أيامن غمرت القلب مني محبة

لـ عبدالرحمن الجربوع، ، في العتب والفراق، آخر تحديث

أيامن غمرت القلب مني محبة - عبدالرحمن الجربوع

أيا من غمرتَ القلبَ مني محبةً
وألفيتُ نفسي في عيونٍ سواحرُ

أخاجلكَ النظْرَ حياءً وهيبةً
لعينيكَ إجلالٌ وفوحُكَ عاطرٌ

ملكتَ الخصالَ من حميدٍ ومرهفٍ
ولكنكَ في الهجرِ أنتَ الهواجرُ

تولعتُ فيكَ من خطاكَ لأنملٍ
ومنكَ العيونُ بالليالي سواهرُ

أراعيكَ من قلبي وقلبكَ مبعدٌ
كأن عروقَ القلبِ فيكَ ضوامرُ

وعمقُ الفؤادِ في حواريكَ سارحٌ
يراعيكَ قلبي والضلوعُ خوافرُ

تلوحُ بأطيافٍ عليّ وتذهبُ
فتبدأ تفيضُ منك فيكَ المشاعر ُ

لأنكَ مثلُ العينِ عالٍ مقامُها
فكمْ فيكَ شعراً دونتهُ المحابرُ

رحلتَ بقلبي تعلمُ أو ما تعلمُ
ويكفي هوى نفسي معاك أغامر ُ

وهذي هي القلوبُ عمياً كما ترى
فليت العقولَ تحتويها البصائرُ

ولو كانَ عقلي يحتويني لما طغى
عليهِ الفؤادُ ثم زالتْ أواصرُ

ولكنه خاضَ البحورَ لوحدهِ
وغاصَ بلجٍ جابرته المنائرُ

تلجُّ بهِ الأمواجُ في كلِّ ليلةٍ
ودار تْ بهِ لجاتُها و المخاطرُ

أجالسُ أصحابي وجسمي معاهمُ
وقلبي وحيدٌ غادر َ الجمعَ ظاهرُ

أكونُ بوسطِ الجمعِ شكلاً وإنني
أسجمُ فكري والشبابُ سوامرُ

تروح بي الأفكارُ معْ كلِّ هاجسٍ
وتغدو بذكراك عليّ الخواطرُ

وحتى إذا حانَ الحنينُ وشاجني
حسيبٌ منَ القلبِ وعمّتْ محاسرُ

وحتى إذا زاد الأنينُ وأغرقت
دموعي عيوني واسكبتها المحاجرُ

وراحت سنينُ العمرِ يومي بأمسك
وها نحنُ قطعاً لا تلوحُ البوادرُ

وكنتُ إذا ماشيتُ أرضاً سكنتَها
أسامرها مشياً تروق المناظرُ

وأشممتُ في دربي بواقي عطوركَ
وأُدخِلُها جوفي وزادت معاطرُ

أكاد أضيعُ الدربَ والنفسُ هائمة
وجسمي تفاديهِ عظامٌ جوابرُ

سطوتَ على قلبي زمانا مبعثرا
ملكتَ العروشَ واحتوتكَ المنابرُ

وليتكَ لم تعرفنِ في عصرِ ما مضى
وليتَ الدروبَ الماضيةْ لا تصادرُ

وأحلامُ وردٍ في هواكَ تناثرتْ
وزادتْ على القلبِ الحزينِ المخاسرُ

تخيلتُك بالحي والناسُ سالية
وريحُ الصبا من جوها تتحادر

وأوجفتُ في نفسي عليّ سكينةً
كأن اللقاءَ تجتبيه المقادرُ

مررتَ كما الغريبُ درباً حواليا
وأشرتَ عن بعدٍ سلامٌ مسايرُ

وأيقنتُ صبغَ الحبِّ فيني ملوِنْ
كما صبغةَ النهر على الماءِ صائرُ

ألفتُ منَ المكتوبِ ما كانَ هاديا
بأفواجِ همٍ كلُّ فوجٍ شواطرُ

وسادتْ علينا حكمُ أقدار ربنا
كما الحبُ ناشَ السابقينَ العوامرُ

وصرنا مع الأقياسِ في كلِ ماجرى
ومن في الورى كان هجيرٌ وصابرُ

ولم ألتقِ الريحَ الجنوبَ بوقتِها
ولكنها سادتْ علينا الأعاصرُ

ولم أنسَ يوما منكَ حباً الفتُه
ولم تجن لي حب الحبيبِ الثمائرُ

عبدالرحمن الجربوع
© 2024 - موقع الشعر