْتَ يَوْمًا : ذَاكَ مَالٌ مُحَرَّمُ
تَخَافُ مِنَ الحُسَّادِ حَتَّى تَسَتَّرَتْ
مَخَافَةَ أَنْ تَلْقَى عِتَابَكَ أَنْجُمُ
وَ لَكِنَّ بَعْدَ المَوْتِ مَالُكَ كُلُّهُ
أَكِيدٌ، عَلَى مَنْ خِفْتَ مِنْهُمْ يُقَسَّمُ
تَرَى الكُلَّ فِي الدُّنْيَا فُتَاتَ حِجَارَةٍ
كَأَنَّكَ فِي بُرْجٍ وَ غَيْرُكَ سُلَّمُ
عَلَوْتَ بِكِبْرٍ قُلْتَ : نَفْسِي كَرِيمَةٌ
وَ مَا الغَيْرُ فِي هَذِي الحَيَاةِ مُكَرَّمُ
وَ صَوْتُكَ مُذْ قُلْتَ الكَلَامَ مُدَثَّرٌ
إلَى حِينِ إقْبَارٍ سَتَبْقَى تُجَمْجِمُ
تَرَيَّثْ فَمَا دَامَتْ عَلَيْنَا وَ أَهْلِنَا
سَتُدْرِكُ هَذَا القَوْلَ يَوْمًا وَ تَفْهَمُ
بِعُمْرِكَ لَمْ تَسْجدْ وَ قَلْبُكَ مُؤْمِنٌ
كَأَنَّكَ مِنْ مُرِّ العَذَابِ سَتُعْصَمُ
تَظُنُّ صَلَاةً بِالرِّيَاءِ مَفَازَةً
مَكَانُكَ فِي صَفِّ الكِرَامِ مُرَقَّمُ
تُجَادِلُ فِي دِينِ الإلَهِ جَهَالَةً
وَ تُفْتِي بِلَا عِلْمٍ كَأَنَّكَ أَعْلَمُ
تُصَلِّي أَمَامَ الجَمْعِ صُبْحًا وَ مَغْرِبًا
وَ لَوْ نَابَ عَنْ حُسْنِ الوُضُوءِ التَّيَمُّمُ
أَلَا إنَّ دِينَ اللَّهِ دِينُ نَصِيحَةٍ
فَنَاصِحُ خَلْقِ اللَّهِ بِالنُّصْحِ يَسْلَمُ
وَ إسْلَامُنَا لِينٌ وَدِينُ تَعَامُلٍ
يُكَمِّلُ أَخْلاقًا وَ بِالعَدْلِ يَحْكُمُ
وَ لَكِنَّكَ اخْتَرْتَ المَظَاهِرَ مِنْهُ كَيْ
يُقَالَ : لَقَدْ فَازَ الكَرِيمُ المُكَرَّمُ
تَجَاهَلْتَ لُبَّ الدِّينِ فاظْفَرْ بِذُلِّهِ
وَ عِشْ لَاهِثًا فَالذُّلُّ لِلجَهْلِ مَحْرَمُ
دَخَلْتَ بُيُوتَ اللَّهِ وَ العَيْنُ هَمُّهَا
تَتَبُّعُ عَوْرَاتِ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا
كَأَنَّكَ فِي جَمْعِ الرِّجَالِ مُنَزَّهٌ
أَوَ أَنَّكَ لَمْ تُخْطِئ فَأَنْتَ المُكَلِّمُ
وَ أَرْهَقْتَهُمْ حَتَّى رَأَوْكَ كَبِيرَهُمْ
أُمُورَهُمُ وَلَّوْكَ عَلَّكَ تُكْرِمُ
فَأَرْهَقْتَهُمْ كِبْرًا وَ كُلُّ مُكَابِرٍ
سَيَبْقَى شَقِيًّا فِي الحَيَاةِ فَيَسْأَمُ
حَجَجْتَ بِلَا زَادٍ وَ مَا الزَّادُ صُرَّةٌ
بَلِ الزَّادُ خَيْرُ الفِعْلِ إنْ كُنتَ تَعْلَمُ
وَ طُفْتَ بِبَيْتِ اللَّهِ سَبْعًا مُبَاهِيًا
تُصَوِّرُ أَفْعَالًا وَ قَلْبُكَ مُعْتِمُ
تَقُولُ إلَهِي سَوْفَ يَغْفِرُ زَلَّتِي
وَ رُحْتَ هَدَايَا (الصِّينِ) حِينًا تُلَمْلِمُ
سرَقْتَ قنَانَ المَاءِ ثمَّ مَلَأْتَهَا
فَهَلْ يَغْسِلُ الآثَامَ- يَا عَبدُ- زَمْزَمُ!
تُدَثِّرُ جَهْلًا وَ الجَهَالَةٌ صُورَةٌ
عَلَى وَجْهِكَ المَطْبُوعِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ
تُنَافِقُ قَوْمًا كَيْ تَنَالَ مَآرِبًا
فَصَحْبُكَ فِي الدُّنْيَا النَّفِيسُ العَرَمْرَمُ
تُسَلِّمُ مَا فِي العَبْدِ رُمْتَ مَصَالِحًا
وَ لَسْتَ عَلَى مَنْ قَلَّ مَالًا تُسَلِّمُ
وَ يَا لَيْتَ مَنْ حَابَيْتَ يُوتِيكَ مَالَهُ
فَشِحِّيحُ نَفْسٍ لَيْسَ مَالًا يُقَدِّمُ
أَلَا إنَّ هَذِي الدَّار دَارُ تَفَاخُرٍ
وَ كُلٌّ بِهَا رَغْمَ الشَّقَاءِ مُتَيَّمُ
بِهَا العَبْدُ خَلْفَ الجَاهِ وَ المَالِ راكِضٌ
كَأَنَّ بِهَا فَوْزُ العِبَادِ هْوَ دِرْهَمُ
تَعِيشُ لَهَا دَوْمًا كَأَنَّكَ خَالِدٌ
وَ لَسْتَ عَلَى نِسْيَانِ أُخْرَاكَ تُؤْثَمُ
سَتَفْهَمُ مَا سَاوَتْ حَيَاتُكَ حِينَمَا
سِفَارُكَ بَعْدَ العَيْشِ بِالدَّفْنِ يُخْتَمُ
تُعَانِدُ مَنْ بِالمُوبِقَاتِ تَمَسَّكُوا،
تَرُومُ العُلَا دَوْمًا كَأَنَّكَ هَيْثَمُ
وَ تَحْسَبُ أَنَّ النَّسْرَ إنْ طَارَ عَالِيًا
فَمَا صَدْرُهُ بَعْدَ العُلُوِّ سَيُرْجَمُ
بَهَذِي الحَيَا تحْيَا النُّسُورُ كَأَنَّهَا
مُلُوكٌ وَ لِكِنْ بَعْدَ كِبْرٍ سَتَسْقَمُ
فَتَهْوِي عَلَى الأَرْضِ انْتِحَارًا مُعَجَّلًا
وَ تَضْرِبُ صَخْرًا بِالرُّؤُوسِ وَ تَرْطمُ
سَتَنْكِحُ مَثْنَى أَوْ ثُلَاثًا مِنَ النِّسَا
وَ أَيْضًا رُبَاعًا ثُمَّ زَوْجَكَ تَظْلِمُ
وَ تُنْجِبُ مِنْهُنَّ البَنِينَ مَجَامِعًا
تُبَاهِي بِهِمْ قَوْمًا عَلَيْكَ تَقَدَّمُوا
تُعَلِّمُهُمْ ظُلْمَ النِّسَاءِ وَ لَا تَرَى
بِأَنَّكَ مِنْ أُمٍّ أَتَيْتَ وَ تَنْقمُ
وَ تَنْسَى بِأَنَّ العَدْلَ أَصْلُ مَفَازَةٍ
فَنَلْ مِنْ بَنِينِ الصُلْبِ مَا قَدْ تَعَلَّمُوا
سَتُنْكِرُ صَحْبًا ثُمَّ تَمْحُو خِصَالَهُ
لِتَذْكُرَ فِيهِ السُوءَ بِالقَوْلِ: (أَرْقَمُ)
فَتَغْتَابُهُ حَتَّى تَرَاهُ مُهَدَّمًا
وَ لَيْسَ غِزَارٌ صُلْبَ صَخْرٍ سَيَهْدِمُ
أَمَا كُنْتَ فِي يَوْمٍ تُرِيدُ فَنَاءَهُ؟
وَ كُنْتَ عَلَى تَقْطِيعِ جَنْبَيْهِ تُقْسِمُ؟
سَتَبْقَى وَحِيدًا تَنْدُبُ الحَظَّ بَاكِيًا
فَمَوْتٌ بِأَصْحَابٍ مِنَ العَيشِ أَرْحَمُ
سِفَارُكَ فِي الدُّنْيَا كَعَيْشِ دَقِيقَةٍ
ثَلَاثُونَ قَدْ تَمْضِي وَ لَسْتَ سَتَعْلَمُ
وَ فِي نِصْفِهَا رَكْضٌ، مَنَامٌ وَ حِيرَةٌ
فَهَلْ أَنتَ مِنْ بَاقِي الثَّوَانِي سَتَغْنَمُ؟
تَرَيَّثْ فَإنَّ النَّائِبَاتِ كَثِيرَةٌ
وَ إنَّ بَنَاتَ القَلْبِ ظَهْرَكَ تَقْصِمُ
حَنَانَيْكَ! جُدْ بِالوَصْلِ بَعْدَ قَطِيعَةٍ
لَعَلَّكَ مِنْ نَارِ العَذَابِ سَتَسْلَمُ.
بِهَذِي الحَيَا مَا دَامَ عَبْدٌ بِمَرْكَزٍ
وَ لَا دَامَ عَرْشٌ للسَلَاطِينِ أَوْ هُمُ
سَلِ الوَقْتَ وَ التَّارِيخَ عَنْهُمْ وَ جَاهِهِمْ
وَ عَنْ بَأْسِهِمْ، حَتَّى عَلَى المَوْتِ أَقْدَمُوا
أَثَاررُوا حُرُوبًا بِانتِكَاسَةِ إصْبَعٍ
وَ لَيْتَ حُرُوبَ المُلْكِ بِالنَّيْلِ تُحْسَمُ
وَ لَكِنَّهُمْ حِينَ المَنِيَّةِ أَدْرَكُوا
بِأَنَّ هِزَبْرًا لَا مَحَالَةَ يُعْدَمُ
سَلِ الدَّهْرَ عَنْ نَمْرُودِ قْوْمٍ وَ رَأْسِهِ
وَ قَارُونَ مَنْ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ يُخْصَمُ
وَ سَلْ مِصْرَ عَنْ فِرْعَوْنَ أَوْ جَيْشِهِ الَّذِي
قَضَى نَحْبَهُ بِالبَحْرِ وَ المَوْجُ يَلْطمُ
كَذَلِكَ أَمْثَالٌ بَقُرْآنِ رَبِّنَا
تُرِيكَ رِجَالًا بَعْدَ بَأْسٍ تَأَلَّمُوا
دَوَامٌ لِحَالٍ مِنْ مُحَالٍ وَ إنَّهُ
صُخُورٌ بِأَرْضِ اللَّهِ بِالمَاءِ تُهْضَمُ
أَلَا إنَّنَا بَعْضُ التُّرَابِ وَ إنَّنَا
نَمُوتُ وَ يَبْقَى الغَيْرُ بِالمَالِ يَنْعَمُ
وَ مَهْمَا بَلَغْنَا مِنْ مَرَاتِبِ عِزَّةٍ
سَنَمْضِي وَ نُنْسَى ثُمَّ فِي الأرْضِ نُهْثَمُ
سَنَحْظَى بِشِبْرٍ بَعْدَ هِكْتَارِ تُرْبَةٍ
وَ مِنْ كُلِّ أَمْلَاكِ الدُّنَا الشِّبْرُ أَدْوَمُ
فَلَا مَالَ حِينَ المَوْتِ يَشْرِي حَيَاتَنَا
وَ إنْ قِيلَ "هَاتُوهُ" المَمَاةُ مُحَتَّمُ
أَيَا مَنْ تَرَى لَعْقَ النِّعَالِ مَفَازَةً
سَتُدْرِكُ أَنَّ الفَوْزَ بِاللَّعْقِ عَلْقَمُ
فَمَنْ كُنْتَ تَهْوَاهُ وَ تَلْعَقُ نَعْلَهُ
يَرَاكَ ذَلُولًا وَ الذَّلُولُ مُقَزَّمُ
سَتَبْدُو وَ تَعْلُو ثُمَّ تَبْلُغُ ذِي السَّمَا
فَعَنْ طِيبِ أَخْلَاقٍ بِكِبْرٍ سَتُحْجِمُ
وَ لَكِنْ سَتَبْقَى رَغْمَ عِزٍّ وَ رِفْعَةٍ
عَلَى اللَّعْقِ مَجْبُولًا لِأَنَّكَ مُجْرِمُ
تَرَى الكُلَّ مِنْ بُرْجِ التَّعَالِي وَ لَا تَرَى
سَمَاءً بِهَا شَمْسٌ وَ بَدْرٌ وَ أَنْجُمُ
تَلَظَّى كَنَارٍ فِي جِدَالِ تَفَاهَةٍ
وَ تُبْدِي كُسُورَ الغَيْرِ عَلَّكَ تَغْنَمُ
تَذُّمُّ وَ مَا ثَغْرٌ بِوَجْهِكَ مَادِحٌ
فَأَنْتَ عَلَى هَدْمِ الحُصُونِ لَمُرْغَمُ
فَإنْ بَانَ حِصْنٌ صِرْتَ أَنْتَ مُهَدَّمًا
وَ مَا عَاشَ فِي بُرْجِ النُّجُومِ المُهَدَّمُ
 
فريد مرازقة
© 2024 - موقع الشعر