الشُّهَدَاء - عبد الله جعفر محمد

(إلى شهداء إعتصام القيادة العامة)
 
دَقَّت سَاعَة الْمَأسَاة
كَانَ الْوَقْتُ مابين الهتافات الْأَخِيرَة وَالخلاص
الْكَوْنُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
والهتافات انْتِصَار الْحَرْفِ فِي وَجْهِ الرَّصَاص
الْحلم آخِر مَا تَوَسّد قَلْبُهم لِلنَّوْم
آخِر مَا تبْقى مِنْ صُرَاخ الرُّوح
لَمْ يَكُن الْمَكَانُ مُنَاسِبًا للغدر
لَكِن الشَّيَاطِينَ الْعَسَاكِرَ يَغْدِرُون
لَمْ يَكُنِ الزَّمَانُ مُنَاسِبًا لِلْقَتْلِ
لَكِن الطَّوَاغِيتَ الْعَسَاكِرَ يَقْتُلُون الفجر
دَقَّت سَاعَة الْمَأسَاة
كَان الكونُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
لَمْ يَكُنْ لِلْفَجْرِآذانٌ سِوى صَوْت الْعَسَاكِر يَصْرُخُون
يُكَبِّرُون اللَّه
كَانُوا يَقتلون الْكُلّ
يغتصبون عِنْدَ الْفَجْر أَحْلَام الصِّغَار
وَكُلَّ مَنْ نَامَت عَلى حُلمٍ وَفِي يَدِهَا نَشِيد الْفَجْر
كانُوا يَقْتُلُون الطهرَ وَالْأَطْفَالَ وَالْجَرْحَى
وَحُرَّاسَ الهتافاتِ المهذبةِ القصيد
لَمْ يَكُنْ لِلْفَجْرِ آذانٌ سِوَى هَمَس ارْتِعَاش الرُّوحِ
فِي صَخَبِ الدَّمِ المسكوب فَوْقَ الْأَرْضِ كَوثَر
لَمْ يَكُنْ لِلْفَجْرِ آذانٌ سِوى صَوْت الْعَسَاكِر يَصْرُخُون
يُكَبِّرُون اللَّه
حَتَّى فِي لحيظاتِ اِغْتِصَاب الطِّفْلَةِ السَّمْرَاء مَرْمَر
لَمْ يَكُنْ لِلْفَجْرِ آذان
سِوَى صَوْت الفجيعةِ فِي انْتِهَاكِ الْأَرْضِ وَالْعِرْضِ
جُرْحِ الْكِبْرِيَاء
اللَّهَ يَا تِلْكَ الدّمَاء
وَمَضَوْا كَآخِر مَا تَبْقَى مِنْ ضِيَاءِ الطُّهْرِ فِينَا لِلسَّمَاء
النِّيلُ كَانَ الشَّاهِدَ السَّرِيَّ يُخْفِي مَا تَبْقَى
مِنْ دِمَاءِ السُمرِ سِرًّا ثُمَّ يَهْمِسُ للضِفاف
هُم أَنْبِيَاءُ الْماءِ جَاءُوا مِثْل إِيمَاضِ الْبُرُوقِ عَلى جَبِين الْغيم
كَانُوا كالنسيمِ يراقصون الرُّوحَ فِي حَفْلِ انْتِصَارِ الْمَوْتِ
كانُوا بِضْع أُغْنِيَّة وَلَحْنٍ مِن زِفَاف
وَمَضَوْا لظلِ الْعَرْشِ
فِي يَدِهِمْ نَشِيدُ الرِّحْلَةِ الْكُبْرَى وَفِي فمهم هُتاف
الفجرُ كَانَ الشَّاهِد السَّرِيّ يُخْفِي مَا تَبْقَى
مِنْ دِمَاءِ السُمر سِرًّا ثُمَّ يَهْمِس للصباح
هُم أنبياءُ الصبحِ يحتشدون فِي دَمْع النِّسَاءِ الْأُمَّهَاتِ
وَيَشْتَرُون الْعَدْلَ بِالْمَوْت النَّبِيل وَيَرْحَلُون
كَالْبَرْقِ فِي لَيْلِ الْمدَارَاتِ الحزينةِ يُومضون
الوقتُ كَانَ الشَّاهِد السَّرِيّ
كَانُوا مِثْل أسرابِ النوارسِ
عِنْد شَط الْحُلمِ يَنْتَظِرُون قَاتِلَهُم ويبتسمون
كَانُوا مِثْلَ أنْفَاسِ الْوُرُودِ
يطرّزون الْحُلمَ فِي قَلْبِ النِّسَاء السُمر بِالْحُزْنِ الْبَهِيّ
ويحلمونْ..
بالْأَرْضِ تَشْهَدُ ضِدّ خائنها أمَام اللَّه
طُوبَى هُم الشُّهَدَاء لا زالوا
بذاكرةِ الشوارعِ يَجْلِسُونَ عَلَى الْمَتَارِيسِ المهندمة الْحِجَارَةِ
يحلمون
بِالنِّيل يَغْسِلُ وَجْهَ هذي الأرْض
مِن رِجْسِ الْعَسَاكِرِ وَالرصَاص
بِغَدٍ يَجِئُ لِينصِب الثوّارُ
عِندَ الْفَجْر مِقْصَلَةَ الْقِصَاص
© 2024 - موقع الشعر