رقص قافلة - عبده فايز الزبيدي

قَدْ يَخْشُنُ الدَّربُ والأميالُ جامدةٌ
تحتَ القوافلِ و السَّاعاتُ تَنتقلُ

دَربٌ قديمٌ يُنادِي سيرَها، ولَهَا
يُسرُّ سِرَّاً لهُ الأخْفَافُ تَحتفلُ

وردٌ وشوكٌ و حادٍ ثُمَّ مُنعطفٌ
وغايةُ السَّيرِ لَمْ يَحفلْ بها الكَسَلُ

فَفِي النَّهارِ لرِيحِ البِيْدِ هَمْهَمَةٌ
قامَ السَّرابُ و خُفُّ الرَّكْبِ يَشتعلُ

عندَ الغُروبِ سَمَا ظِلٌّ لراحِلةٍ
و برزخُ الوقْتِ مِنْ أَعرافهِ الخَجَلُ

تحتَ النُّجومِ ترى رَقْصَاً لقافلةٍ
قدْ هزَّها التَّلُّ والوديانُ والسُّبُلُ

وينطوي البُعْدُ في أحْدَاقِ قَافِلةٍ
إذا ثَنَى رُكْبَةً أوْ مَدَّها جَمَلُ

إلى الأمامِ مَسِيْرٌ كلُّهُ خَطَرٌ
أمَّا الوراءُ فلمْ تَعجزْ بِهِ الحِيَلُ

ذاكَ الطَّريقُ بدا في النَّفْسِ مُفْرَدَة:
ما أعذبَ السَّيرَ لولا التِّيْهُ والوَجَلُ

طالَ الطَّريقُ وثوبُ الليلِ سَربَلَهُ
نامَ الكلامُ ولمْ تَنعسْ لَهُمْ مُقَلُ

على الشِّفاهِ وفي الأحداقِ أغنيةٌ :
متَى المسيرُ إلى آمالِنا يَصِلُ ؟

وفي السَّديمِ قُبيلَ الفَجرِ أمنيةُ
تقودُ ركْبَاً وحِيْنَاً يكذبُ الحَبَلُ

تَستأذنُ الدَّربَ آمالٌ لقافلةٍ
فيأذنُ السَّهلُ لكنْ يَرفضُ الجَبَلُ !

لمْ يُقنعِ النَّفسَ مِنْ أسْفارِها سَفَرٌ
مَا مَلَّ رَكْبٌ ولكنْ مَلَّتِ الِإبِلُ

© 2024 - موقع الشعر